اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة مدار الساعة الإخبارية
نشر بتاريخ: ١٩ أيار ٢٠٢٥
مدار الساعة - كتبت: دكتورة ناديا محمد نصير - في مثل هذا اليوم، الثامن عشر من أيار، توقّف الزمن عند الساعة السابعة والنصف صباحًا.كانت العناية الحثيثة تغلق أبوابها على جسد أبي المتعب،وكان السرطان، ذلك العدوّ الخفيّ، يُعلن انتصاره الأخير على جسدٍ أنهكته الأيام، لكنه لم يُهزم يومًا في روحه.أبي، محمد نصير، لم يكن مجرد والد…كان وطناً وسنداً وجدارًا أستند إليه كلما مالت بي الحياة.وكانت خسارته كسقوط سقف البيت فوق رأسي،ولم يكن الفقدُ فقط غيابًا فيزيائيًا، بل انهيارًا داخليًا عميقًا، لم أستطع بعد أن أتعافى منه.لسنوات، قاوم المرض الخبيث بصمت لا يليق إلا بالكبار.كان السرطان يفتك بخلايا جسده، لكنه ظل واقفًا، متماسكًا، يبتسم كي لا يُقلق من حوله.كان يتألم في الخفاء، ويقابل الوجع بكبرياء الرجال،حتى حين اشتدّت عليه النوبات، كان يربّت على أيدي من حوله ويقول: 'الحمد لله… كل شيء بخير'.يا لصلابتك يا أبي…كنت تخفف عنّا ونحن نراك تتلاشى أمامنا،تُطَمئننا ونحن نشهدك تتألم،وتبتسم، وصدرك يختنق بالأنين.وفي فجر ذلك اليوم، شعرت الدنيا كلها تتوقف.كنت في العناية الحثيثة، محاطًا بأجهزة وإنذارات لا تصنع الحياة،كنت مستسلماً لله، هادئًا، كأنك على موعد مع الراحة.وحين أعلن الأطباء وفاتك عند السابعة والنصف صباحًا، شعرت أن ضلعي انكسر، أن ظهري قد انحنى، أنني صرتُ يتيمة وإن كنتُ راشدة.منذ رحلت، وأفتقدك في كل لحظة.أشتاق لصوتك… لحنانك… لقوتك…أشتاق حتى لصمتك الذي كان يسندني أكثر من كل الكلمات.كلما وقفتُ أمام قرار صعب، تمنّيتك إلى جواري،وكلما شعرتُ بالخوف، بكيتك من قلبي.يا أبي، خمسة أعوام مرّت وما زلت أحتاجك كما كنت،بل أكثر…فالدنيا أثقل مما توقعت، والمسؤوليات تزداد،ولا شيء يعوّض وجودك.كنتَ قوتي حين أضعف، وظهري حين أتكئ،وما زلتَ في دعائي كل ليلة، وفي حديثي مع الله،أطلب له أن يُنزل عليك الرحمة،وأن يجبر كسري بلقائك في الجنة.رحمك الله يا أبي،وغفر لك ما تقدم وما تأخر،وأنزل عليك نورًا لا ينطفئ في قبرك،وألحقني بك حيث لا وجع، ولا مرض، ولا فراق.طفلتك المدلله التي لن تمل عن الدعاء لك ناديا
مدار الساعة - كتبت: دكتورة ناديا محمد نصير - في مثل هذا اليوم، الثامن عشر من أيار، توقّف الزمن عند الساعة السابعة والنصف صباحًا.
كانت العناية الحثيثة تغلق أبوابها على جسد أبي المتعب،
وكان السرطان، ذلك العدوّ الخفيّ، يُعلن انتصاره الأخير على جسدٍ أنهكته الأيام، لكنه لم يُهزم يومًا في روحه.
أبي، محمد نصير، لم يكن مجرد والد…
كان وطناً وسنداً وجدارًا أستند إليه كلما مالت بي الحياة.
وكانت خسارته كسقوط سقف البيت فوق رأسي،
ولم يكن الفقدُ فقط غيابًا فيزيائيًا، بل انهيارًا داخليًا عميقًا، لم أستطع بعد أن أتعافى منه.
لسنوات، قاوم المرض الخبيث بصمت لا يليق إلا بالكبار.
كان السرطان يفتك بخلايا جسده، لكنه ظل واقفًا، متماسكًا، يبتسم كي لا يُقلق من حوله.
كان يتألم في الخفاء، ويقابل الوجع بكبرياء الرجال،
حتى حين اشتدّت عليه النوبات، كان يربّت على أيدي من حوله ويقول: 'الحمد لله… كل شيء بخير'.
يا لصلابتك يا أبي…
كنت تخفف عنّا ونحن نراك تتلاشى أمامنا،
تُطَمئننا ونحن نشهدك تتألم،
وتبتسم، وصدرك يختنق بالأنين.
وفي فجر ذلك اليوم، شعرت الدنيا كلها تتوقف.
كنت في العناية الحثيثة، محاطًا بأجهزة وإنذارات لا تصنع الحياة،
كنت مستسلماً لله، هادئًا، كأنك على موعد مع الراحة.
وحين أعلن الأطباء وفاتك عند السابعة والنصف صباحًا، شعرت أن ضلعي انكسر، أن ظهري قد انحنى، أنني صرتُ يتيمة وإن كنتُ راشدة.
منذ رحلت، وأفتقدك في كل لحظة.
أشتاق لصوتك… لحنانك… لقوتك…
أشتاق حتى لصمتك الذي كان يسندني أكثر من كل الكلمات.
كلما وقفتُ أمام قرار صعب، تمنّيتك إلى جواري،
وكلما شعرتُ بالخوف، بكيتك من قلبي.
يا أبي، خمسة أعوام مرّت وما زلت أحتاجك كما كنت،
بل أكثر…
فالدنيا أثقل مما توقعت، والمسؤوليات تزداد،
ولا شيء يعوّض وجودك.
كنتَ قوتي حين أضعف، وظهري حين أتكئ،
وما زلتَ في دعائي كل ليلة، وفي حديثي مع الله،
أطلب له أن يُنزل عليك الرحمة،
وأن يجبر كسري بلقائك في الجنة.
رحمك الله يا أبي،
وغفر لك ما تقدم وما تأخر،
وأنزل عليك نورًا لا ينطفئ في قبرك،
وألحقني بك حيث لا وجع، ولا مرض، ولا فراق.
طفلتك المدلله التي لن تمل عن الدعاء لك ناديا