اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٥ تشرين الأول ٢٠٢٥
الخزاعي: 57 جنسية تعيش في الأردن وتشكل ثلث المجتمع.. وتأثيرات ديموغرافية متزايدة على النمو السكاني والاستقرار الاجتماعي #عاجل
خاص – قال أستاذ علم الاجتماع البروفيسور محمود الخزاعي إنّ الأردن أصبح اليوم موطنًا لمزيج واسع من الجنسيات المقيمة على أراضيه، حيث يعيش فيه نحو 57 جنسية مختلفة، تشكل ما نسبته حوالي 31% من إجمالي سكان المملكة، أي ما يقارب ثلث المجتمع الأردني.
وأوضح الخزاعي ل الأردن ٢٤أن غالبية هذه الجنسيات جاءت من الدول العربية المجاورة والمحيطة بالأردن، مشيرًا إلى أنّ المملكة استقبلت خلال العقود الماضية موجات متتالية من الهجرة القسرية والطوعية، بفعل الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية التي عصفت بالمنطقة.
وبيّن الخزاعي أن حوالي 55% من الوافدين إلى الأردن قدموا بحثًا عن الأمن والاستقرار، بعد أن فقدوا ذلك في بلدانهم الأصلية نتيجة الحروب والنزاعات المسلحة والاضطرابات السياسية.
وأضاف أن القلاقل والمشاكل الداخلية واستمرار الثورات في عدد من الدول العربية الشقيقة دفعت أعدادًا كبيرة من المواطنين هناك إلى اللجوء أو الانتقال إلى الأردن، لما يتمتع به من أمان واستقرار نسبي مقارنة ببقية دول الإقليم.
وأشار إلى أنّ استمرار تدهور الأوضاع في تلك الدول جعل الكثير من الوافدين يبقون في الأردن لفترات طويلة جدًا، لافتًا إلى أن عدم وجود حلول جذرية للأزمات السياسية والاقتصادية في بلدانهم يمنع عودتهم ويجعلهم يتخذون من الأردن موطنًا دائمًا لهم ولأسرهم.
وقال الخزاعي إنّ العديد من المقيمين الأجانب في الأردن أصبحوا جزءًا من النسيج الاجتماعي، حيث اندمجوا في الحياة اليومية للمجتمع، وشاركوا في مختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والخدمية.
وبيّن أن كثيرًا من الوافدين لا ينظرون إلى إقامتهم في الأردن على أنها مؤقتة، بل يعتبرونها إقامة طويلة الأمد أو شبه دائمة، نتيجة صعوبة العودة إلى بلدانهم الأصلية التي ما تزال تعاني من اضطرابات وعدم استقرار.
وتحدث الخزاعي عن الجانب الاقتصادي للوافدين، مشيرًا إلى أن الأردن يشهد تنوعًا كبيرًا في سوق العمل بسبب وجود عمالة من جنسيات مختلفة، لافتًا إلى أن معظمهم يقبلون بأي نوع من الأعمال المتاحة في قطاعات الزراعة والبناء والخدمات والمطاعم وغيرها.
وأكد أن هذا الواقع يحمل وجهين؛ فمن جهة تسد العمالة الوافدة نقصًا في بعض المهن التي يعزف عنها الأردنيون، لكنها من جهة أخرى تؤثر سلبًا على معدلات البطالة التي تبقى مرتفعة ومتزايدة بين الأردنيين الباحثين عن عمل.
وأشار الخزاعي إلى أن نحو 89% من الجنسيات الأجنبية تتركز في أربع محافظات رئيسية هي:
العاصمة عمّان
موضحًا أن هذه المحافظات الأربع تُعد عصب وشريان الحياة الاقتصادية في الأردن، نظرًا لتوفر فرص العمل والبنية التحتية والخدمات التعليمية والصحية فيها.
وأضاف أن تركّز الوافدين في هذه المحافظات أدى إلى زيادة الضغط على الخدمات العامة والبنية التحتية، خصوصًا في مجالات المياه والكهرباء والتعليم والسكن.
وحذّر الخزاعي من أن تزايد أعداد المقيمين الأجانب ينعكس على عدة جوانب حياتية، مشيرًا إلى أن هناك أعباء متزايدة على المناطق السكنية بسبب الكثافة السكانية، إلى جانب ارتفاع استهلاك المياه والطاقة الكهربائية.
كما لفت إلى أن المدارس الحكومية تشهد ضغطًا كبيرًا نتيجة ازدياد أعداد الطلبة من أبناء الجاليات المقيمة، ما يشكل تحديًا أمام القطاع التعليمي والبنية التحتية القائمة في المملكة.
وتناول الخزاعي في حديثه ظاهرة الزواج المختلط بين الأردنيين والأجانب، مبينًا أن هذه الظاهرة أصبحت أكثر وضوحًا في السنوات الأخيرة، ولها تأثيرات اجتماعية وسكانية متعددة.
قال الخزاعي إنّ الأردنيات المتزوجات من أجانب يفضلن البقاء والإقامة داخل الأردن ولا يرغبن في مغادرة البلاد، نظرًا لوجود عائلاتهن واستقرار حياتهن الاجتماعية هنا.
أما بالنسبة لـ الأردنيين المتزوجين من أجنبيات، فأشار إلى أنهم يتمتعون بمرونة أكبر في اختيار مكان الإقامة، حيث يمكنهم العيش داخل الأردن أو خارجه تبعًا لطبيعة عملهم أو ظروف زوجاتهم.
وأوضح الخزاعي أن معظم الأردنيين المتزوجين من عربيات ارتبطوا بسوريات أو مصريات أو عراقيات أو فلسطينيات، مبينًا أن هذا النمط من الزواج يساهم في زيادة عدد السكان داخل المملكة ويؤدي إلى نمو طبيعي مرتفع خلال السنوات الأخيرة.
وأشار إلى أن هذه الزيجات العربية المشتركة تشجع على الاستقرار داخل الأردن، وتحدّ من الهجرة الخارجية، حيث يفضل الأزواج البقاء وتأسيس أسرهم داخل البلاد.
وقال الخزاعي إن هذا النمط من الزواج، إلى جانب استمرار وجود الوافدين، يساهم في رفع معدل الإنجاب وزيادة عدد المواليد، ما يؤدي إلى تغيرات ديموغرافية واضحة في تركيبة المجتمع الأردني.
وأضاف أن هذه التحولات تؤدي إلى نمو سكاني متسارع داخل المملكة، وهو ما يفرض على الدولة تحديات اقتصادية وخدمية جديدة تتعلق بالإسكان والتعليم والصحة والبنية التحتية.
وأكد الخزاعي أن هذه التحولات السكانية والاجتماعية، رغم صعوباتها، تعكس حيوية المجتمع الأردني وقدرته على التكيّف والاندماج، مشيرًا إلى أن الأردن أصبح نموذجًا إقليميًا في التنوّع والتعايش السلمي بين مختلف الجنسيات.
وختم الخزاعي حديثه بالتأكيد على أن الأردن يمثل اليوم نموذجًا فريدًا في المنطقة من حيث التنوع الاجتماعي والتعايش السلمي بين مختلف الجنسيات، مشيرًا إلى أن هذا التنوع، رغم ما يسببه من تحديات ديموغرافية واقتصادية، يعكس صورة إيجابية عن استقرار المملكة وقدرتها على احتواء الآخرين والعيش المشترك بسلام.