اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢٧ تموز ٢٠٢٥
اقتصاديات الخداع والتضليل حتى لا نقع فيها: مدينة فيريديا نموذجاً #عاجل
كتب أ. د. عبدالرزاق بني هاني -
بعد بحثٍ ودراسةٍ استمرت على مدار خمسة عقودٍ في غاردينا وأوستنشيا، وصلت إلى محطتي الأخير، وهي مدينة فيريديا (Veridia). وفيريديا هي مدينة الحقائق المُستترة، أو مدينة الحقائق المستورة، تحت غيوم الخداع والتضليل. وفي هذه المدينة تُثارُ في الذهن صورة رخاءٍ مزيف وازدهارٍ ظاهري، يذكّر بلون الدولار الأخضر، والنمو الخادع. ويوحي بقشرة من الحياة والصحة، تخفي وراءها مرضاً عميقاً ومتجذراً لمدينة أصبحت فيها الحقيقة كالجثة في قبر ضحل، بالكاد يواريها ستار رقيق.
هندسة الانحطاط:
تقدّم مدينة فيريديا نموذجاً دراسياً مثيراً للقلق العميق، ولكنه في الوقت ذاته جدير بالاهتمام، حول الانهيار الأخلاقي الممنهج. وللوهلة الأولى، قد تبدو فيريديا مدينة فاعلة، بل ونابضة بالحياة. قد يزدان أفقها بأبنية المستشفيات الحديثة وأبراج الشركات اللامعة، وقد تفاخر بكونها مركزاً إقليمياً للسياحة العلاجية والأعمال الدولية. لكن هذه الواجهة البرّاقة تخفي وراءها بنية مجتمعية نخرها الفساد من الداخل، عبر شبكة واسعة ومترابطة من الاستغلال والخداع. وفي هذه الصورة الملونة، والقاتمة في الوقت ذاته، يكتشف الباحث، صاحب العقل النابض، إذا اجتهد قليلاً، الأركان الأساسية لمجتمع فيريديا؛ الطب، والقانون، والمنصب العام، ليتبيّن له كيف أن تحلّل كل ركنٍ على حدة قد خلق نظاماً بيئياً ذاتي التعزيز من الاستغلال والخداع واليأس.
والعلة الأساسية التي تعاني منها فيريديا ليست مجرد وجود أفراد فاسدين، بل هي مأسسة الممارسات الفاسدة، لدرجة أنها أصبحت هي القاعدة والسلوك المعتاد. ليعمل المجتمع وفق مجموعة من القواعد الضمنية المنحرفة التي تقوّض الغاية ذاتها من وجود مؤسساته.
1.تحريف رسالة الطبيب والاستطباب: حيث تحوّل القطاع الطبي، الذي وُجد للحفاظ على الحياة، إلى سوق افتراسي.
2.قلب موازين العدالة: حيث أصبح النظام القانوني، المصمم لصون الحقوق، أداة بيد الأقوياء لاستغلال الضعفاء.
3.تفريغ العمل العام في المدينة من مضمونه: حيث أضحى المنصب العام، الذي يُفترض أن يكون للخدمة العامة، أقصر الطرق المؤدية إلى الثراء الشخصي غير المشروع.
تتغذى هذه المسارات الثلاثة للفساد من حالة رابعة شاملة، وهي ثقافة من الخداع المستشري. فيعمل جيش حقيقي من المُمكّنين والكاذبين والمدافعين عن الوضع القائم بلا كللٍ ولا ملل على طمس هذه الحقيقة، وهو ما يخلق حالة من التنافر المعرفي الجماعي. أما حكومة المدينة، التي تدرك تماماً عدم شرعيتها وفشلها، فتبحث بيأس عن أي شكلٍ من أشكال الإنجاز ولو في التافه من الأمور، وهي ظاهرة أطلقت عليها سياسة الإلهاء.
وجدت، عِبرَ خمسين عاماً من التحليل والملاحظة، بأن فيريديا ليست مجرد مجتمع فاسد، بل هي مجتمع أصبح فيه الفساد وكأنه نظام التشغيل أو المُحرك الأساسي. فقد تم تفكيك الثقة التي تشكل حجر الأساس لأي عقد اجتماعي سليم بشكل ممنهج، واستُبدلت بسخريةٍ عدميةٍ قائمة على المنفعة والافتراس. ولو قمنا بتشريح كل طبقة من طبقات هذا الانحطاط لفهم آلياته وعواقبه، لأدركنا المآل القاتم الذي ينتظر مواطني فيريديا.
الخيانتان التوأم: الطب والقانون:
تقع أعمق الخيانات في أي مجتمع عندما يتحول حُماته المفترضون إلى مفترسين. ففي فيريديا، أصبح مجالا الطب والقانون، اللذان يحملان واجباً مقدساً في الرعاية والدفاع، الساحتين الرئيسيتين للاستغلال.
أولاً) النفاق الأبقراطي: قطاع طبي تجاري بامتياز:
يُعرَّف النظام الطبي في فيريديا بـ ' تسليع المرض ' (Commodification of Illness). فالمبدأ الحاكم ليس شفاء المريض، بل تعظيم الربح من خلال وسائل غير أخلاقية، وغالباً غير قانونية. ويتجلى هذا في مخططين متمايزين ولكنهما مترابطان:
•شبكة الإحالات الداخلية: تُعد ممارسة الأطباء بإحالة المرضى إلى متخصصين أو لإجراء فحوصات تشخيصية مقابل عمولات (رشاوى) حجر الزاوية في فساد الرعاية الصحية المحلية. فالطبيب العام، على سبيل المثال، لن يحيل المريض إلى طبيب القلب الأكثر كفاءة، بل إلى الطبيب الذي يقدم له العمولة الأعلى. ولهذا الأمر عواقب وخيمة:
•إجراءات غير ضرورية: يخضع المرضى لفحوصات باهظة الثمن وقد تكون محفوفة بالمخاطر كالتصوير بالرنين المغناطيسي، والأشعة المقطعية، وفحوصات الدم) واستشارات لا مبرر طبي لها.
•تكاليف متضخمة: يتم تحميل تكلفة العمولة على فاتورة المريض، وهو ما يجعل الرعاية الصحية باهظة التكلفة ويزيد من المديونية الطبية.
•تآكل الثقة: لم يعد بإمكان المرضى الوثوق بالتشخيص الأولي لطبيبهم أو توصياته، ما يؤدي إلى حالة من القلق والشك المرضي. فالعلاقة بين الطبيب والمريض، المبنية على الثقة، أصبحت علاقة نفعية بحتة.
•فخ السياحة العلاجية: لقد تطور الفساد في فيريديا ليقتات على السوق العالمية. قد تشيد الحكومة بقطاع السياحة العلاجية كعلامة على النجاح، لكن الحقيقة هي وجود شبكة افتراس متطورة.
•السماسرة: يعمل وكلاء مدربون تدريباً خاصاً، غالباً ما يتقنون عدة لغات ويتمتعون بجاذبية خادعة، في المطارات والفنادق والمنتديات عبر الإنترنت. وهم قادرون على تحديد السياح العلاجيين المستضعفين؛ أولئك المرضى القلقون الذين يتواجدون في بلد غير مألوف.
•عملية الإيقاع بالضحية: يستخدم هؤلاء السماسرة مزيجاً من أساليب البيع القائمة على الضغط، والوعود الكاذبة برعاية عالمية المستوى، وأسعار خاصة، والمعلومات المضللة حول المستشفيات ذات السمعة الطيبة، وذلك لتحويل هؤلاء السياح إلى شبكتهم من الأطباء الذين يدفعون العمولات.
•الاستغلال: بمجرد وقوعهم في الفخ، يواجه السياح الانتهاكات نفسها، التي يتعرض لها السكان المحليون، متمثلة بالفواتير المتضخمة، وإجراءات غير ضرورية، ولكن بدرجة أكبر من الضِعِف بسبب افتقارهم إلى المعرفة المحلية وشبكات الدعم. وهذا لا يضرُ الأفراد فحسب، بل يُلحق ضرراً لا يمكن إصلاحه بسمعة المدينة أمام المُدن الأخرى، محوّلاً أصلاً محتملاً إلى مصدرٍ للخزي والعار.
ثانياً) التخلي عن رسالة الدفاع: نظام قانوني مُخترَق:
إذا كان النظام الطبي يخون الجسد، فإن النظام القانوني في فيريديا يخون الحقوق الأساسية للمواطن. فمفهوم واجب الأمانة، وهو الالتزام الأخلاقي للمحامي بالعمل لمصلحة موكله فقط، قد تم القضاء عليه تماماً واستبداله بالمصلحة الذاتية، حيث التآمر ضد الموكل، وهو الفعل الأكثر فظاعة. ويمكن أن يتخذ هذا أشكالاً عديدة:
كالتواطؤ مع الخصم: قد يقبل المحامي رشوة من الطرف المقابل لتقويض قضية موكله عمداً، وذلك عبر إضاعة أدلة رئيسية، أو تفويت المواعيد النهائية، أو تقديم حجج واهنة في المحكمة.
وإطالة أمد التقاضي لزيادة الأتعاب: قد يعمد المحامي إلى تعقيد قضية بسيطة، وتقديم التماسات لا طائل من ورائها وخلق تأخيرات لزيادة عدد الساعات التي يفوترها، مستنزفاً موكله مالياً.
وخيانة الأسرار: يتم بيع المعلومات السرية التي يقدمها الموكل أو تسريبها للمنافسين أو الخصوم لتحقيق مكاسب مالية. فيكون الأثر المجتمعي لهذا الواقع كارثي، بكل ما في الحال من معنى. فعندما لا يستطيع المواطنون الوثوق بممثليهم القانونيين، يصبح نظام العدالة برمته مهزلة. فهو لم يعد حكماً بين الحق والباطل، بل سوقاً تباع فيه العدالة لمن يدفع أكثر. وفيها لم يعد القانون درعاً للضعيف، بل أصبح هراوة في يد الأقوياء وذوي النفوذ. وبالنسبة لمواطن فيريديا العادي، فإن أبواب العدل موصدة في وجهه.
المدينة الكليبتوقراطية وسياسة الإلهاء:
الانحطاط في القطاعات المهنية هو في آن واحد سبب ونتيجة للتعفن على أعلى مستوى. وحكومة فيريديا ليست مزوداً للمنافع العامة، بل هي أداة للنهب الخاص.
ثالثاً) الحكم كمصدر للثروة: الجوهر الكليبتوقراطي
يعد مصطلح الخادم العام (Public Servant) في فيريديا مفارقة مؤلمة. فالمناصب الرفيعة، من المديرين إلى مديري الإدارات، لا يسعى إليها أصحابها بهدف الواجب المدني، بل يُنظر إليها على أنها فرص ذهبية للسلطة والمكانة الاجتماعية، والإثراء الذاتي. وأفضل وصف لهذا الشكل من الفساد الممنهج هو الكليبتوقراطية (Kleptocracy)، أي حكم اللصوص، وفيها تكون:
•آليات النهب: الأساليب متنوعة ووقحة. وتشمل اختلاس أموال الدولة، وطلب الرشاوى مقابل العقود العامة، والتلاعب في عمليات الشراء لصالح المحاسيب، واستخدام المعرفة الداخلية بمشاريع البنية التحتية المستقبلية للمضاربة على الأراضي. فالطريق السريع الجديد، على سبيل المثال، لا يتم التخطيط له بناءً على احتياجات حركة المرور، بل بناءً على الأراضي التي تمتلكها عائلة المسؤول.
•تجويع الدولة: لهذا الاستنزاف المستمر للأموال العامة تأثير معطّل على أهل المدينة. فبينما يبني المسؤولون فيلات فخمة، تنهار البنية التحتية العامة كالطرق والمدارس والأجزاء غير الفاسدة من نظام الرعاية الصحية. وتكون حكومة المدينة في أمس الحاجة المُستمرة إلى الأموال، ما يؤدي إلى إجراءات تقشفية تعاقب عامة الأهالي، بينما تظل النخبة في مأمن. وتصبح المدينة عاجزة عن أداء وظائفها الأساسية، وهو ما يخلق حلقة مفرغة يفقد فيها المواطنون كل إيمان بشرعيتها.
رابعاً) البحث اليائس عن النجاح: مصارعة الديكة والاعتزاز الوطني:
حكومة المدينة، التي تفشل في كل مقياس ذي معنى، كالصحة والاقتصاد، والتعليم، والرفاهية العامة، وسيادة القانون، لا تستطيع أن تسمح لأهل المدينة بالتركيز على هذه الإخفاقات. وهذا ما يؤدي إلى ظهور سياسة الإلهاء، وهي استراتيجية ساخرة لتصنيع شعور بالفخر الوطني والنجاح من مصادر تافهة، وغالباً ما تكون وضيعة.
•مصارعة الديكة: المثال المستخدم حول احتفال حكومة المدينة بانتصار في مصارعة الديكة هو استعارة مقصودة. فهذا نجاح لا يتطلب بنية تحتية، ولا رأس مال فكري، ولا نزاهة أخلاقية، ولا استثماراً طويل الأمد. إنه نصر بدائي، بسيط، ويقدم إثارة لحظية وعاطفية.
•تصنيع القبول الشعبي: من خلال رفع مثل هذه التفاهات إلى مستوى الأهمية الوطنية، تحاول حكومة المدينة تحقيق عدة أهداف، ومنها:
تحويل الانتباه: تمتلئ التغطية الإعلامية بـ البطولة، ما يدفع بقصص الفساد وعدم الكفاءة بعيداً عن الصفحة الأولى، في الصحيفة اليومية الوحيدة في فيريديا، وأظن بأن اسمها كان صحيفة حق المواطن!
توحيد الجماهير: تخلق رواية مبسطة قائمة على نحن ضد هم يمكن أن توحد الناس مؤقتاً خلف قضية مشتركة لا معنى لها، ما يعزز شعوراً أجوف بالوطنية.
استعراض القوة: تسمح للمدراء في المدينة بالوقوف أمام الكاميرات والتحدث عن النصر وتفوق مدينة فيرديا على كافة المُدن القريبة منها، وهو ما يخلق وهماً بالكفاءة والسيطرة.
هذه الاستراتيجية مدمرة للغاية. فهي تساهم في تسطيح وعي المواطنين وتدجينهم، وتكييفهم لتقدير الاستعراض على الجوهر، ولاستمداد هويتهم الوطنية من مسابقات لا قيمة لها بدلاً من العدالة والابتكار والرخاء المشترك. إنها حكومة، بعد أن تخلت عن العمل الشاق لبناء أمة، تلجأ إلى إدارة سيرك.
النسيج الاجتماعي والتشخيص المستقبلي لفيريديا
العنصر الأخير والأكثر خبثاً في مرض فيريديا المجتمعي هو التكيف الثقافي مع هذا الواقع. يتم الحفاظ على هذا النظام من خلال شبكة واسعة من الخداع أصبحت مطبوعة في نسيج الحياة اليومية.
خامساً) تطبيع الخداع: مجتمع من الكاذبين
لا يمكن للفساد في الطب والقانون وإدارة المدينة أن يوجد في فراغ. فهو يتطلب هيكل دعم واسع من المُمكّنين، والمبررين، والأشخاص العاديين الذين يصبحون متواطئين من خلال صمتهم أو مشاركتهم.
منظومة الأكاذيب: تشمل هذه الشبكة:
إعلام مروّض: صحفيون يتقاضون أموالاً لتجاهل فضائح الفساد، وبدلاً من ذلك يكتبون مقالات إطراء للمدراء اللصوص، أو الأطباء المحتالين.
متحدثون رسميون وشركات علاقات عامة: محترفون تتمثل وظيفتهم في تحويل الإخفاقات الكارثية إلى تحديات، والسرقة الصارخة إلى مخالفات إدارية.
المواطن المتواطئ: أناس عاديون، يرون أن المدينة تعيش على انتصارات مزورة ، فيقررون أن طريقهم الوحيد للبقاء أو التقدم هو المشاركة فيها. فهم يدفعون الرشوة، ويكذبون في طلب توظيف، أو يرددون الرواية الرسمية للمدينة. لأن فعل عكس ذلك يعني المخاطرة بالإقصاء أو العقاب.
يخلق هذا مجتمعاً يعاني من عجز حاد في الثقة. فأصبحت التفاعلات الاجتماعية محكومة بالشك. قد تكون طيبة الجار مقدمة لعملية احتيال. وقد تكون نصيحة الزميل مدفوعة بالمصلحة الذاتية. وانطلاقاً من تخصصي في الاقتصاد القياسي، يمكنني نمذجة هذه الحالة من خلال مؤشر الثقة الاجتماعي في مدينة فيرفيديا (Veridian Social Trust Index) (VSTI) وهو مؤشر افتراضي، الذي أظنه موضوعياً بأنه سيكون حتماً سلبياً. ويمكننا تصوره على النحو التالي:
VSTI = f (IH, IL, IG) −Cp
حيث تمثل (IH) و (IL) و (IG) إلى مستويات النزاهة في مؤسسات الرعاية الصحية والقانون وحكومة المدينة، على التوالي. وكلها تقترب من الصفر في حالة فيريديا، بينما تمثل (Cp) التأثير السلبي المضاعف لثقافة الخداع المستشرية. والنتيجة هي مجتمع لا يكون فيه رأس المال الاجتماعي منخفضاً فحسب، بل هو آكّال أو مؤدٍ إلى الاهتراء والتآكل (corrosive) بلغة متخصصي الكيمياء. حيث تُبنى العلاقات على التواطؤ المتبادل بدلاً من الثقة المتبادلة.
مدينة على شفا الهاوية
مدينة فيريديا هي صورة لمجتمع مديني في حالة متقدمة من الانحلال. إنها ليست مدينة فاشلة بمعنى الحرب المفتوحة أو الفوضى، بل هي دولة جوفاء، حيث لا تزال المؤسسات قائمة لكن روحها وغايتها قد ماتت. فالطبيعة المتشابكة لفسادها تخلق نظاماً هائلاً يحمي نفسه بنفسه. فالطبيب الذي يرتكب خطأً مهنياً يحميه المحامي الذي يدفع له، والذي بدوره يحميه القاضي الذي رشاه، والذي عينه المدير الفاسد الذي تخدم مصالحه الإبقاء على الوضع الراهن. ومستقبل فيريديا محفوف بالمخاطر. فهناك ثلاثة مسارات محتملة:
- الانهيار الشامل: يصبح النظام افتراسياً وغير فعال لدرجة أنه لم يعد قادراً على إعالة نفسه، مما يؤدي إلى انهيار اقتصادي واجتماعي كامل.
- القمع السلطوي: لمنع الانهيار، قد يظهر مدير لا يرحم، يستبدل الكليبتوقراطية الفوضوية بسلطوية منظمة ذات قبضة حديدية تقمع المعارضة بفعالية أكبر.
- الإصلاح المؤلم: قد تنشأ حركة شعبية، ربما تشعلها مأساة لا تطاق. سيكون هذا المسار شاقاً ومحفوفاً بالمخاطر، لأنه سيتطلب مواجهة وتفكيك الشبكات المتجذرة التي تسيطر على كل مفاصل السلطة.
تقف فيريديا كتحذير صارخ. إنها تبرهن على أن البنية التحتية الأكثر حيوية لأي أمة ليست طرقها أو مبانيها، بل هي الروابط غير الملموسة للثقة والنزاهة. وبمجرد أن تتحطم هذه الروابط بشكل ممنهج، يكون المجتمع، بغض النظر عن مدى حداثته أو ثرائه الظاهري، قد تحول بالفعل إلى أطلال.