اخبار الاردن
موقع كل يوم -سكاي نيوز عربية
نشر بتاريخ: ٦ أب ٢٠٢٤
تتفاقم وتيرة التوترات الجيوسياسية والمخاطر في منطقة الشرق الأوسط على نحو متسارع، والتي تفتح الباب بدورها أمام سيناريوهات تصعيد محتملة تنعكس بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية، لا سيما فيما يخص القطاعات الأكثر تعرضاً لتلك الاضطرابات، وعلى رأسها قطاع الطاقة.
في هذا السياق، حلل تقرير لصحيفة 'هاآرتس' الإسرائيلية، السيناريوهات المحتملة بخصوص ما إذا دمر حزب الله منصات الغاز الطبيعي الإسرائيلية.. وبدأ التقرير بالإشارة إلى أنه:
وبحسب التقرير، فإنه 'يمكن لإسرائيل زيادة استخدامها للفحم، ولكن ليس بطريقة تلبي جميع احتياجات البلاد'، وسيتعين على محطات الطاقة التحول إلى الديزل، وبصرف النظر عن سعره المرتفع، فإن هذا من شأنه أن يسبب عدداً من التحديات الأخرى. وتشمل هذه المخاطر الاحتفاظ بمخزون كاف، وزيادة التآكل والتلف في توربينات المحطات.
ومن المرجح أن تؤدي الحرب الشاملة في الشمال إلى انقطاع التيار الكهربائي المبرمج والمجدول مسبقاً من أجل إدارة قطاع الطاقة في البلاد لعدة أسابيع.
كذلك من المحتمل أن تكون الأضرار غير المباشرة أكبر؛ إذ ستطلب شركات الغاز الطبيعي تعويضات عن الأضرار المالية التي تكبدتها.
تقوم منصات الغاز الطبيعي قبالة سواحل إسرائيل بعمليات فنية لمعالجة الغاز الطبيعي المنتج من الآبار؛ مثل فصل السوائل (المياه والنفط) عن الغاز، وتوزيعه على العملاء.
في حالة الطوارئ، يمكن لوزير الطاقة أن يأمر بوقف صادرات الغاز الطبيعي، مما يتيح الأولوية للسوق المحلية. وقد حدث ذلك في أكتوبر عندما تم إغلاق منصة تمار لمدة شهر بسبب مخاوف من هجوم. وقد ملأت ليفياثان الفجوة ولم تكن هناك مشاكل كبيرة في سوق الطاقة المحلية.
ويضيف التقرير: 'حتى الآن، لا نعرف أن شظايا قد أصابت منصة تمار، وكان التحرك لإغلاقها بناءً على مخاوف تتعلق بإمكانية حدوث أضرار.. يبدو أن إغلاق واحدة أو اثنتين من المنصات هو سيناريو مطروح، وهو ما شهدناه بالفعل. ومع ذلك، فإن إغلاق جميع المنصات الثلاثة هو سيناريو متطرف لم نشهده بعد في زمن الحرب. ومع ذلك، لا يزال يمثل سيناريو محتملاً قد يؤثر بشكل كبير على الإسرائيليين'.
ونقل تقرير الصحيفة عن المدير التنفيذي لشركة إيكو إنرجي (شركة استشارات اقتصادية استراتيجية) والمحاضر في جامعة رايخمان في هرتسليا، أميت مور، قوله: 'أعتقد بأنه في بداية الحرب الشاملة مع حزب الله، سيأمر وزير الدفاع يوآف غالانت، شركة شيفرون وإنيرغيان بتعليق العمليات'.
ويضيف:
تتمتع المنصات بحماية نسبية، حيث تم استثمار أكثر من 3 مليارات شيكل في الدفاع عنها: 1.7 مليار شيكل (455 مليون دولار) لشراء أربع سفن بحرية، و1.5 مليار شيكل لشراء صواريخ اعتراضية، وأنظمة حرب إلكترونية وأنظمة أخرى.
لكن تماماً كما اخترقت طائرة مسيرة تابعة للحوثيين أخيراً قلب تل أبيب وضرب صاروخ من حزب الله ملعب كرة قدم في الجولان، من الواضح الآن 'أن لا نظام دفاعي' يمكن أن يوفر حماية بنسبة 100 بالمئة.
وفي هذا السياق، يقول مور: 'المنصات محمية نسبياً.. ومع ذلك، وفقاً للتقارير الأجنبية، يمتلك حزب الله صواريخ ياخونت روسية (مضادة للسفن) تلقاها من إيران تطير على ارتفاع الموج، مما يتفادى بعض أنظمة الدفاع الجوي.. وبالتالي، تظل المنصات معرضة للخطر.'
نقص حاد
وحول ماذا سيحدث إذا تم إغلاق جميع المنصات الثلاثة بسبب الحرب الشاملة؟ يشير التقرير إلى أنه إذا توقفت عن العمل لبضع ساعات، فمن المحتمل ألا يكون هناك تأثير ملحوظ. ولكن إذا استمر الإغلاق لعدة أيام أو أكثر، فإن إسرائيل ستواجه مشكلة على نطاق مختلف تماماً.
ولفهم نطاق الأضرار، يقول التقرير 'يمكننا فحص استهلاك الكهرباء في يوم عادي في يوليو.. على سبيل المثال، يوم الأربعاء الماضي، استهلكت البلاد حوالي 14.7 غيغاوات من الكهرباء حوالي الساعة 3 عصراً.. حوالي 9.1 غيغاوات من ذلك كان يتم إنتاجه من الغاز الطبيعي، والباقي من الطاقة المتجددة (3.8 غيغاوات) والفحم (1.5 غيغاوات)'.
على الرغم من أن ذلك يعتبر استهلاكاً مرتفعاً نسبياً، إلا أنه لم يكن ذروة إنتاج الغاز الطبيعي في ذلك اليوم. ففي حوالي الساعة 9 مساءً، أنتجت محطات الطاقة التي تعمل بالغاز الطبيعي 10.2 غيغاوات من أصل 13 غيغاوات مستهلكة، مع توليد الفحم حوالي 2 غيغاوات. بعبارة أخرى، على الرغم من أن الاستهلاك كان أقل في المساء، إلا أن الإنتاج من الغاز الطبيعي والفحم كان أعلى بسبب نقص الطاقة الشمسية بعد الغروب.
الحل الأول لنقص الغاز الطبيعي سيكون من خلال محطتي الطاقة التي تعمل بالفحم في إسرائيل: روتنبرغ في أشكلون وأورات رابين في حيفا. يمكنهما إنتاج الطاقة بشكل مستقر لعدة أسابيع بناءً على كميات الفحم المخزنة بجانبهما.
وبعبارة أخرى، حتى لو لم يدخل كيلوغرام واحد من الفحم إلى إسرائيل، فإنهما سيعملان بكامل طاقتهما لأكثر من شهر وبسعر معقول، وفق التقرير.
وبحسب شركة الكهرباء الإسرائيلية، فإن تكلفة الإنتاج من الفحم هي ضعف تكلفة الغاز الطبيعي. وبالمقارنة، تكلفة الإنتاج من الديزل أعلى بـ 16 مرة من تكلفة الغاز الطبيعي. بشكل إجمالي، يمكن لمحطات الطاقة بالفحم توليد ما يصل إلى 4.85 غيغاوات.
ويتحدث التقرير في هذا السياق عن عجز الطاقة الذي يُمكن أن يحدث، قائلاً: 'لنعد إلى ما حدث يوم الأربعاء الماضي في الساعة الثالثة بعد الظهر، فلتلبية استهلاك الطاقة في البلاد البالغ 14.7 غيغاوات، حتى إذا زاد الإنتاج من الفحم إلى 4.85 غيغاوات (بدلاً من 1.5 غيغاوات الأصلية)، مع 3.8 غيغاوات الناتجة من الطاقة المتجددة 'فإننا نصل فقط إلى 8.65 غيغاوات.. بدون الطاقة المنتجة من الغاز الطبيعي، سيكون هناك نقص بحوالي 6 غيغاوات. عند الساعة 9 مساءً، وسيكون النقص أكثر من 8 جيجاوات. كيف سنتعامل مع ذلك؟'.
خطط بديلة
في تصريحات خاصة لموقع 'اقتصاد سكاي نيوز عربية'، تقول خبيرة النفط والغاز، لوري هايتايان، إنه:
وتضيف: إذا دمر حزب الله المنصات الإسرائيلية وتدخلت إيران فحينها سيكون هناك ارتفاع أكثر للأسعار (عالمياً)؛ لأن إيران منتج ومصدر مهم أكثر من إسرائيل في النفط والغاز ولها تأثير عالمي أكثر على الأسعار العالمية والأسواق.
وتشير إلى أن ثمة سيناريوهين لتصاعد الأحداث وانعكاساتها على الأسعار عالمياً:
سيناريوهات التصعيد
بدوره، يقول الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة عامر الشوبكي، في تصريحات خاصة لموقع 'اقتصاد سكاي نيوز عربية':
ماذا عن مصر والأردن؟
يشدد على أن الأزمة سوف تنسحب على الأردن ومصر، ذلك أن الأردن يعتمد على الكهرباء من إنتاج الغاز الذي يأتي من إسرائيل (..) لذلك سيواجه انقطاعات في الكهرباء (..)، وسيكون الأردن قادراً على توليد الكهرباء لـ 6 ساعات في اليوم فقط، لوجود استخدامات للصخر الزيتي، ويستطيع الأردن أيضاً طلب كميات من الغاز الطبيعي المسال ولكن ذلك يحتاج إلى أسبوعين أو أكثر عن طريق السفينة العائمة في العقبة.
أما فيما يتعلق بمصر، فيوضح الشوبكي، أن الوضع الداخلي يمكن أن يتأثر بشكل واضح، فيما يلفت إلى أنه قد تم تدارك ذلك خلال أسابيع بزيادة طلبيات الشحنات من الغاز الطبيعي المسال لتعويض المفقود من الغاز القادم من إسرائيل، مردفاً: سواء الأردن أو مصر، فأمامها هذه البدائل، وتصاعد الأحداث سيكلف مبالغ طائلة على البلدين، وأسعار الغاز العالمية سترتفع بشكل واضح، وهذا بالتأكيد سيجعل أوروبا في حرج أيضاً.
سيناريو مطروح
من جانبها، تقول أستاذة الاقتصاد والطاقة بالقاهرة، وفاء علي، في تصريحات خاصة لموقع 'اقتصاد سكاي نيوز عربية': 'لا شك أن الأوراق اختلطت وكُسِرت عديد من القواعد في هذه المرحلة، التي تتصاعد فيها الأحداث والتوترات الجيوسياسية وحرب الطائرات غير المأهولة'.
وتضيف: 'يبدو وكأن الجميع استسلم لإطالة أمد الصراع (في الشرق الأوسط) وبالتالي تهديد أمن الملاحة والتجارة العالمية ومعه أهم ملف عالمي ألا وهو ملف الطاقة، الذي يؤثر بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية عالمياً وخصوصاً منطقة بؤرة الصراع الشرق الأوسط'.
وتستطرد: 'هذا يدفعنا إلى التساؤل عن السيناريوهات المحتملة إذا فكر حزب الله في ضرب منصات الغاز الإسرائيلية انتقاماً لما يحدث من اعتداءات من جانب إسرائيل، وهو تصور قد يكون صعباً ولكنه محتملاً، وقد يسفر عنه غلق أو ضرب ثلاث منصات غاز إسرائيلية وعلى رأسها منصة حقل كاريش'.
التصعيد هذا سيجعل ملف الغاز في المنطقة على حافة الهاوية، ذلك أن إسرائيل تعتمد بشكل مباشر في توليد الكهرباء على الغاز الطبيعي في حوالي أكثر من 70 بالمئة، بالإضافة إلى أن هذا الأمر سيرفع سعر الطاقة بأكملها وليس الغاز فقط، علاوة على الانقطاع الدائم للكهرباء، بالإضافة إلى أن منصات الغاز عند إصابتها بأضرار تحتاج إلى وقت طويل وستؤثر على دول الجوار التي تمدها إسرائيل بالغاز، بحسب أستاذة الاقتصاد والطاقة بالقاهرة.
وأشارت إلى أنه على الرغم من تمتع المنصات الإسرائيلية بنظام حماية ذاتي إلا أن المسيرات غير المأهولة أصبحت تخترق المجال (الجوي) ولا ترصدها القبة الحديدية، وحتى لو اعتمدت إسرائيل على بدائل أخرى من الفحم والديزل فسيكلفها ذلك كثيراً ولن يؤتى بثماره، وبالتالي فإن 'القوس مفتوح لكل الخيارات وسترتفع مع ذلك أسعار الغاز والنفط في ظل هذا التصعيد المستمر'.