اخبار الاردن
موقع كل يوم -سواليف
نشر بتاريخ: ٣ أيلول ٢٠٢٥
#سواليف
#اليرموك بين #العدالة_المفقودة و #الشفافية_الغائبة
بقلم: محرر شؤون #الجامعات
في الوقت الذي يتطلع فيه الوسط الأكاديمي إلى اختيار رئيس جديد لجامعة اليرموك، بما يليق بمكانتها كصرح وطني عريق، برز مشهد صادم وثّقته كاميرات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وأعاد إلى الواجهة سؤالًا مؤرقًا: هل ما زالت العدالة وتكافؤ الفرص مجرد شعارات للاستهلاك؟
المشهد بسيط في ظاهره، خطير في مضمونه. أحد المرشحين لرئاسة الجامعة، لا يزال يتردد على الوزارة بحكم موقعه السابق كأمين عام، وكأنما أبواب المؤسسة ما زالت مشرعة له. الأخطر من ذلك، أنه لم يكتفِ بالزيارة، بل أخذ يتصفح ملفات المرشحين الآخرين، ويطّلع على أوراقهم الرسمية، مستغلًا امتيازًا لا يتاح لغيره.
وهنا السؤال الجوهري: كيف يمكن الحديث عن منافسة نزيهة إذا كان أحد الأطراف يمتلك فرصة الاطلاع على أوراق منافسيه، بينما يُحرم الآخرون من ذلك؟ أي شفافية تبقى حين يفتح الباب لواحد فقط، بحجة 'كنتُ يومًا ما أمينًا عامًا'، فيما يُغلق في وجه الباقين؟
إن ما جرى لا يُعد مجرد مخالفة إدارية عابرة، بل هو خرق صريح للقيم التي يُفترض أن تقوم عليها مؤسسات التعليم العالي: النزاهة، العدالة، وتكافؤ الفرص. والأسوأ أنه يوجّه رسالة خطيرة مفادها أن النفوذ الوظيفي قد يتحول إلى وسيلة للتفوق على المنافسين بطرق غير مشروعة، لا بالكفاءة والجدارة.
جامعة اليرموك ليست مجرد مؤسسة تعليمية، بل هي بيت خبرة وذاكرة وطنية ومصنع أجيال. ومن هنا فإن السماح لمثل هذه الممارسات أن تمر دون محاسبة لا يضر المرشحين وحدهم، بل يضر الجامعة بأكملها، وطلابها، وأساتذتها، وسمعة التعليم العالي الأردني برمته. إنها ليست قضية شخص، بل قضية مبدأ، ومسألة ثقة.
فكيف يؤتمن على جامعة بحجم اليرموك من يتجاوز القيم قبل القوانين؟ كيف يُسلَّم مستقبل آلاف الطلبة إلى من يرى في الملفات الرسمية ملكية شخصية يتنقل بينها كما يشاء؟ وأي رسالة نبعثها للمجتمع الأكاديمي حين يُترك مثل هذا السلوك دون مساءلة أو ردع؟
إن المسؤولية اليوم تقع على عاتق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بل وعلى الحكومة أيضًا، لإعادة الاعتبار لمبدأ العدالة وتكافؤ الفرص، ولضمان أن تكون المنافسة على المواقع الأكاديمية الكبرى منافسة شريفة قائمة على الكفاءة والخبرة، لا على النفوذ والعلاقات.
إن ما جرى يجب أن يكون جرس إنذار، يذكّرنا بأن مستقبل الجامعات الوطنية لا يُبنى بالتحايل على القوانين، ولا بالاستفادة من مناصب سابقة، وإنما بالجدارة الحقيقية، والقدرة على القيادة، والإيمان العميق بقيم الشفافية والنزاهة.