اخبار الاردن
موقع كل يوم -زاد الاردن الاخباري
نشر بتاريخ: ١١ أب ٢٠٢٥
زاد الاردن الاخباري -
كتب : ماجد الفاعوري - من أنقاض غزة تصرخ الأرواح… لا نريد نصرا على الورق بل حياة على الأرض
حماس حركة الرب لا تخطئ هذا ما يروجه أنصارها وما تبثه أبواقها الإعلامية لكن في شوارع غزة وبين أنقاض البيوت المهدمة وبين أصوات الأمهات الثكالى والآباء المكلومين والنازحين المكدسين في الخيام والمشافي المزدحمة بالجرحى تتعالى صيحات كثيرة تقول حماس ليست منا لم تعد تمثلنا ولم تبق في قلوبنا إلا الخراب والخذلان لقد قيل إن ما جرى في السابع من أكتوبر كان فتحا من الله ونصرا مؤزرا ولكننا اليوم أمام واقع لا يقبل التزييف أكثر من مئة وخمسين ألف شهيد وأكثر من مئتي ألف مصاب وأكثر من تسعين في المئة من قطاع غزة صار ركام البحر من أمامنا والعدو من ورائنا والموت من كل الجهات والناس يبحثون عن أي طريق للخروج مما تبقى من جحيم الحرب لقد صارت فكرة أن حركة ما يمكن أن تكون معصومة من الخطأ وتملك تفويضا إلهيا مطلقا سلاحا خطيرا يقتل النقد ويخنق الحقيقة ويمنح القادة صكا أبيض لقيادة شعب نحو هاوية لا قرار لها
لقد قالت أم فقدت أبناءها الثلاثة تحت القصف والله ما عدنا نريد منهم شيئا سوى أن يتركونا نعيش وقال شاب يقف في طابور الخبز تحت المطر إنهم يتحدثون عن تحرير القدس بينما نحن لا نجد ما نأكله وقال طبيب في مستشفى الشفاء وهو يصرخ وسط ممر مليء بالجثث لا تحدثوني عن النصر وأنا أضع الأطفال في أكياس بلاستيكية وقالت امرأة عجوز فقدت بيتها للمرة الرابعة في حياتها يكفينا موتا يكفينا شعارات لقد تعبنا وأردفت فتاة جامعية كانت تحلم بالسفر لإكمال تعليمها صار البحر طريقنا الوحيد للخلاص وصار الخروج أمنية كل يوم
لقد حولت قناة #الجزيرة هذه الكارثة إلى مشهد انتصار ورفعت الرايات الخضراء على أنقاض البيوت وصورت مشاهد الجوع والعطش والنزوح كأنها فصول بطولة وكأن معاناة الأطفال والمسنين مادة دعائية للفرح الكاذب إن الإعلام الذي يزين الهزيمة ويبيعها في قوالب النصر الزائف شريك في الجريمة لأنه يغطي على المسؤولية الحقيقية ويدفن أصوات الناس التي تقول بصراحة كفى كفى موتا ودمارا وكفى استغلالا لدمائنا باسم المقاومة وحماس اليوم مطالبة بالاعتراف بأن الشعب الذي تحكمه ليس عبيدا في قافلة حرب لا نهاية لها بل هو صاحب الحق في الحياة والكرامة والقرار
إن خطاب حماس اليوم يعيش في عالم مواز للواقع فهي تتحدث عن توازن رعب وهي لا تملك ماء نظيفا لأطفالها وتعلن عن انتصار إلهي بينما كبار قادتها يعيشون في أمان الفنادق خارج غزة وتدعو الناس للصمود حتى النصر وهي تعلم أن بيوت الناس صارت قبورا وأن من تبقى في القطاع محاصر بين البحر والحدود المغلقة وبين الطائرات التي لا تغادر سماءه إن هذا الخطاب ليس إلا قناعا يبرر استمرار الحرب ولو كان في الأمر ذرة إخلاص لكان صوت الناس في غزة هو البوصلة ولما تُركوا وحدهم في هذا الجحيم
إن غزة اليوم لا تبحث عن حركة الرب ولا عن شعارات النصر الإلهي بل تبحث عن شربة ماء وعن سقف يحمي من المطر وعن أمان يوقف الطائرات وعن حرية تعيد لأطفالها حق الضحك تبحث عن حياة لا تحتاج فيها إلى انتظار هدنة أو منحة أو تصريح خروج تبحث عن زمن لا تكون فيه أداة في يد فصيل ولا ورقة في يد داعم خارجي تبحث عن خلاص من جحيم الحرب ومن سطوة من جعلوا موتها تجارة وشعارات وإذا كان الرب قد أرسل رسالته إلى عباده في غزة فإنها اليوم تقول بوضوح ارحموا هذا الشعب ودعوه يعيش