اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة مدار الساعة الإخبارية
نشر بتاريخ: ٧ أيار ٢٠٢٥
يُصادف شهر مايو من كل عام 'شهر التوعية باضطراب الشخصية الحدية' (Borderline Personality Disorder Awareness Month)، والذي يشكل فرصة حقيقية لإعادة النظر في طريقة فهمنا لهذا الاضطراب، بعيدًا عن التنميط المجتمعي أو الصور النمطية التي علقت به لعقود. فالشخصية الحدية ليست مجرد نوبات غضب أو اندفاعات غير مبررة، بل هي صرخة نفسية عميقة الجذور، ناتجة عن صدمات وتكوينات نفسية معقدة. ما هو اضطراب الشخصية الحدية؟ اضطراب الشخصية الحدية (BPD) هو أحد اضطرابات الشخصية المصنفة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM-5، ويتميز بنمط دائم من العلاقات غير المستقرة، وتذبذب صورة الذات، والانفعالات الشديدة، وسلوكيات اندفاعية.غالبًا ما يعاني المصابون من خوف عميق من الهجر، حتى لو كان حتميًا أو غير واقعي، ويميلون إلى رؤية العالم من منظور 'أبيض أو أسود'، أي كل شيء إما جيد تمامًا أو سيئ تمامًا.تظهر الأعراض عادة في أواخر سن المراهقة أو أوائل العشرينات، وتؤثر بشكل كبير على جودة حياة الفرد، علاقاته الشخصية، واستقراره النفسي والوظيفي.وفقًا لـ DSM-5، يتم تشخيص اضطراب الشخصية الحدية بوجود خمسة (أو أكثر) من الأعراض التالية:1. جهود محمومة لتجنّب الهجر الحقيقي أو المتخيّل.2. نمط غير مستقر من العلاقات الشخصية يتأرجح بين المثالية المطلقة والتقليل المفرط من قيمة الآخر.3. اضطراب حاد في الهوية وصورة الذات.4. سلوك اندفاعي في مجالات ضارة مثل الإنفاق، الجنس، تعاطي المواد، القيادة المتهورة، أو الإفراط في الأكل.5. تكرار محاولات الانتحار أو سلوك إيذاء النفس.6. تقلبات مزاجية شديدة (القلق، التهيج، الحزن) تستمر بضع ساعات إلى أيام.7. شعور مزمن بالفراغ الداخلي.8. غضب غير مناسب أو صعوبة في التحكم بالغضب.9. أفكار بجنون العظمة عابرة أو أعراض انشقاقية شديدة تحت الضغط.والسبب الدقيق وراء اضطراب الشخصية الحدية ما يزال غير مفهوم تمامًا، ولكن الدراسات تشير إلى تفاعل معقد بين عدة عوامل:الوراثة: تشير بعض الأبحاث إلى وجود ميل وراثي، خصوصًا في حالات وجود أقارب من الدرجة الأولى يعانون من الاضطراب.البيئة: تاريخ من سوء المعاملة، الإهمال، أو التعرض لصدمات في مرحلة الطفولة.العوامل العصبية: وجود خلل في بعض النواقل العصبية مثل السيروتونين، ومناطق الدماغ المرتبطة بتنظيم العاطفة.نظرة المجتمع: بين الوصمة والجهلرغم شيوع الاضطراب نسبيًا – حيث تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 1.6% من عامة الناس قد يعانون منه، وترتفع النسبة بين المرضى النفسيين إلى ما يزيد على 20% – ما يزال يرافقه وصمة اجتماعية كبيرة. يُنظر إلى الشخص الحدي غالبًا على أنه 'درامي'، 'متلاعب'، أو 'غير مستقر'، وهي نظرة ظالمة تتجاهل المعاناة الحقيقية خلف هذه السلوكيات، والتي كثيرًا ما تنبع من ألم داخلي لم يُحتوَ أو يُفهم. العلاج: أملٌ مشروطٌ بالفهم والدعم رغم صعوبة التعامل مع أعراض BPD، إلا أن الخبر السار هو أن هذا الاضطراب قابل للعلاج والتحسن بشكل ملحوظ، خاصة مع تدخلات علاجية مناسبة وطويلة الأمد. ومن أهم العلاجات:العلاج السلوكي الجدلي (DBT): الذي يُعد الأكثر فاعلية حتى الآن، ويركز على تعليم المهارات التنظيمية، والتعامل مع الانفعالات، وتحسين العلاقات.العلاج المعرفي السلوكي (CBT): لتصحيح الأفكار المشوهة والسلوكيات المؤذية.العلاج الدوائي: لا يُستخدم لعلاج الاضطراب نفسه، بل للأعراض المصاحبة مثل الاكتئاب أو القلق.العلاج النفسي الداعم والتحليلي: الذي يساعد على فهم الصدمات المبكرة والجذور النفسية للاضطراب. ماذا يمكننا أن نفعل في شهر التوعية؟ 1. التثقيف: نشر معلومات صحيحة وعلمية عن الاضطراب.2. كسر الوصمة: من خلال روايات حقيقية لأشخاص عانوا وتعافوا.3. دعم العائلات: بتوفير ورش عمل تساعدهم على التعامل مع أبنائهم.4. تدريب الاختصاصيين: خصوصًا في الطوارئ والعيادات النفسية على التعامل المناسب والرحيم.إن اضطراب الشخصية الحدية ليس حُكمًا بالإعدام العاطفي أو الاجتماعي، بل هو جرح مفتوح يحتاج إلى ضماد من الفهم، التعاطف، والعلاج العلمي. إن تخصيص شهر للتوعية ليس كافيًا لتغيير العالم، لكنه كافٍ لنفتح نافذة في جدار الصمت والخوف، ونعيد للشخص الحدي مكانته كإنسان أولًا، ومريض يستحق المساعدة ثانيًا.
يُصادف شهر مايو من كل عام 'شهر التوعية باضطراب الشخصية الحدية' (Borderline Personality Disorder Awareness Month)، والذي يشكل فرصة حقيقية لإعادة النظر في طريقة فهمنا لهذا الاضطراب، بعيدًا عن التنميط المجتمعي أو الصور النمطية التي علقت به لعقود. فالشخصية الحدية ليست مجرد نوبات غضب أو اندفاعات غير مبررة، بل هي صرخة نفسية عميقة الجذور، ناتجة عن صدمات وتكوينات نفسية معقدة.
ما هو اضطراب الشخصية الحدية؟
اضطراب الشخصية الحدية (BPD) هو أحد اضطرابات الشخصية المصنفة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM-5، ويتميز بنمط دائم من العلاقات غير المستقرة، وتذبذب صورة الذات، والانفعالات الشديدة، وسلوكيات اندفاعية.
غالبًا ما يعاني المصابون من خوف عميق من الهجر، حتى لو كان حتميًا أو غير واقعي، ويميلون إلى رؤية العالم من منظور 'أبيض أو أسود'، أي كل شيء إما جيد تمامًا أو سيئ تمامًا.
تظهر الأعراض عادة في أواخر سن المراهقة أو أوائل العشرينات، وتؤثر بشكل كبير على جودة حياة الفرد، علاقاته الشخصية، واستقراره النفسي والوظيفي.
وفقًا لـ DSM-5، يتم تشخيص اضطراب الشخصية الحدية بوجود خمسة (أو أكثر) من الأعراض التالية:
1. جهود محمومة لتجنّب الهجر الحقيقي أو المتخيّل.
2. نمط غير مستقر من العلاقات الشخصية يتأرجح بين المثالية المطلقة والتقليل المفرط من قيمة الآخر.
3. اضطراب حاد في الهوية وصورة الذات.
4. سلوك اندفاعي في مجالات ضارة مثل الإنفاق، الجنس، تعاطي المواد، القيادة المتهورة، أو الإفراط في الأكل.
5. تكرار محاولات الانتحار أو سلوك إيذاء النفس.
6. تقلبات مزاجية شديدة (القلق، التهيج، الحزن) تستمر بضع ساعات إلى أيام.
7. شعور مزمن بالفراغ الداخلي.
8. غضب غير مناسب أو صعوبة في التحكم بالغضب.
9. أفكار بجنون العظمة عابرة أو أعراض انشقاقية شديدة تحت الضغط.
والسبب الدقيق وراء اضطراب الشخصية الحدية ما يزال غير مفهوم تمامًا، ولكن الدراسات تشير إلى تفاعل معقد بين عدة عوامل:
الوراثة: تشير بعض الأبحاث إلى وجود ميل وراثي، خصوصًا في حالات وجود أقارب من الدرجة الأولى يعانون من الاضطراب.
البيئة: تاريخ من سوء المعاملة، الإهمال، أو التعرض لصدمات في مرحلة الطفولة.
العوامل العصبية: وجود خلل في بعض النواقل العصبية مثل السيروتونين، ومناطق الدماغ المرتبطة بتنظيم العاطفة.
نظرة المجتمع: بين الوصمة والجهل
رغم شيوع الاضطراب نسبيًا – حيث تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 1.6% من عامة الناس قد يعانون منه، وترتفع النسبة بين المرضى النفسيين إلى ما يزيد على 20% – ما يزال يرافقه وصمة اجتماعية كبيرة. يُنظر إلى الشخص الحدي غالبًا على أنه 'درامي'، 'متلاعب'، أو 'غير مستقر'، وهي نظرة ظالمة تتجاهل المعاناة الحقيقية خلف هذه السلوكيات، والتي كثيرًا ما تنبع من ألم داخلي لم يُحتوَ أو يُفهم.
العلاج: أملٌ مشروطٌ بالفهم والدعم
رغم صعوبة التعامل مع أعراض BPD، إلا أن الخبر السار هو أن هذا الاضطراب قابل للعلاج والتحسن بشكل ملحوظ، خاصة مع تدخلات علاجية مناسبة وطويلة الأمد. ومن أهم العلاجات:
العلاج السلوكي الجدلي (DBT): الذي يُعد الأكثر فاعلية حتى الآن، ويركز على تعليم المهارات التنظيمية، والتعامل مع الانفعالات، وتحسين العلاقات.
العلاج المعرفي السلوكي (CBT): لتصحيح الأفكار المشوهة والسلوكيات المؤذية.
العلاج الدوائي: لا يُستخدم لعلاج الاضطراب نفسه، بل للأعراض المصاحبة مثل الاكتئاب أو القلق.
العلاج النفسي الداعم والتحليلي: الذي يساعد على فهم الصدمات المبكرة والجذور النفسية للاضطراب.
ماذا يمكننا أن نفعل في شهر التوعية؟
1. التثقيف: نشر معلومات صحيحة وعلمية عن الاضطراب.
2. كسر الوصمة: من خلال روايات حقيقية لأشخاص عانوا وتعافوا.
3. دعم العائلات: بتوفير ورش عمل تساعدهم على التعامل مع أبنائهم.
4. تدريب الاختصاصيين: خصوصًا في الطوارئ والعيادات النفسية على التعامل المناسب والرحيم.
إن اضطراب الشخصية الحدية ليس حُكمًا بالإعدام العاطفي أو الاجتماعي، بل هو جرح مفتوح يحتاج إلى ضماد من الفهم، التعاطف، والعلاج العلمي. إن تخصيص شهر للتوعية ليس كافيًا لتغيير العالم، لكنه كافٍ لنفتح نافذة في جدار الصمت والخوف، ونعيد للشخص الحدي مكانته كإنسان أولًا، ومريض يستحق المساعدة ثانيًا.