اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢٩ تموز ٢٠٢٥
الأردن مع غزة... ولكن بمنطق الدولة لا بمنطق الفوضى والتحريض
الكابتن اسامة شقمان
في خطاب ألقاه مؤخرًا، وجّه خليل الحية، القيادي في حركة حماس، نداءً إلى الشعب الأردني، دعا فيه إلى 'التحرك' لنصرة غزة، مستخدمًا عبارات حملت بين سطورها لومًا وتلميحات بالتصعيد، وكأن المطلوب من الأردنيين أن يتجاوزوا دولتهم ومؤسساتهم، ويزجوا ببلدهم في مواجهة مفتوحة لا يُدرك أحد عواقبها.
وأنا أكتب هذه الكلمات، أعلم تمامًا أن البعض – وربما كثيرين – لن يكونوا مرتاحين أو 'مبسوطين' مما أقول. ولكن آن الأوان أن نضع العاطفة جانبًا، وننظر بواقعية وشفافية لما يُطلب منا. لنترك الشعارات والهتافات للحظة، ونسأل أنفسنا: هل يُريد منا السيد الحية أن نُشعل الشارع؟ أن نُدخل الأردن في فوضى؟ أن نضع أمننا واستقرارنا في مهبّ الريح؟ أن نتخذ قرارات انفعالية تضر بمصالحنا الوطنية والقضية الفلسطينية معًا؟
نقولها بكل صراحة: هذا الخطاب مرفوض شكلًا ومضمونًا. فالأردن، لم يتوانَ يومًا عن دعم أهلنا في غزة بكل ما نملك من إمكانات سياسية، وإنسانية، وشعبية. لا أحد يحتاج أن يُذكّرنا بفلسطين، فهي في قلب كل أردني، في ضميرنا، في تاريخنا، وفي مواقفنا الثابتة. ولكننا في الوقت نفسه نرفض أن يُفرض علينا أسلوب أو طريق لا ينسجم مع منطق الدولة ومسؤوليتها.
ما يُطلب منّا ليس دعمًا لغزة، بل زجًّا بالأردن في نفق مظلم، في فوضى لا مخرج منها، في معارك لا يملك أحد أن يقدر ثمنها. دعم القضية لا يكون بحرق بلدنا، ولا بتهديد استقراره، بل بالحفاظ على قوته ووحدته ومنع اختراقه.
الأردن وقف دائمًا في صف فلسطين. دعمناها في المحافل الدولية، رفضنا كل مشاريع التوطين والتهجير، أرسلنا المساعدات، وفتحنا المستشفيات، ودافعنا عن القدس، وتحملنا الضغوط الدولية دون أن نساوم على موقفنا. هذه هي القوة الحقيقية، لا الهتاف ولا التحريض.
نحن مع غزة، نعم. ولكننا أيضًا مع الأردن، وأي خطاب يتجاهل هذه الحقيقة هو خطاب مرفوض لا يخدم سوى أجندات الفوضى.
نحن نُناصر الحق، ولكننا نُناصره بحكمة، بعقل الدولة، لا بانفعالات الشارع.