اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٣٠ أب ٢٠٢٥
واشنطن وشريكها الصهيوني… من تجويع الفلسطيني إلى خنق صوته في الأمم المتحدة #عاجل
كتب -
لم يعد الاحتلال الصهيوني بحاجة إلى إخفاء مشروعه الإبادي ضد الشعب الفلسطيني، فها هي الولايات المتحدة تكشف ليلة الأمس، 29 آب/أغسطس 2025، شراكتها العلنية في هذه الجريمة. ففي قرار صادم، أعلنت واشنطن منع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأكثر من ثمانين مسؤولًا من دخول نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. خطوة تفضح نفاق الدولة التي تدّعي قيادة العالم الحر، بينما تتحول عمليًا إلى شريك مباشر في خنق الفلسطيني، تجويعه وإبادته جسدًا وصوتًا ومعنى.
أمريكا التي ترفع شعار 'حقوق الإنسان' و'القانون الدولي' في وجه خصومها، تسقط هذه الأقنعة عندما يتعلق الأمر بفلسطين. فهي تتحول عندها إلى أداة رخيصة في يد اللوبي الصهيوني.
بأي منطق تغلق الدولة المضيفة للأمم المتحدة أبوابها في وجه شعب كامل تحت الاحتلال؟
بأي حق تدوس واشنطن اتفاقية المقر (1947) التي تُلزمها بالسماح بدخول كل وفد أممي معتمد؟
كيف تعاقب الآخرين بحجة انتهاك القانون الدولي، بينما هي أول من يدهس هذا القانون عندما يخص إسرائيل؟
إنه النفاق الأمريكي في أبشع صوره: خطاب مثالي للعالم، وممارسة إقصائية ضد الفلسطيني الأعزل.
قرار 2025 ليس حادثة معزولة، بل امتداد لتاريخ أمريكي أسود في منع وإقصاء من لا يخدم أجندتها:
عام 1988: منعت واشنطن ياسر عرفات من دخول نيويورك، واضطرت الجمعية العامة إلى نقل اجتماعها إلى جنيف ليتمكن من إلقاء كلمته.
عام 2014: رفضت تأشيرة السفير الإيراني المقترح حميد أبو طالبی بحجة ارتباطه بأزمة الرهائن.
بين 2001–2011: انسحبت بالكامل من مؤتمرات مكافحة العنصرية لأنها لم تتحمل أن يُكشف الوجه الاستعماري لإسرائيل.
لكن المختلف هذه المرة أن الاستهداف ليس فردًا ولا مناسبة، بل القيادة الفلسطينية كاملة، في محاولة لخنق الصوت الفلسطيني ودفنه تحت أقدام الهيمنة الصهيو–أمريكية.
على الأرض، تمارس إسرائيل سياسة التجويع، الحصار، والقصف، فتسعى إلى قتل الجسد الفلسطيني. وفي المقابل، تمارس واشنطن جريمة موازية على المستوى السياسي: حرمان الفلسطيني من حق الكلام على منبر الأمم المتحدة.
إنها معادلة 'القتل المزدوج':
إبادة مادية بيد إسرائيل.
إبادة معنوية بيد أمريكا.
لم يكن القرار الأخير إلا وجهًا آخر لسلاح أمريكا الأخطر: حق النقض (الفيتو). فمنذ عقود، شكّل الفيتو الأمريكي جدار حماية لإسرائيل ضد أي إدانة:
تعطيل القرارات التي تجرّم الاستيطان.
إسقاط كل محاولة للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
تحويل مجلس الأمن إلى مسرح للقوى الخمس الكبرى بدلًا من أن يكون منبرًا للعدالة الدولية.
هكذا يتأكد أن النظام الدولي صُمم ليخدم القوي على حساب الضعيف، وليحمي القاتل على حساب الضحية.
اتفاقية المقر واضحة: الدولة المضيفة لا تملك حق منع وفود معتمدة. لكن واشنطن، بقرارها الأخير، أهانت الأمم المتحدة نفسها، وجعلتها رهينة لإملاءاتها السياسية. والأدهى أن الأمين العام علم بالقرار عبر وسائل الإعلام لا عبر القنوات الرسمية!
فهل ما زالت الأمم المتحدة مؤسسة أممية محايدة، أم مجرد منصة فارغة تُدار بريموت أمريكي لمصلحة إسرائيل؟
القضية لم تعد مجرد نقاش قانوني بل سؤال وجودي للعالم:
كيف يستقيم أن تبقى الأمم المتحدة في نيويورك، تحت رحمة دولة تستخدم التأشيرة كسلاح سياسي؟
أليس واجبًا نقل مقر المنظمة إلى دولة محايدة تضمن حرية الدخول لكل الشعوب؟
ألم يحن الوقت لإلغاء امتياز 'الفيتو' الذي جعل العدالة سلعة في يد خمس دول؟
الخلاصة: القرار الأمريكي الأخير ليس مجرد خطوة سياسية، بل شهادة خطية بأن واشنطن شريك كامل في مشروع الإبادة الصهيوني. إسرائيل تقتل الفلسطيني جسدًا، وأمريكا تقتله صوتًا، والأمم المتحدة تقف عاجزة كأضعف شاهد زور في التاريخ.
إن القضية الفلسطينية اليوم لم تعد فقط معركة على الأرض، بل معركة لإعادة تعريف العدالة الدولية نفسها: إما أن يتحرر العالم من نظام النفاق والهيمنة، أو يظل شاهدًا صامتًا على جريمة لا تنتهي.