اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ١٠ أب ٢٠٢٥
عندما يجتمع حب الجوع والراحة والمظاهر الخادعة
كتب وسام السعيد- في كثير من مجتمعاتنا، نشهد خلطة اجتماعية عجيبة تجمع بين ثلاثة أمراض مزمنة: الجوع، والكسل، والفشخرة الكاذبة. مزيج غريب يجعلنا نعيش مشهدًا متناقضًا؛ جيوب فارغة، طموح غائب، لكن مظهر خارجي يوحي بحياة الأثرياء.
الجوع هنا ليس دائمًا نتيجة الفقر أو الظروف القاهرة، بل في كثير من الأحيان نتيجة أولويات مقلوبة: بدل أن تُصرف الأموال على التعليم، أو مشروع صغير، أو تحسين مستوى المعيشة، تُهدر على هاتف حديث، أو وجبة في مطعم فاخر، أو حقيبة تحمل شعار ماركة عالمية حتى لو كانت مقلدة.
أما الراحة، فهي ليست استراحة المحارب بعد تعب طويل، بل راحة مزمنة لعاطل لم يدخل معركة الحياة أصلاً. شوارع مزدحمة بالمقاهي، جلسات طويلة أمام الشاشات، وقلة إنتاجية تكاد تصبح سمة عامة، بينما أحلام الثراء تتحول إلى أمنيات معلقة على الحظ أو القروض أو المساعدات.
وتأتي المظاهر الخادعة لتغلق الدائرة: سيارة فارهة بنظام التقسيط، بيت بالإيجار مؤثث بأثاث فاخر، حفلات وعزائم ممولة بالديون، وصور على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر حياة 'فخمة”، بينما الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك.
الخطير أن هذه الثقافة تنتقل إلى الأجيال، فينشأ جيل يعتقد أن النجاح يُقاس بعدد الفلاتر على الصور وعدد الإعجابات، لا بعدد الساعات التي عمل فيها بجد أو الإنجازات الحقيقية التي حققها.
وهكذا تتحول الفشخرة الكاذبة إلى أسلوب حياة، والكسل إلى عادة، والجوع إلى حالة طبيعية لا تثير القلق.
الفقر ليس عيبًا، والراحة ليست خطأ، والمظهر الجميل ليس مشكلة… لكن حين يتحول الفقر إلى فشخرة، والراحة إلى كسل، والمظاهر إلى كذب اجتماعي، نصبح أمة تتبختر نحو الهاوية وهي تبتسم للكاميرا.