اخبار الاردن
موقع كل يوم -الوقائع الإخبارية
نشر بتاريخ: ٢٩ أيلول ٢٠٢٥
الوقائع : نظمت مؤسسة إعمار إربد ومنتدى الدكتور محمد الحموري الثقافي، اليوم الاثنين، جلسة مناقشة وتوقيع كتاب 'شذرات من تاريخ الأردن' لمؤلفه رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبد الرؤوف الروابدة.
وقال الروابدة، في تعقيبه على كلمات المتحدثين في الجلسة التي أدارها أمين سر المؤسسة ورئيس مجلس المحافظة المهندس منذر البطاينة، إن المراد والغاية من الكتاب هي الإسهام في إلقاء الضوء على تاريخ الأردن، ومعاينة الحاضر، ومقاربة المأمول مستقبلاً، ليكون زاداً للأجيال المتعاقبة بالمعرفة الناصعة لتاريخ وطنهم ودوره ورسالته التي طالها التشكيك واعترتها الاتهامية وتزييف الوقائع والحقائق.
وأكد أن تاريخ الأردن ناصع البياض، وأن الأردن نشأ عروبياً وسيبقى عروبياً، ولن يتخلى عن هذا الدور والرسالة المنبثقة من ثورة العرب الكبرى التي قادها شريف مكة الحسين بن علي، وواصل ملوك بني هاشم الغرّ الميامين السير على هديها المستمد من هدي النبوة لرسول البشرية وحامل مشعل الخير والهداية والحق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأشار الروابدة إلى روايات بيّنت وجود الأردن جغرافياً منذ الحضارات القديمة مروراً بعهد الإسلام والخلافة الراشدية، ما يدحض أي مقولة مضللة بأن الأردن دولة مصطنعة.
وشدد على أن عروبة الأردن بُنيت على حساب هويته، وهو يعتز بذلك ولا يمنّ على أحد به، لكنه في ظل تحولات وتغيرات أثرت في طبيعة الصراع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي، استدعت التنبه لأهمية إبراز الهوية الأردنية كهوية جامعة لكل من يعيش على أرضه ويتمتع بحقوق المواطنة فيه، مؤكداً في الوقت ذاته أن الأردن لن يتخلى عن وحدة الهدف مع الأشقاء في الدفاع عن حقوقهم حتى إقامة دولتهم على أرضهم شركاء لا جيران.
ولفت إلى أن الأردن ذهب إلى اتفاقية السلام بعد أن وقع الشريك قبلنا، وذلك لتثبيت حدودنا والحصول على حصتنا من المياه واستعادة أرضنا، مؤكداً أن الأردن وفلسطين يد واحدة ووطن واحد، لكن الأوطان لا تعيش إلا بهوية واحدة بغض النظر عن المنابت والأصول، وهو ما يستدعي ترسيخه والاعتزاز بتاريخ وطننا. بدوره، أكد رئيس الوزراء السابق الدكتور بشر الخصاونة أهمية الكتاب كحاضنة معرفية ومنصة مشبعة بالحقائق تنصف الأردن تاريخاً ورسالة ودوراً منذ انطلاق ثورة العرب الكبرى التي قادها شريف مكة الحسين بن علي حتى وصلت الراية إلى جلالة الملك عبد الله الثاني. وأشاد الخصاونة بإصرار الروابدة على الدفاع عن الوطن وتاريخه، وتمسكه بدحض كل من يحاولون تشويه الحقائق ليبقى الأردن وطن العز والكرامة والعروبة. من جانبه، قال الرئيس الفخري لمنتدى الحموري الوزير الأسبق طارق الحموري إن الكتاب يبرز 'شذرات من تاريخ الأردن' للدكتور عبد الرؤوف الروابدة كصرخة وعي هادئة تعيد صياغة حكاية الوطن بأسلوب دقيق ومضبوط.
وأضاف أن الروابدة بهذا العمل أنتج مقاربة متأنية، تجريدية، تحفظ للناظر نظافة الفكر، وللقارئ وضوح المعنى، وللتاريخ نفسه احترام الذات. ولم يكتفِ بتوثيق ذاكرة الدولة، بل حرص على أن تكون ذاكرة واعية متماسكة تحاكي عقل العقلاء ومكنونات القلوب المثقفة، بعيداً عن الزخرفة وصارمة في صدقيتها.
وزاد الحموري: 'إننا نعيش في زمن تتسابق فيه الروايات وتتزاحم فيه الخطابات، حتى أصبح الوصول إلى الحقيقة مهمة معقدة تتطلب حسن اختيار المصادر وتمحيص المعلومة. وفي هذا الإطار، يأتي كتاب الروابدة ليكون مرجعًا يستند إليه الباحث، ومرآة يرى فيها المثقف نفسه ووعيه وعمق وطنه، ويعيده إلى جذور الوعي الوطني، حيث يبدأ من الحضارات القديمة مرورًا بالمراحل الإسلامية، ويصل إلى تأسيس الإمارة والدولة الحديثة، من دون تهويل أو تقليل، بل بعناية فكرية تضبط المسافات بين الواقع والرؤية'.
وأشار إلى أن الكتاب يمثل ثمرة خبرة طويلة، وصدقاً في التعبير، وجرأة في الطرح، ووعياً بحجم المسؤولية، ففي لحظة تعاني فيها الروايات الرسمية من التشتت، وتنتشر الروايات البديلة المغلفة بالسطحية، يأتي هذا الكتاب ليعلن بأدق الحروف أن السرد الوطني مسؤولية، وأن دقة التوثيق مفتاح لحفظ الهوية.
من جهته، قال الوزير الأسبق الدكتور عزت جرادات إن الكتاب يمثل حالة استثنائية في المشهد الثقافي الأردني، فهو لا يشبه كتابًا تقليديًا يعرض التاريخ كحكاية عادية، بل عمل ينسج بين السرد السياسي والتوثيق التاريخي، ويعكس تجربة فرد عاش الدولة وأحداثها عن قرب، فكان بذلك شاهدًا لا مجرد راوٍ. وأضاف أن هذه المكانة المتفردة جعلت منه مادة خصبة للنقاش بين المثقفين الذين وجدوا في 'شذرات من تاريخ الأردن' مدخلاً لفهم أعمق للأردن المعاصر، من دون تبسيط أو تزويق، ومن دون تجزئة الأحداث عن سياقها.
وأضاف: 'في طيات الكتاب نلمس حرصًا على توثيق الأحداث بطريقة تدفع القارئ إلى الانتباه لكل تفصيل، ولكل تحول في مسار الدولة، ولكل لحظة فكرية أو سياسية، عبر تركيب متوازن بين الفهم التاريخي وتحليل السياسة الواقعية، وهو ما يجعله أكثر من مجرد سجل، بل مدخلاً لفهم متداخل الأبعاد، يستدعي نقاشًا متجددًا، ويتطلب قراءة واعية، وهو ما يثير اهتمام الفئات المثقفة التي تبحث دومًا عن نصوص ترتقي بالمشهد الفكري الوطني'.
ولفت جرادات إلى أن الكتاب يتجاوز حدود التوثيق إلى فعل بناء وعي وطني مستنير، لا يغفل تعقيدات الواقع، ولا يتجاهل تحديات المستقبل، مؤكداً أنه شهادة ناضجة تطرح سؤال الهوية والسيادة والسياسة بكل ما تعنيه هذه المصطلحات من ثقل ومسؤولية.
وبيّن أن الكتاب يذكرنا بأن تاريخ الدولة هو تاريخ قرار، وأن سرد هذا التاريخ لا يمكن أن يكون عشوائياً، بل يحتاج إلى دقة وجرأة، وإلى صوت يستطيع أن يحكي القصة كما هي، لا كما يريدها البعض، وهو ينم عن إدراك عميق من الروابدة لحق الأجيال المتعاقبة في معرفة تاريخ الأردن ودوره منذ نشوء الحضارات ليشكّل زاداً لهم يمكّنهم من مجابهة من يخرجون علينا وتفنيد أكاذيبهم.