الرواشدة: «عيد الأم» يأتي محملاً بدموع أمهات الشهداء وأنين الأطفال

رم - اعتادت الثلاثينية «رهام» الابتعاد عن متابعة مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الفترة التي تسبق الاحتفال «بـعيد الأم» والأيام التي تليه بحوالي أسبوع؛ لما يتسبب بإعادة نزف جرح في قلبها لذكرى وفاة والدتها، رغم أنها تحاول تجاهل وتناسي هذا الحدث.

«رهام» ليست الوحيدة التي تمر بمشاعر مماثلة في هذه الفترة، فهناك كثيرون يعانون من ألم الفقدان، يشتاقون لأمهاتهم الأموات، أو يعانون من الابتعاد عنهن نتيجة ظروف حياة قاسية. وهذا الألم يتجدد في عيد الأم، ما يزيد مرارة الذكريات والحنين.

يحمل عيد الأم الذي يحل اليوم، وزنًا أثقل من الحزن والألم؛ نتيجة الأحداث المأساوية التي تجتاح قطاع «غزة»، من جرائم وحشية، ودمار هائل، وفقدان أرواح بريئة، وتشريد وتجويع مقصودين. وإلى جانب هذا السيناريو المأساوي، يعيش الأطفال والنساء تجربة مؤلمة للانفصال والغياب.

بدورها، قالت رئيسة قسم علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتورة ميساء الرواشدة إن ٢١ آذار كل عام، يوم استثنائي؛ فهو تاريخ ارتبط بكل معاني الحياة ليعظم هذا العطاء اللامتناهي الذي تقدمه الأم خلال حياتها.

وبينت في حديثها لـ'الرأي» أنه للأم دور محوري في حياة كل فرد منا، فهي مصدر العاطفة، والعطاء، والحنان، والوحيدة القادرة على توجيه ما لدينا من طاقات وقدرات.

وذكرت الدكتورة الرواشدة أن قوة عاطفة الأم تجاوزت جميع أشكال المشاعر ومعاني الحب، فالأم هي الحب غير المشروط الذي لا يفارقنا مدى الحياة كما هي السبب في استمرار الحياة.

وأشارت إلى الدور الذي تلعبه الأم، دور محوري تنموي قيادي، فلا نجاح ولا تميز إلا بوجود هذه القدرة الجبارة على العطاء.

وبينت أنه في كل عام يأتي يوم الأم؛ تكريما لهذا الجهد العظيم الجليل الذي تبذله الأمهات في سبيل راحة ورفعة أبنائهن وإشباع حاجاتهم المختلفة خلال رحلة حياتها منذ اليوم الأول من الحمل، وحتى وفاتها.

وتابعت: «لكل فرد منا أسلوبه الخاص في التعبير عن حبه وتقديره لهذا الجهد والعطاء اللامحدود، فكل معاني التكريم لا توفي ما تقدمه الأمهات من تربية ورعاية في سبيل راحة أولادهن».

وأكملت: «إلا أن البعض يرغب بتجاهل هذا اليوم؛ ليبقي على جرح الفقد مضمداً، فالحزن على من رحلوا من أمهاتنا لا يتوقف، إذ إنه الرحيل الأصعب الذي مهما حاولنا تجاهله ونسيانه يبقى حاضراً سريع الاسترجاع؛ ٢١ آذار وقت استرجاع الألم والذكريات لكل من فقد والدته، أو حُرم من العيش بكنفها».

وأشارت إلى أن هذا العام، وتحديدا هذا اليوم، يأتي حزيناً كئيباً محملاً بدموع أمهات الشهداء وأنين بكاء الأطفال الذين حرموا من أمهاتهم وكل ذنبهم أنهم ولدوا وعاشوا في «غزة».

من جانبه، قال المدير الإقليمي للإعلام والمناصرة في «اليونيسف» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا عمار عمار، إن أطفال قطاع «غزة»، يعيشون احدى أسوأ الأزمات الإنسانية التي شهدها العالم الحديث، وكابوس لا ينتهي من القتل والجرح المستمرين والظروف غير الإنسانية.

وبين في حديثه لـ «الرأي» أن القصف المتواصل على «غزة» ومنذ أكثر من 150 يوما، قد أدى إلى تبعات إنسانية هائلة، وأعداد هائلة من النساء والأطفال الذين فقدوا حياتهم.

وذكر أنه بحسب التقارير الواردة من وزارة الصحة الفلسطينية فإن أكثر من 31 ألف شخص استشهدوا منذ بداية العدوان، وتشكل 70% منهم نساءً وأطفالا، أي ما يقارب 13 ألف طفل، وأزيد عن 9000 امراة شهيدة.

وأشار «عمار» إلى أن النساء وبالأخص الحوامل منهن، تشكل نسبتهن إلى جانب الأطفال حديثي الولادة مصدر قلق خاص، إذ تقدر نسبتهن نحو 50 ألف امراة حامل في قطاع غزة.

وتابع أن هناك أزيد عن 180 امرأة، تنجب كل يوم، وهؤلاء النساء غير قادرات على الوصول إلى خدمات التوليد الطارئة التي يحتجن إليها للولادة بأمان، ورعاية أطفالهن حديثي الولادة.الراي