اخبار الاردن
موقع كل يوم -صحيفة السوسنة الأردنية
نشر بتاريخ: ١٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
يُعدّ قطاع العقارات ركيزة أساسية في أي اقتصاد، ولكنه في الوقت ذاته بيئة خصبة لنشأة العديد من الخلافات والمنازعات القانونية. تتنوع هذه المشاكل بتنوع العلاقات القانونية المتعلقة بالعقار، سواء كانت علاقات ملكية، أو تعاقدية (كالبيع والإيجار)، أو مرتبطة بحقوق الجوار والارتفاق.
الأنواع الرئيسية للمشاكل القانونية العقارية
يمكن تصنيف المشاكل العقارية الأكثر شيوعًا إلى عدة محاور رئيسية:
1. نزاعات الملكية وإثبات الحقوق
تُعدّ هذه النزاعات من أخطر القضايا وأكثرها تعقيدًا، حيث تدور حول أحقية شخص أو جهة معينة في ملكية عقار ما. تشمل:
إثبات الملكية: تنشأ عند وجود نزاع حول من هو المالك الحقيقي للعقار، وتتطلب تقديم وثائق رسمية (سندات التسجيل) وأدلة تثبت الملكية أمام الجهات المختصة (كالمحاكم أو دوائر الأراضي).
بطلان العقود العقارية: يحدث عند إبرام عقد بيع أو شراء أو تصرف عقاري بشكل يخالف الشروط الأساسية التي يوجبها القانون (كأن يكون أحد الأطراف قاصرًا، أو نقص في الأهلية، أو عدم التسجيل في الدائرة الرسمية). العقود الباطلة تكون غير صالحة قانونًا منذ بدايتها.
الشيوع والفرز (مشاكل الورثة): تنشأ النزاعات عندما يتملك أكثر من شخص عقارًا على الشيوع (بالاشتراك)، خصوصًا بين الورثة، حيث يصعب الاتفاق على كيفية إدارة العقار أو تقسيمه (فرزه) وتوزيع الحصص.
2. مشاكل البيع والشراء العقاري
ترتبط هذه المشاكل بالإخلال بالالتزامات التعاقدية بين البائع والمشتري، ومن أبرزها:
الإخلال بالالتزام: مثل عدم تسليم العقار في الموعد المتفق عليه، أو عدم دفع الثمن بالكامل، مما يخول الطرف المتضرر الحق في رفع دعوى للمطالبة بالتنفيذ أو الفسخ مع التعويض عن الضرر.
العيوب الخفية في العقار: اكتشاف المشتري لعيوب جوهرية في العقار بعد إتمام عملية الشراء لم يتم إخباره بها من قبل البائع، مما يفتح الباب لدعاوى المطالبة بإصلاح العيب أو التعويض أو فسخ العقد.
حق الشفعة: هو حق قانوني يمنح الشريك في عقار مملوك على الشيوع الأولوية في شراء حصة شريكه إذا باعها لغير الشركاء، لتجنب دخول غرباء في الملكية المشتركة.
3. نزاعات الإيجار (المؤجر والمستأجر)
تُعدّ العلاقة الإيجارية مصدرًا دائمًا للخلافات، وأكثرها شيوعًا:
عدم دفع الأجرة (الإيجار): وهو السبب الأبرز لدعاوى الإخلاء، حيث يمنح القانون للمؤجر حق المطالبة بالإخلاء والطرد في حال امتناع المستأجر عن سداد الأجرة.
الإخلاء لانتهاء مدة العقد: خاصة في ظل القوانين التي تنظم العلاقة الإيجارية وتحدد أسباب الإخلاء الحصري.
الإضرار بالعقار أو استخدامه لغير الغرض المتفق عليه: قيام المستأجر بإحداث تغييرات جوهرية أو استخدام العقار لأعمال تخالف ما نُص عليه في العقد.
الحلول القانونية والوقاية
تُعتبر الوقاية خير من العلاج في المجال العقاري، وتتمثل في:
التوثيق الرسمي: التأكيد دائمًا على أن أي تصرف قانوني يخص العقار (بيع، شراء، رهن) يجب أن يتم تسجيله في دائرة الأراضي والمساحة، لأن الملكية لا تنتقل قانونًا إلا بالتسجيل.
صياغة العقود: الاستعانة بخبراء قانونيين لصياغة العقود (عقود البيع، الإيجار، الرهن) بدقة عالية، وتضمينها شروطًا واضحة للالتزامات والجزاءات المترتبة على الإخلال.
فحص العقار والوثائق: قبل الشراء، يجب فحص العقار فعليًا للتأكد من خلوه من العيوب، وفحص سند التسجيل (قوشان) للتأكد من خلوه من أي قيود أو حجوزات أو حقوق للغير.
وفي حال نشوب النزاع، يتم اللجوء إلى آليات فض النزاعات، وهي:
التفاوض والوساطة: محاولة حل الخلاف بالتراضي بين الأطراف، بمساعدة طرف محايد غالبًا.
التحكيم: اللجوء إلى محكّم يتفق عليه الطرفان لإصدار قرار ملزم، ويُعدّ أسرع من التقاضي العادي في كثير من الأحيان.
التقاضي (المحاكم): اللجوء إلى القضاء المختص (عادةً محاكم البداية أو الصلح حسب قيمة الدعوى) لإصدار حكم قضائي نهائي وملزم.
خلاصة القول، التعامل مع العقارات يتطلب يقظة قانونية عالية. إن الالتزام بالإجراءات القانونية الرسمية، بدءًا من تسجيل العقود وحتى تسوية النزاعات، هو الضمانة الأساسية لحفظ الحقوق وتعزيز استقرار المعاملات في السوق العقارية.