اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
المدعية العامة الاسرائيلية يروشامي ..الوجه الآخر للجيش الذي لم يحتمل الحقيقة #عاجل
كتب زياد فرحان المجالي
بروكسل – بلجيكا
في إسرائيل، حين يختفي القاضي، لا يُسأل عن حياته بل عن ضميره.
المدعية العسكرية الإسرائيلية يفعات تومر يروشامي ليست شخصية عابرة في جهاز القضاء العسكري، بل واحدة من أكثر العقول القانونية تأثيرًا في ملفات الأسرى الفلسطينيين والانتهاكات داخل الجيش. اليوم، وبينما تتضارب الروايات بين القنوات الإسرائيلية — 'كان” التي تتحدث عن مطاردة بتهمة تسريب فيديو تعذيب في معتقل سديه تيمان، ووسائل أخرى تزعم انتحارها، و”القناة 12” التي تؤكد أنها ما زالت على قيد الحياة — تبدو الحقيقة أبعد من مجرد خبرٍ عابر.
المدعية التي كانت تتحدث يومًا عن 'القانون العسكري كدرعٍ يحمي شرف الجيش'، انسحبت بصمت من المشهد بعد أن شاهدت — وفق تسريبات داخل مكتبها — فيلمًا توثيقيًا سرّيًا يوثق لحظات تعذيب الأسرى الفلسطينيين داخل المعتقلات الجنوبية. مشاهد تتجاوز كل الحدود الإنسانية، وتكشف عن سلوك متطرف لا يمتّ بصلة إلى أي قانون أو شرفٍ عسكري.
ومنذ ذلك اليوم، دخلت في عزلةٍ كئيبة، رفضت الرد على اتصالات قيادتها، وأغلقت أبواب بيتها وسيارتها على صمتٍ ثقيل يشبه الانهيار الداخلي أكثر من أي 'انتحار”.
هذه الحادثة ليست استثناءً. فهي تعبّر عن تحوّلٍ عميق داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، التي لم تعد فقط متهمة بتجاوز القانون الدولي، بل بفقدان إنسانيتها من الداخل. تسريب فيديوهات التعذيب لم يكن مجرد 'خرق أمني”، بل انفجارًا أخلاقيًا داخل المنظومة التي شيّدت أسطورتها على فكرة 'الجيش الأخلاقي الوحيد في الشرق الأوسط'.
المدعية يروشامي تمثل الوجه الآخر للجيش الذي لم يحتمل الحقيقة. ضميرها لم يستطع التعايش مع المشاهد التي وثّقها الجنود بأنفسهم، والتي تكشف أن التعذيب في سديه تيمان لم يكن سلوكًا فرديًا، بل ممارسة ممنهجة مغطاة بقرارات صادرة من مستويات عليا. كان يمكن للنظام أن يحاكمها أو يكمم فمها، لكنه لم يستطع أن يتحمّل صمتها، فحوّلها إلى 'خبر مفقودة” في نشرات المساء، بين شبهة انتحار وتهمة تسريب.
القضية هنا ليست في مصير امرأة، بل في سقوط منظومة. فحين ينهار الضمير القضائي الأعلى في جيشٍ يدّعي الديمقراطية، فهذا يعني أن الجدار الأخلاقي قد تهاوى قبل الجدار الأمني. إسرائيل التي حاولت طوال حرب غزة أن تُخفي حجم التجاوزات، تواجه اليوم فضيحة داخلية أكبر من أي تقرير أممي أو إعلامي خارجي: شهادة من داخل النظام نفسه تقول إن العدالة لم تعد تُمارَس، بل تُدفن تحت أوراق التحقيقات المزوّرة.
في خلفية المشهد، يبرز سؤال أكثر قسوة: كم من 'يفعات” صامتة أخرى تخفيها المؤسسة العسكرية خلف الأقفال؟
الجواب ربما في ذلك الفيلم السري الذي لم يُعرض بعد،












































