اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ١٤ أب ٢٠٢٥
نتنياهو… “مهمة روحية” بوجه دموي وخنوع عربي
كتب عوني الرجوب
بينما يطلّ نتنياهو أمام عدسات الإعلام مزهوًّا وهو يتحدث عن 'مهمة دينية وروحية”، تتلطخ يداه بدماء الأبرياء، وتشتعل الأرض العربية تحت قصف طائراته ومدافعه. أي دين هذا الذي يُتَّخذ ستارًا للقتل؟ وأي روحانية هذه التي تُشاد فوق أنقاض البيوت وأشلاء الأطفال؟
غير أن الفضيحة الكبرى لا تكمن في جرائم الاحتلال وحدها، بل في الخنوع العربي المفرط الذي صار سمة بارزة لعصرنا. صمتٌ مريب، بيانات شجب باهتة، وأبواب تطبيع مشرعة في وجوه مجرمي الحرب، وكأن الأرض ليست أرضنا، والمقدسات ليست مقدساتنا. لقد تجاوز هذا الاستسلام حدود العقل والمنطق حتى غدا شراكة غير معلنة في الجريمة.
ومع ذلك، تقف غزة — تلك البقعة الصغيرة المحاصرة، التي لا تملك سوى الإيمان والكرامة — لتقلب الموازين، ولتكشف للعالم أن العدو الذي يتفاخر بجيوشه وأساطيله يمكن أن يُذل ويُهزم. غزة، برغم الجوع والحصار، مرغت أنف نتنياهو في التراب، وأجبرته على الانكسار، فهرع كالطفل الرضيع إلى أحضان أميركا، متوسلًا الخلاص من صمود أهلها.
أي مفارقة هذه؟ أرض صغيرة محاصرة تتحدى قوة نووية، بينما أوطان مترامية الأطراف، غنية بالموارد، تنحني بلا مقاومة. لقد أثبتت غزة أن العظمة لا تُقاس بمساحة الأرض ولا بعدد الدبابات، بل بإرادة القتال وصلابة الموقف.
إن التاريخ لن يرحم أمة تركت أضعف أبنائها يواجهون العاصفة وحدهم، بينما هي تكتفي بالمشاهدة، بل وتشارك أحيانًا في إطفاء جذوة المقاومة. والعدو اليوم لا يخفي أطماعه؛ فهو يخطط لابتلاع ما تبقى من فلسطين، ويجاهر — وعلى لسان المجرم نتنياهو نفسه — بسعيه الحثيث لتحقيق حلمه بإقامة 'إسرائيل الكبرى” التي تبتلع كامل فلسطين وأجزاء من سوريا ولبنان والأردن ومصر، وربما تمتد أطماعه يومًا إلى خيبر وبطحاء مكة.
ومع ذلك، ما زلنا غارقين في حسابات السلطة والبقاء، وكأننا لا نسمع ما يعلنه، ولا نبصر ما ينفذه. أما آن لنا أن نصحو من غفلة، قبل أن نصحو على واقع يكون فيه حلم نتنياهو قد أصبح حقيقة، ونحن غرباء في أوطاننا، أسرى في أرضنا، وأمواتًا بين الأحياء؟