اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
حين يعود الزمن بخطوات الالفين وحطبة
خلود العجارمه
كلما ناقشت ابنائي في موضوع ما لاسدي لهم نصيحة كانوا يقولون لي انتي يا امي تعتقدين اننا ما زلنا في زمن الالفين وحطبة وهذا جعلني افكر في الماضي واستعيد ذكرياتي في الالفين وحطبة التي يلجا اليها هذا الجيل وهو ساخر منا حتى اخذت بي الذاكرة الى شجرة السنديان تلك في الغابات البعيدة
في تلك اللحظة التي قالوا لي فيها تلك العبارة شعرت كان نافذة خفية انفتحت امامي نافذة لا يراها احد غيري كانت طفلتي القديمة تقف عند حافة الغابة وتلوح لي بيدها كانها تقول لقد طال غيابك عودي الي
كنت اسمع صوت ابنائي وهم يضحكون على كلامي لكن الصوت كان يتلاشى شيئا فشيئا ليحل مكانه صوت الريح القديمة وهي تمر بين اغصان السنديان صوت يشبه الهمس كان يدعوني للعودة الى تلك الطريق الترابية التي كنت امشي عليها حافية وكنت اظنها اطول طريق في العالم بينما هي لم تكن تتجاوز امتارا قليلة لكنها اليوم تبدو ابعد من العمر كله
كنت ارى نفسي الصغيرة تجمع الحطب بيدين نحيلتين واشعر بحرارة الخشب على كفي كانه ينبض بالحياة كنت اخاف من العتمة يومها لكنني كنت امشي نحوها بشجاعة طفلة لا تعرف غير ضوء قلبها لم نكن نملك وقتها شيئا سوى البساطة وكانت تكفينا وكانت شجرة السنديان هي وطننا الصغير نلجا اليه كلما ضاقت الحياة وتعبت ارواحنا
اتذكر كيف كان ظلها يشبه حضنا واسعا وكيف كان صوت العصافير فوقها يملا راسي بالاحلام كنت اعتقد ان العالم كله صالح وان الليل لا يخفي شيئا مخيفا وان البشر طيبون بالفطرة تلك كانت الالفين وحطبة حقيقتنا الصادقة التي لم نكن نعرف انها ستصبح يوما مصدر سخرية لجيل لم يختبر طعم البدايات البسيطة
وحين قال لي ابنائي انتي يا امي تعتقدين اننا ما زلنا في زمن الالفين وحطبة لم يغضبني ذلك بقدر ما جعلني ابتسم لانهم لا يعرفون ان الانسان كلما كبر عاد قلبه يبحث عن ذلك الزمن الذي يظنه صغيرا بينما هو اكبر ما فيه
اخذتني الذاكرة وانا اجلس امامهم وكنت اشعر ان السنديان يناديني من بعيد تلك الشجرة التي لم تهتز امام ريح ولا امام عمر مهما طال كانت ثابتة كما هي نصيحتي لهم ثابتة مهما تغيرت الايام ربما يضحكون الان ويرون انني اعيش في زمن اخر لكنني اعرف انهم حين يكبرون سيبحثون هم ايضا عن سنديانهم الخاص وسيكتشفون ان الالفين وحطبة ليس زمنا للسخرية بل زمنا للحنين وللبراءة وللصدق وللظل الذي يحميك من دون مقابل
وربما سيجلسون يوما مع ابنائهم ويعيدون ذات الجملة بسخرية عاطفية ليكتشفوا بعدها ان كل زمن يضحك عليه جيل يصبح بعد سنوات اغلى ما يملكه القلب
ذكريات












































