اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢١ تموز ٢٠٢٥
معرفة الحكمة والسبب من سؤال لماذا تستأذن الزوجة من زوجها في صيام القضاء ؟، تعد من الأمور الضرورية التي تساعد على الحرص واتباع أوامر الله تعالى والبُعد عن نواهيه، خاصة وأننا في آخر أيام شهر الله المحرم وهو من الأشهر الحُرم التي يتضاعف فيها الأجر والثواب وتغلظ فيه العقوبة كذلك، كما أن اليوم هو الإثنين، فقد تسعى بعض السيدات لجمع عدة فضائل بصيام اليوم ، وهنا تتسألن لماذا تستأذن الزوجة من زوجها في صيام القضاء ؟.
قالت دار الإفتاء المصرية ، إن التكثير من العبادات والقيام بالواجبات من المصالح الشرعية، والأصل في المصالح تحصيلها والحرص على تحقيقها، إلا أنه قد يطرأ على المكلف ما يحول دون الجمع بين طاعتين تَرغب فيهما نفسه، فلا يمكنه الإتيان بهما معًا، فيلزم حينها الترجيح بين ما يتسع وقته وبين ما يضيق وقته، فيُقَدَّم المضيق وقته مطلقًا ويؤخر عنه ما يتسع وقته؛ لأنه يمكن القيام به في وقتٍ آخر، وهذا من الأصول العامة التي يتفق عليها كلُّ ذي عقلٍ سليمٍ من البدء بالقيام بواجب الوقت، وهو ما يُعلَم أيضًا بفقه الأولويات.
وتابعت: ومما يستدل به على هذا الجانب الفقهي من الترجيح بين الطاعات إذا تزاحمتْ على المكلف: ما أخرجه الشيخان في 'صحيحهما' من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ».
وأشارت إلى أن المراد بالحديث النبوي الشريف: نهي المرأة في حال حضور زوجها عن صيام النافلة، وهو من الطاعات التي لا تتقيد بوقتٍ، وكذا صيام الواجب الذي يتسع وقته كقضاء رمضان إلا بإذن مِنه؛ لوجوب طاعته شرعًا في غير معصية؛ وذلك حتى لا يتزاحم عليها عدد من الحقوق في وقت واحد: حقُّ زوجها منها، وحقُّ ما شرعتْ فيه من الصيام، فيشق ذلك عليها، فيكون إذن زوجها لها بالصيام مُعَطِّلًا لحقِّه منها في وقت صيامها، حتى لا تتزاحم عليها الحقوق.
واستندت لما قال الإمام الخطابي في 'أعلام الحديث' (3/ 2001- 2002، ط. إحياء التراث الإسلامي): [قوله: «لَا تَصُومَ المرأةُ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ»، إنما هو التطوع دون صيام الفرض في شهر الصوم، فإن كان ذلك قضاء للفائت من فرض الشهر، فإنها تستأذنه أيضًا في ذلك ما بين شوال إلى شعبان.. وهذا يدل على أن حقَّ الزوج محصور الوقت، فإذا اجتمع مع سائر الحقوق التي تدخلها المهلة؛ كالحجّ ونحوه: قُدِّم عليها] اهـ، وقال الإمام النووي في 'شرحه على مسلم' (7/ 115، ط. دار إحياء التراث): [هذا محمول على صوم التطوع والمندوب الذي ليس له زمن معين] اهـ.
ونبهت إلى أن الصوم الواجب، ومنه القضاء، لا يلزم الزوجة استئذان زوجها الحاضر في صومه، موسَّعًا كان وقته أو مضيَّقًا؛ لأن الذمة مشغولة به، وهو ما ذهب إليه الحنفية والمالكية، وهو المختار للفتوى، بل نَصَّ فقهاء المالكية على أنه ليس للزوج أن يجبر الزوجة على تأخير ما عليها من رمضان إلى شهر شعبان.
ودللت بما قال العلَّامة الطحطاوي الحنفي في 'حاشيته على مراقي الفلاح' (ص: 641، ط. دار الكتب العلمية): [أما الفرض.. فلا يتوقف على رضاه؛ لأن تركه معصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق] اهـ. وقال العلَّامة العدوي المالكي في 'حاشيته على شرح الخرشي لمختصر خليل' (2/ 265، ط. دار الفكر): [(قوله: تطوع) أي: فلا تستأذنه في قضاء رمضان كان زوجًا أو سيدًا، وليس له أن يجبر الزوجة على تأخير القضاء لشعبان] اهـ. وقال العلَّامة الزرقاني المالكي في 'شرحه على مختصر خليل' (2/ 389، ط. دار الكتب العلمية): [وفهم من قوله: (تطوع) أنها لا تستأذن في قضاء رمضان زوجًا أو سيدًا، وهو كذلك، وليس له أن يجبر الزوجة على تأخير القضاء لشعبان] اهـ.
ولفتت إلى أنه ينبغي على المرأة أن تعرف كيف تُحصِّل من الخير الوجوه المختلفة، إذا راعت وقت حصولها، فتبادر بتحصيل ما حضر وقته وتَضَيَّق عليها، على ما كان لتحصيله أوقات كثيرة، وكذا مراعاة تقديم الأولويات والتوفيق بينها داخل الأسرة حتى تعمَّ السعادة والطاعة لله جلَّ وعلا.
وأكدت دار الإفتاء المصرية، أنه لا يشترط للزوجة استئذان زوجها الحاضر في القضاء ، مشيرة إلى أن الزوج ليس له أن يجبر زوجته على تأخير القضاء حتى يضيق عليها الوقت.
وأوضحت ' الإفتاء' في إجابتها عن سؤال : هل على المرأة استئذان زوجها في صيام القضاء ؟ أن قضاء الصيام لمن أفطر بعذر، مثل الحيض أو السفر ، يعد من الواجبات الموسعة التي يجوز تأخيرها، بشرط عدم تجاوز شهر شعبان الحالي لرمضان الفائت.
وأضافت أنَّ قضاء الصيام لِمَنْ أفطر بعذرٍ يكون قضاؤه على التراخي، فلا تشترط المبادرة به في أول وقت الإمكان، وهذا مقيد بما لم يَفُتْ وقت قضائه، بأن يَهِلَّ رمضان آخر، ولا يجوز تأخير فعله بلا عذر عن شهر شعبان الذي يأتي في العام المقبل.
واستشهدت بما قد ورد عن أمِّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: 'كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ' أخرجه الشيخان.
وشددت دار الإفتاء على ضرورة أن توائم المرأة بين حقوق الأسرة والعبادات، بحيث تقدم الأولويات وتحقق التوازن في حياتها، مؤكدة أن قضاء الصيام مسؤولية شرعية يجب أداؤها دون تأخير.