اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
تستمر مسألة السيطرة على الترسانة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا في إثارة المخاوف داخل الأوساط السياسية والعسكرية الأمريكية، خاصة مع اقتراب انتهاء مدة معاهدة New START في فبراير 2026. المعاهدة، التي أبرمت عام 2010، تهدف إلى الحد من عدد الرؤوس النووية المنتشرة والصواريخ الاستراتيجية، وتضمن آليات للتحقق المتبادل.
ومع ذلك، توقفت موسكو عن تنفيذ بعض بنود المعاهدة منذ غزو أوكرانيا في 2022، بما في ذلك التفتيشات الميدانية، ما ألقى بظلال من الشك حول الالتزام الروسي الكامل بالحدود المقررة.
في هذا السياق، يلعب الكونجرس الأمريكي دورًا مركزيًا، إذ يمتلك صلاحيات واسعة تشمل تقديم المشورة والموافقة على المعاهدات، الإشراف على التنفيذ، والموافقة على ميزانيات وزارة الدفاع ووزارة الطاقة والأجهزة الاستخباراتية المعنية بمراقبة الترسانة النووية.
هذه الصلاحيات تجعل أعضاء الكونجرس في موقف حرج بين الرغبة في ضبط التسلح النووي وضرورة حماية القدرات الدفاعية الأمريكية.
أحد أبرز التحديات الراهنة هو مواكبة جهود تحديث الترسانة النووية الأمريكية، والتي تشمل تطوير صواريخ باليستية جديدة، غواصات استراتيجية، طائرات قاذفة حديثة، وأنظمة قيادة وتحكم نووية متقدمة، إضافة إلى تحديث البنية التحتية للترسانة النووية.
وتشير تقديرات مكتب الميزانية الكونغرسية إلى أن تكلفة هذه التحديثات قد تتجاوز 95 مليار دولار سنويًا.
هذه الأرقام تعكس حجم الاستثمار الضخم المطلوب لضمان جاهزية الردع النووي الأمريكي، بينما يظل السؤال قائمًا عن مدى توافق هذه الخطوات مع الجهود الدبلوماسية للتحكم في التسلح النووي.
في المقابل، تظهر مخاوف استراتيجية متزايدة بسبب ترسانة روسيا النووية، بما في ذلك الأسلحة غير الاستراتيجية التي لا تخضع لمعاهدة New START، وتطورها لأنظمة نووية جديدة مثل الصواريخ الباليستية الثقيلة والمركبات الانزلاقية المفرطة السرعة، إلى جانب أسلحة نووية بحرية مستقلة.
وتثير هذه القدرات مخاوف من سباق تسلح متجدد، خصوصًا أن روسيا قد تنشر بعض هذه الأسلحة في دول أخرى مثل بيلاروس، ما يزيد من تعقيد الرقابة الدولية ويستدعي وضع إجراءات تحقق صارمة.
على مستوى أوسع، لا يمكن فصل هذه القضايا عن تطورات الترسانة النووية الصينية، التي من المتوقع أن تزيد عن ألف رأس نووي عملي بحلول 2030، وفقًا لتقارير وزارة الدفاع الأمريكية.
هذا الواقع يضع واشنطن أمام تحدٍ مزدوج: تحقيق الاستقرار مع روسيا، مع الأخذ في الاعتبار التهديد الصيني المتنامي، وتكييف سياساتها النووية بما يوازن بين الردع والحد من المخاطر.
وفي غياب معاهدات أو حوار فعال، يواجه صانعو القرار خطر انتشار نووي غير خاضع للمراقبة، حيث يمكن أن تتراوح التدابير البديلة بين تبادل البيانات والمعلومات وصولًا إلى الالتزامات السياسية بعدم التدخل في أنظمة القيادة والتحكم النووي للطرف الآخر. إلا أن استعداد روسيا لمثل هذه الخطوات يبقى غير واضح، مما يزيد من درجة عدم اليقين ويجعل الحاجة إلى وسائل تحقق مبتكرة أكثر إلحاحًا.
ومن منظور تشريعي، يستمر الكونجرس في دراسة خياراته تجاه التحديات النووية، بما يشمل التأكد من توافق سياسات التحديث الأمريكية مع الأهداف الاستراتيجية للحد من المخاطر، وإلزام الإدارات الأمريكية بتقديم تقارير دورية عن حالة الالتزام بالمعاهدات.
كما يواصل مراقبة برامج التسلح الروسية والصينية وتأثيرها على الأمن القومي الأمريكي، محاولًا خلق توازن بين القدرة الدفاعية والحاجة إلى ضبط سباق التسلح النووي.
و تظل مسألة مراقبة الترسانة النووية الأمريكية-الروسية قضية معقدة تجمع بين الاعتبارات الدبلوماسية، العسكرية، والمالية.
وبينما تمثل معاهدة New START أداة مركزية لتحقيق استقرار استراتيجي، فإن التحديات الحالية والمستقبلية تتطلب مقاربة شاملة تشمل تحديث القدرات، فرض آليات تحقق دقيقة، ومراعاة التهديدات المتزايدة من اللاعبين النوويين الآخرين مثل الصين.
وفي ظل هذه البيئة، يبقى الكونجرس الأمريكي عنصرًا حاسمًا لضمان أن أي خطوات نحو الحد من التسلح النووي لا تأتي على حساب أمن الولايات المتحدة واستقرارها الاستراتيجي.