اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تشير التطورات الأخيرة إلى أن الإدارة الأمريكية تتخذ خطوات غير مسبوقة في إدارة مخططها لقطاع غزة، بحيث تتجاوز الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو، وتضع نفسها في مركز اتخاذ القرار المباشر بشأن الخطط الأمنية والإنسانية للقطاع، بحسب تقرير نشرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل. حيث أُنشئ مركز التنسيق المدني-العسكري (CMCC) في كيرياط جات جنوب إسرائيل، ليكون غرفة عمليات لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ويضم مسؤولين أمريكيين وخبراء دوليين من عدة دول.
في المقابل، تم تقليص دور وحدة التنسيق الإسرائيلية (COGAT) إلى وظيفة مقاول ومتعهد ومتعاقد تقتصر على تقديم المساعدات الإنسانية، بينما تُقرر واشنطن كل الأمور الاستراتيجية، بما في ذلك تنفيذ خطة ترامب الشاملة من 20 نقطة لتثبيت وقف النار وتحويلها إلى إطار قانوني عبر مجلس الأمن الدولي.
ووفقا للصحيفة،أوضحت مصادر دبلوماسية أن هذا التهميش المقصود يعكس رغبة الإدارة الأمريكية في التحكم المباشر في توزيع المساعدات وإدارة العمليات الأمنية والتنسيق مع الفصائل الفلسطينية دون الاعتماد على الحكومة الإسرائيلية، التي تواجه تحديات داخلية وحزبية.
وتشمل الغرفة الدولية المشاركة من دول مثل الأردن، المملكة المتحدة، ألمانيا، الدنمارك، كندا، أستراليا، فرنسا، إسبانيا، والإمارات، فيما لم تُحسم بعد التفاصيل النهائية لقوة الاستقرار الدولية (ISF) التي ستتولى إدارة غزة عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي، مع توقع مشاركة حوالي 20 ألف جندي بمدة تفويض تصل إلى عامين، وفقًا لمسؤول أمريكي.
الأبعاد الإنسانية والسياسية
الخطوة الأمريكية لا تقتصر على إعادة توزيع المساعدات وحصر السيطرة في يد واشنطن، بل تشمل أيضًا إعادة رسم السلطة داخل غزة. فبموجب خطة ترامب، ستتولى قوة الاستقرار إدارة غزة مؤقتًا، بينما يُنشأ 'مجلس السلام' بقيادة الولايات المتحدة لإدارة الشؤون المدنية، بما في ذلك الخدمات الأساسية والإصلاح الإداري، مع نقل السلطة تدريجيًا إلى السلطة الفلسطينية بعد استكمال برامج الإصلاح المطلوبة.
هذه الخطوة تهدف إلى فرض إطار دولي محايد ومرن، بعيدًا عن السيطرة الإسرائيلية المباشرة، وهو ما يتيح للولايات المتحدة فرض شروط على حماس والسلطة الفلسطينية لتحقيق الاستقرار والسيطرة على خطط نزع السلاح والإعمار.
من الجانب الإنساني، يعكس تهميش إسرائيل في إدارة المساعدات توجهًا أمريكيًا نحو ضمان وصول الغذاء والدواء والخدمات الأساسية بشكل مباشر للسكان، بعد أن اتهمت إسرائيل حماس بسرقة شحنات المساعدات وفرض قيود على إدخال المواد الأساسية، ما أثار انتقادات دولية واسعة.
التوجيه الأمريكي الجديد يضع إسرائيل في موقف حساس، إذ تضطر للتعاون مع خطة خارج سيطرتها المباشرة، بينما تواجه ضغوطًا داخلية من المستوطنين والجيش على خلفية انسحابها الجزئي من غزة.
الأبعاد العسكرية والدبلوماسية
على الصعيد العسكري، يتيح مركز التنسيق المدني-العسكري CMCC الأمريكي مركز قيادة متعدد الجنسيات يضم خبراء من 12 دولة لمراقبة وقف النار، وهو ما يضمن قدرة واشنطن على التدخل الفوري في أي تطورات عسكرية مفاجئة، وإدارة أي تصعيد محتمل بين حماس وإسرائيل.
كما يُعطي وجود القوات الدولية والمراقبين السياسيين مساحة للضغط على الأطراف المحلية لضمان الالتزام باتفاق وقف النار.
وفيما يتعلق بالدبلوماسية الإقليمية، يوضح هذا التوجه الأمريكي إعادة ترتيب الأولويات في الشرق الأوسط. فالولايات المتحدة، من خلال قيادة CMCC وخطة ترامب، ترسخ فكرة أن إدارة الأزمة لا يمكن أن تعتمد على طرف واحد، حتى لو كان حليفًا تقليديًا، وتعطي إشارات قوية للسلطات الإقليمية، بما في ذلك مصر وقطر وتركيا، حول الدور الأمريكي في ضبط التوازن بين القوى الفلسطينية والإسرائيلية.
انعكاسات على إسرائيل ونتنياهو
تهميش الحكومة الإسرائيلية في إدارة غزة يضع نتنياهو أمام اختبار مباشر لقدراته على التأثير في السياسة الأمريكية، ويعيد فتح التساؤلات حول مدى قدرة تل أبيب على حماية مصالحها الاستراتيجية في ظل تدخل أمريكي مباشر.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي هذا التهميش إلى تصدع التحالف التقليدي بين واشنطن وتل أبيب، وإلى توترات سياسية داخلية في إسرائيل، خاصة بين الأحزاب التي ترى أن الإدارة الأمريكية تتجاوز سيادة الحكومة الإسرائيلية.
وفي المستقبل القريب، يشير المراقبون إلى أن الخطة الأمريكية، إذا نجحت في تثبيت وقف إطلاق النار، قد تصبح نموذجًا لإدارة الأزمات الإنسانية والسياسية في مناطق النزاع، مع تقليل الاعتماد على الحكومات المحلية التي قد تكون متأثرة بميول حزبية أو ضغوط داخلية.
على المدى البعيد، سيتعين مراقبة كيفية تطبيق خطة نزع السلاح وإعادة الإعمار، ومدى التزام حماس والسلطة الفلسطينية بالإصلاحات، ومدى تأثير هذه الإدارة الدولية على الاستقرار الإقليمي.


































