اخبار مصر
موقع كل يوم -خط أحمر
نشر بتاريخ: ٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
في وثيقة رؤيته الشاملة التي حملت عنوان «يونسكو من أجل الناس»، وضع الدكتور خالد العناني، المدير العام الجديد لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ملامح مشروعه الطموح لقيادة المنظمة نحو مرحلة جديدة من الفعالية والإنسانية، قائمة على أن يكون الإنسان في قلب الرسالة، بلا تمييز أو إقصاء.
رؤية العناني، التي صيغت على ضوء أكثر من خمسين زيارة دولية ومئات اللقاءات مع قادة ومثقفين وأكاديميين، تمثّل ميثاق عمل متكامل يُعيد تعريف دور اليونسكو في عالم سريع التغير.
يونسكو إنسانية... تتجاوز الحدود
يؤكد العناني أن رؤيته ليست مشروعًا شخصيًا بل ثمرة حوار عالمي، استمع فيه إلى الشعوب باختلاف ثقافاتها وتجاربها.
ويطرح في مقدمة برنامجه أن «اليونسكو يجب أن تتحرك بفاعلية لتحسين حياة البشر، وتجاوز الحدود، وتمكين الدول من الازدهار في السلام والكرامة، وزراعة الأمل الجماعي في غدٍ أفضل».
ويتعهد باتباع سياسة الباب المفتوح، وتنظيم لقاءات دورية مع الوفود الدائمة، باعتبار المنظمة «أسرة تقودها الدول الأعضاء جميعًا». كما يشدد على أهمية التنفيذ المحايد لقرارات الدول الأعضاء، بعيدًا عن التسييس، مع الالتزام الكامل بدستور المنظمة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ناس يزدهرون في سلام
يركّز العناني على أن السلام هو جوهر وجود اليونسكو، وأن المنظمة يجب أن تواصل دورها كقوة ناعمة لمعالجة جذور الصراعات: من العنصرية إلى خطاب الكراهية والتمييز.
ويعدّ بأن تعمل المنظمة مع الدول الأعضاء على تطوير أطرٍ قانونية تحمي الحقوق والحريات المتصلة بالتعليم والتقدم العلمي والحياة الثقافية وحرية التعبير، لتكون الثقافة والمعرفة أداة لبناء التفاهم الإنساني الدائم.
ناس مُمكَّنون عبر تعليم جيّد
يضع العناني التعليم في صدارة أولوياته، بوصفه الأساس للسلام والتنمية وحقوق الإنسان.
ويعدّ بدعم الحق في التعليم للجميع، وخاصة الفتيات والفئات المهمشة، مع تعزيز حوكمة النظم التعليمية وزيادة الاستثمار في البنية التحتية والتعليم الرقمي.
ويرى أن التعليم يجب أن يمتد مدى الحياة، من الطفولة حتى الكِبَر، مع تطوير المناهج لتتلاءم مع سوق العمل، وتكريس قيم المواطنة العالمية والسلام وحقوق الإنسان.
كما يتعهد بدعم المعلمين والباحثين وتعزيز مكانتهم المهنية والاجتماعية.
ناس يزدهرون بالعلم
في محور العلم والابتكار، يؤكد العناني على الدفاع عن «الحق في العلم»، وعن حرية وسلامة العلماء، خصوصًا النساء والشباب.
ويركّز على التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي الأخلاقي، وتشجيع «العلم المفتوح» لتقليل الفجوات بين الدول.
كما يتبنى دعم الأبحاث متعددة التخصصات، والربط بين العلم والسياسة والمجتمع، وتعزيز التعاون الأكاديمي العالمي، خاصة بين دول الجنوب.
ناس في تناغم مع الطبيعة
يولي العناني أهمية خاصة لقضايا تغير المناخ والتنوع البيولوجي، مؤكدًا أن مستقبل الإنسان مرتبط بكوكب الأرض.
ويتضمن برنامجه تعزيز التعليم البيئي وبناء القدرات والإعلام العلمي، وتطوير آليات الإنذار المبكر والتنبؤ بالكوارث، إلى جانب تشجيع التمويل المستدام لحماية البيئة والمحميات ومواقع التراث الطبيعي.
ناس يحتفون بتراثهم
يُعدّ الحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي أحد المحاور الأساسية في رؤية العناني.
ويؤكد أن المنظمة ستستخدم العلم والتكنولوجيا لحماية التراث، ومكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، وصون التراث المغمور بالمياه، ودعم السياحة المستدامة.
كما سيُعطى اهتمام خاص للدول الممثلة تمثيلًا ناقصًا في قوائم التراث العالمي، مع تشجيع الترشيحات العابرة للحدود، وتطوير دور مركز التراث العالمي.
ناس تُلهِمهم الثقافة
يطرح العناني الثقافة كقوة دافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، داعيًا إلى منحها مكانًا رئيسيًا في أجندة ما بعد 2030.
ويؤكد على حماية حقوق الفنانين ودعم الصناعات الثقافية والإبداعية، وصون التنوع الثقافي واللغوي، وتعزيز المتاحف والمؤسسات الثقافية كمراكز للتفاعل المجتمعي والإبداع.
ناس منخرطون عبر الاتصال والمعلومات
في محور الاتصال، يتعهد العناني بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير، وحماية الصحفيين—خصوصًا النساء—من الانتهاكات.
كما يهدف إلى تعزيز «كونية الإنترنت» ومحو الأمية الإعلامية، والتعاون مع الحكومات والمنصات الرقمية لمكافحة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة، ودعم إعلام حر وتعددي يعكس تنوع الثقافات واللغات.
الناس في قلب الأولويات
يرتكز برنامج العناني على أربع أولويات استراتيجية:
إفريقيا: دعم المجتمعات الإفريقية في مجالات التعليم والسلام والتنمية بما يتسق مع أجندة 2063.
المساواة بين الجنسين: تمكين النساء والفتيات من ممارسة حقوقهن الكاملة دون تمييز.
الدول الجزرية الصغيرة النامية (SIDS): دعمها في مواجهة آثار تغير المناخ عبر حلول تمويلية مستدامة.
الشباب: تمكينهم بالمهارات وريادة الأعمال والتبادل الثقافي والرياضي والمشاركة في صنع القرار.
رؤية متجذّرة في الحوكمة الرشيدة
يتعهد العناني بإصلاح إداري شامل داخل المنظمة، قائم على الكفاءة والشفافية والمساءلة، وتبسيط الهياكل البيروقراطية، وتحديث آليات اتخاذ القرار.
كما سيُعزّز تمثيل الدول الأعضاء تمثيلًا جغرافيًا منصفًا، مع بيئة عمل عادلة وشاملة.
ويضع ضمن أولوياته تنويع الموارد المالية عبر شراكات جديدة مع القطاعين العام والخاص، وتطوير أدوات تمويل مبتكرة تضمن الاستدامة المالية.
نحو 'يونسكو جامعة للناس'
يختتم الدكتور خالد العناني برنامجه بدعوة مفتوحة إلى العالم قائلاً:
«هذه الرؤية يدٌ ممدودة ودعوة إلى الفعل من أجل يونسكو جامعة للناس، قادرة على توحيدهم عبر الحوار والثقة والاحترام المتبادل».
بهذه الرسالة، يضع العناني الإنسان في صميم الثقافة العالمية، ويؤكد أن اليونسكو ليست فقط مؤسسة أممية، بل منصة للأمل والكرامة والسلام، حيث يزدهر الناس بالعلم، ويتوحدون بالثقافة، ويعيشون في تناغمٍ مع الطبيعة.