اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٤ أب ٢٠٢٥
وسط مراقبة حثيثة من الأوساط الاقتصادية والمصرفية، شهد سعر صرف الدولار تراجعًا ملحوظًا أمام الجنيه المصري، مما أثار تساؤلات عدة حول دلالات هذا الهبوط، والعوامل التي تقف وراءه، واحتمالات استمراره في المدى القريب. فهل نحن أمام تحسن هيكلي أم مجرد موجة مؤقتة؟ هذا ما نحاول استعراضه في هذا التقرير عبر قراءة تحليلية لرأي الخبراء، أبرزهم الدكتور رمضان معن، أستاذ الاقتصاد بجامعة طنطا.
انخفض سعر صرف الدولار الأمريكي إلى ما دون حاجز الـ48 جنيهًا خلال الأيام القليلة الماضية، وهو ما وصفه الدكتور رمضان معن بأنه نتيجة مباشرة لقرارات نقدية 'محورية' اتخذها البنك المركزي المصري مؤخرًا، أبرزها توحيد سعر الصرف، مما أتاح تعزيز الثقة في السوق المصرفية المحلية وجذب مزيد من التدفقات النقدية الأجنبية.
واعتبر معن أن هذا التراجع لم يكن وليد لحظة عشوائية أو اضطراب مؤقت، بل هو نتاج 'مسار إصلاحي مدروس' بدأ يعطي ثماره على أرض الواقع.
يشير الدكتور معن إلى مجموعة من العوامل المحلية التي أسهمت في تخفيف الضغط على سوق الصرف وزيادة المعروض من الدولار:
تحويلات العاملين بالخارج: والتي بلغت نحو 32.8 مليار دولار خلال 11 شهرًا فقط من العام المالي الجاري.
الاحتياطي النقدي الأجنبي: ارتفع إلى 48.7 مليار دولار بنهاية يونيو، وهو ما يعزز قدرة البنك المركزي على التدخل وقت الحاجة.
الصادرات المصرية: شهدت نموًا واضحًا بفضل تحسن جودة وتنافسية المنتجات المصرية في الأسواق الدولية.
السياحة: قطاع السياحة تعافى بقوة ويتوقع أن تتجاوز إيراداته 17 مليار دولار مع نهاية 2025.
قناة السويس: تجاوزت القناة تداعيات أزمة البحر الأحمر، ما أعاد لها دورها كمصدر رئيسي للعملة الصعبة.
كل هذه العوامل ساهمت في زيادة العرض الدولاري مقابل الطلب، ما انعكس تلقائيًا على سعر الصرف.
لم تغب العوامل الخارجية عن هذا المشهد؛ فالدولار نفسه يواجه ضغوطًا على الساحة الدولية. يشير معن إلى:
تراجع الطلب العالمي على الدولار بسبب تباطؤ الاقتصاد الأمريكي.
انخفاض أسعار النفط، مما قلل من استخدام الدولار كعملة أساسية في التداولات العالمية.
اتفاقيات الاستيراد بالعملات المحلية مع دول البريكس مثل الصين والهند وروسيا، والتي ساعدت مصر على تقليل الاعتماد على الدولار.
من المتوقع أن تتلقى مصر خلال الفترة المقبلة استثمارات خليجية مباشرة تتجاوز 10 مليارات دولار من دول مثل الكويت وقطر، إلى جانب تمويل من الاتحاد الأوروبي بقيمة 4 مليارات يورو، وهي أموال ستعزز من احتياطي النقد الأجنبي وتدعم قيمة الجنيه المصري.
يرجح الدكتور معن أن يشهد الدولار مزيدًا من التراجع خلال الشهور القادمة، مؤكدًا أن السعر قد يستقر ما بين 47 إلى 46 جنيهًا إذا تواصل الاستقرار الإقليمي واستمرت التدفقات النقدية من مصادرها الأساسية. ويؤكد أن الاستقرار السياسي في المنطقة سيكون مفتاحًا مهمًا لتعزيز الثقة في العملة المحلية.
يبدو أن تراجع الدولار أمام الجنيه المصري يحمل في طياته إشارات إيجابية لا يمكن تجاهلها، مدعومة بخطوات إصلاحية واقعية وتحسن في مصادر النقد الأجنبي. ورغم أن بعض المحللين لا يزالون يتعاملون مع التراجع بحذر، إلا أن المؤشرات الراهنة تفتح بابًا واسعًا للتفاؤل، بشرط الحفاظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي، واستمرار العمل على تعزيز الإنتاجية وزيادة الصادرات.
في النصف الثاني من 2025، قد يكون الجنيه المصري على موعد مع مزيد من التحسن إذا بقيت العوامل الداعمة متماسكة وفعّالة.