اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
ازدواجية الخطاب الأخلاقي
في الوقت الذي تتباهى فيه العواصم الغربية بخطابات الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان وفق معايير مثالية راسخة، تبدو مأساة غزة كمرآة تكشف عمق التناقض بين الأقوال والأفعال. فبينما تُرفع الشعارات عن العدالة والمساواة، يعيش أطفال القطاع واقعًا يكذّب تلك القيم، واقعًا يختصر معاني العجز الدولي أمام معاناةٍ يومية لا تنتهي.
الدمار يطغى على المشهد، والطفولة تختزل في صور طفلٍ يبحث عن والده بين الأنقاض، أو آخر يكتب واجبه المدرسي على حجرٍ في ملجأ مكتظ.
ووفقًا لصحيفة الإندبندنت البريطانية، فإن ما يجري في غزة ليس مجرد أزمة إنسانية، بل انهيار أخلاقي فاضح في منظومة القيم التي يروّج لها الغرب منذ عقود.
الفجوة بين المبادئ والواقع
تقول الصحيفة إن مأساة غزة ليست عابرة ولا تُختزل في أرقام الضحايا، بل هي شاهد على عجز المجتمع الدولي عن تطبيق أبسط المبادئ التي يزعم الدفاع عنها.
الأطفال في القطاع يُحرمون من الغذاء والماء والرعاية الطبية، فيما تواصل بعض الحكومات الغربية حديثها عن “الحق في الدفاع” و“الاعتبارات الأمنية”. لكن، كما تتساءل الإندبندنت: أي أمنٍ يمكن أن يبرّر تجويع طفلٍ أو ترك رضيعٍ يموت عطشًا؟
انتقائية القيم وشرعية الصمت
ترى الصحيفة أن أخطر ما في المشهد هو ازدواجية المعايير الغربية، حيث تُدان انتهاكات حقوق الإنسان في دول بعيدة، بينما يُلوذ بالصمت حين يكون المنتهِك حليفًا سياسيًا أو عسكريًا.
ذلك الصمت، وفق الإندبندنت، ليس حيادًا بل مشاركة ضمنية في استمرار المأساة، إذ يُترجم الدعم العسكري والسياسي للحكومة الإسرائيلية إلى استمرار الحصار وتجويع المدنيين. وهكذا تتحوّل القيم التي يتغنى بها الغرب إلى شعارات انتقائية تُستخدم كأدوات ضغط، لا كقواعد أخلاقية.
في مشاهد إنسانية مروعة، تورد الصحيفة شهادات لأمهات فقدن أبناءهن ولأطباء يعملون في الظلام مستخدمين الماء الملوث لعلاج الجرحى. وتقول الإندبندنت إن هذه الوقائع تسقط الأقنعة عن خطاب 'المدنية الغربية' الذي يتحدث عن حقوق الإنسان بانتقائيةٍ صارخة.
وفي تقييمها العام، تصف الصحيفة ما يجري في غزة بأنه اختبار أخلاقي فاشل لكل دولةٍ أو مؤسسةٍ ترفع شعار العدالة وتصمت عن الظلم الواضح. فالأطفال في غزة ليسوا مجرد ضحايا حرب، بل شهود على انهيار المبادئ التي صاغها الغرب بعد حروبه الكبرى.
دعوة إلى ضمير عالمي
تختتم الإندبندنت تقريرها بدعوةٍ إلى ضمير عالمي يقظ، لا يُفرّق بين الأطفال على أساس الجغرافيا أو الانتماء.
فحقوق الطفل، تقول الصحيفة، لا تُقاس بجواز السفر أو التحالفات، بل بإنسانيته التي لا تعرف الحدود. وإذا أراد الغرب أن يحافظ على مصداقيته الأخلاقية، فعليه أن يبرهن بالفعل أن حياة الطفل الفلسطيني لا تقل قيمة عن حياة أي طفل في لندن أو باريس أو واشنطن.