اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
ملامح الخطة الأمريكية لما بعد الحرب
بين ركام الحرب وارتباك المشهد السياسي، بدأت تتضح ملامح خطة أمريكية لإرسال قوة متعددة الجنسيات إلى قطاع غزة، بهدف ترسيخ الهدنة ومنع تجدد المواجهات.
ووفق تقرير لمجلة «ذا ناشيونال إنترست»، فإن البيت الأبيض يتعامل بجدية متزايدة مع فكرة نشر قوة حفظ سلام دولية، باعتبارها «الوسيلة الوحيدة» لضمان الاستقرار الميداني وأمن جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد انسحابه من القطاع.
تركيبة القوة ومهامها
تستند الخطة إلى نشر قوة يتراوح قوامها بين أربعة إلى خمسة آلاف جندي من دول عربية وإسلامية، تحت إشراف دولي وتنسيق مباشر مع الولايات المتحدة.
وستتولى القوة تأمين المعابر، وحماية مناطق إعادة الإعمار، وضمان تدفق المساعدات، إلى جانب مراقبة تنفيذ الهدنة ومنع إعادة تسليح الفصائل.
وتُشير مصادر دبلوماسية إلى أن مصر مرشحة لقيادة القوة بحكم علاقاتها مع الطرفين، فيما تتحفظ إسرائيل على مشاركة تركيا لأسباب أمنية وسياسية.
تحركات دبلوماسية ومشروع قرار في مجلس الأمن
تؤكد صحيفة «الجارديان» أن فرنسا وبريطانيا تعملان على إعداد مشروع قرار في مجلس الأمن يمنح القوة تفويضًا قانونيًا يضمن شرعية عملها واستمراريتها.
وترى واشنطن أن هذه الخطوة ستخفف من عبء السيطرة الميدانية المباشرة عن إسرائيل، وتفتح الباب أمام مرحلة إعادة إعمار واسعة بتمويل خليجي ودولي.
تحديات التفويض والانقسام الميداني
لكن الطريق أمام المبادرة ليس ممهدًا. فبحسب ذا ناشيونال إنترست، تُعد غزة واحدة من أكثر البيئات الأمنية تعقيدًا، إذ تنقسم فعليًا إلى منطقتين:
هذا الواقع يجعل أي انتشار دولي محفوفًا بالمخاطر ما لم يُحدد تفويض القوة وصلاحياتها بدقة.
الرؤية الأمريكية: منطقة منزوعة السلاح وإدارة مدنية انتقالية
تشير صحيفة «فاينانشال تايمز» إلى أن الرؤية الأمريكية تتضمن تحويل غزة إلى منطقة منزوعة السلاح تدريجيًا، مع بقاء رقابة أمنية إسرائيلية غير مباشرة، وإنشاء إدارة مدنية انتقالية تُشرف عليها أطراف فلسطينية مستقلة بدعم دولي.
ويظل الدور المصري محوريًا في تأمين الحدود وضمان تدفق المساعدات الإنسانية واستقرار عمليات الإعمار.
معادلة صعبة بين الأمن والإنسانية
ترى «ذا ناشيونال إنترست» أن التحدي الأكبر أمام الخطة هو إيجاد توازن بين البعد الإنساني والبعد الأمني، إذ يظل الهدف الاستراتيجي الأمريكي ضمان الأمن الإسرائيلي، في حين يُفترض أن تخدم القوة مصالح سكان القطاع.
ويحذر محللون من أن تتحول المهمة إلى أداة سيطرة سياسية بدلًا من كونها بعثة حفظ سلام إنسانية، ما سيقوّض ثقة الفلسطينيين بها.
اختبار لإرادة المجتمع الدولي
المراقبون يرون أن الخطة تمثل اختبارًا مزدوجًا:
لقدرة الولايات المتحدة على قيادة تحالف دولي فعال،
ولقدرة المجتمع الدولي على تحويل مبادرة سياسية إلى واقع مستدام.
فغزة، كما يصفها التقرير، أصبحت مختبرًا لإرادة العالم في تحقيق توازن بين الأمن والعدالة.
مستقبل غزة بين الفشل والنجاح
الخطة، كما تطرحها واشنطن، تقوم على خروج تدريجي للقوات الإسرائيلية، يعقبه دخول قوة متعددة الجنسيات، تمهيدًا لتأسيس إدارة فلسطينية بإشراف دولي.
نجاح هذه المراحل سيعيد رسم مستقبل غزة ويفتح الباب أمام سلام هش لكنه واقعي، أما فشلها فسينذر بجولة جديدة من الفوضى.
وفي النهاية، تُدرك واشنطن أن تحقيق الاستقرار في غزة لن يكون مهمة عسكرية فقط، بل مشروعًا سياسيًا واقتصاديًا طويل الأمد، يتطلب نظامًا مستدامًا يضمن الأمن والكرامة والعيش المشترك لسكان القطاع.


































