اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ١٩ شباط ٢٠٢٥
في عام 1915، خلال الحرب العالمية الأولى، أطلقت قوات الحلفاء—بريطانيا وفرنسا—حملة عسكرية على شبه جزيرة جاليبولي في محاولة للسيطرة على مضيق الدردنيل وإضعاف الدولة العثمانية. إلا أن هذه الحملة انتهت بهزيمة قاسية للحلفاء وانسحابهم الكامل بحلول يناير 1916. فما الأسباب التي أدت إلى هذا الفشل الذريع؟
كان التخطيط للحملة مليئًا بالثغرات، حيث استهان القادة البريطانيون بالمقاومة العثمانية، وافترضوا أن المعركة ستكون سهلة وسريعة. كما لم يتم جمع معلومات دقيقة عن التضاريس الوعرة لشبه الجزيرة، مما جعل عمليات الإنزال والتقدم في غاية الصعوبة.
كانت القوات العثمانية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك مستعدة تمامًا للهجوم، حيث استغلت الجغرافيا الصعبة ونظمت دفاعات قوية. استخدمت المدفعية والرشاشات بشكل فعال، ما جعل قوات الحلفاء تعاني خسائر فادحة منذ اللحظات الأولى.
تتسم جاليبولي بتضاريس جبلية وعرة وساحل ضيق، مما أعاق تحركات قوات الحلفاء، خاصة مع ضعف الإمدادات والتخطيط اللوجستي غير الكافي. بالإضافة إلى ذلك، عانى الجنود من ظروف قاسية، مثل قلة الماء والغذاء وانتشار الأمراض.
تم تنفيذ الإنزال البحري بشكل فوضوي، حيث هبطت بعض القوات في مواقع خاطئة، ما أتاح للعثمانيين فرصة قتل المهاجمين قبل أن يتمكنوا من ترسيخ مواقعهم. كما أن عدم التنسيق بين القوات البريطانية والفرنسية زاد من تعقيد الوضع.
اعتمد الحلفاء على القصف البحري قبل الإنزال، معتقدين أنه سيدمر الدفاعات العثمانية، لكنه لم يحقق الأثر المطلوب. كما فشلوا في تحقيق اختراق سريع، مما أعطى العثمانيين وقتًا لإعادة تنظيم صفوفهم.
تحولت الحملة إلى معركة استنزاف طويلة، حيث لم يتمكن الحلفاء من تحقيق أي تقدم حقيقي، مما أدى إلى ارتفاع أعداد القتلى والجرحى بشكل كارثي، وأثار ضغوطًا سياسية لإيقاف العملية.
بحلول نهاية عام 1915، أدركت بريطانيا وفرنسا أن تحقيق النصر في جاليبولي أصبح مستحيلًا، وقررتا الانسحاب، ليكون ذلك أحد أكبر الإخفاقات العسكرية للحلفاء في الحرب العالمية الأولى.