اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الأول ٢٠٢٥
في مقال نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، طرح أستاذ القانون الدولي بجامعة جورج ميسون، يوجين كونتوروفيتش، فرضية غير مسبوقة: أن تكون المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي هي الساحة القضائية القادمة لملاحقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد انتهاء ولايته الثانية.
ورغم أن الولايات المتحدة ليست طرفًا في نظام روما الأساسي، فإن الكاتب يرى أن المحكمة قد تجد مدخلًا قانونيًا عبر أفعال الإدارة الأمريكية تجاه دول أعضاء في المحكمة، ما يفتح الباب أمام مساءلة دولية محتملة.
المدخل الفنزويلي: سابقة قانونية محتملة
يركز كونتوروفيتش في تحليله على حادثة وقعت خلال ولاية ترامب، حين دمرت البحرية الأمريكية قاربًا فنزويليًا يُشتبه في تورطه بعمليات تهريب. وبما أن فنزويلا عضو في المحكمة الجنائية الدولية، فإن هذا يمنح المحكمة، بحسب الكاتب، صلاحية قضائية على الجرائم المرتكبة على أراضيها أو ضد مواطنيها.
ويستشهد الكاتب بسابقة مشابهة حين فتحت المحكمة تحقيقًا ضد إسرائيل، رغم أنها ليست عضوًا، بعد مهاجمتها سفينة ترفع علم دولة عضو في المحكمة.
ويضيف: 'المحكمة الجنائية الدولية لا تحتاج إلى أن تكون الدولة المتهمة طرفًا في نظام روما الأساسي، بل يكفي أن تكون الجريمة قد وقعت على أراضي دولة عضو أو ضد مواطنيها.'
تجدر الإشارة إلى أن هذا المنطق القانوني، بحسب كونتوروفيتش، قد يُستخدم لتبرير فتح تحقيق ضد مسؤولين أمريكيين، بمن فيهم ترامب، إذا رأت المحكمة أن الهجوم على القارب الفنزويلي يشكل جريمة حرب أو انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني.
دعوات دولية للتدخل
الدعوة لملاحقة ترامب لم تأتِ فقط من الأكاديميين، بل أيضًا من منظمات حقوقية. فقد كتب كينيث روث، الرئيس السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش، على منصة 'إكس' (تويتر سابقًا): 'ترامب فعل بالضبط ما فعله الرئيس الفلبيني السابق رودريجو دوتيرتي، واستحق به توجيه اتهام من المحكمة الجنائية الدولية.'
هذا التصريح يعكس تصاعد الضغط الحقوقي على المحكمة، ويضعها أمام اختبار حقيقي بشأن مدى استعدادها لتطبيق القانون الدولي على أقوى زعيم في العالم.
في مواجهة هذه الاحتمالات، أعاد ترامب تفعيل أمر تنفيذي سبق أن استخدمه في ولايته الأولى، يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها.
وتشمل هذه العقوبات تجميد الأصول داخل الولايات المتحدة، وحظر دخول مسؤولي المحكمة إلى الأراضي الأمريكية.
هذه الخطوة اعتُبرت تصعيدًا غير مسبوق ضد هيئة قضائية دولية، وتهدف إلى ردعها عن فتح أي تحقيقات تمس الولايات المتحدة أو إسرائيل.
لكن الكاتب يرى أن المحكمة لا ترى في هذه العقوبات خطرًا وجوديًا، بل تعتمد سياسة 'النفس الطويل'، وتنتظر انتهاء ولاية ترامب، على أمل أن يأتي رئيس ديمقراطي يرفع هذه العقوبات، كما فعل الرئيس جو بايدن سابقًا.
ويقول كونتوروفيتش: 'فريق القضاة والمدعين في المحكمة الجنائية الدولية يتمتع بفترات ولاية طويلة تصل إلى تسع سنوات، وبعضهم جزء من دولة عالمية عميقة يمكن أن تظل في مواقعها إلى أجل غير مسمى.'
هل تتحرك المحكمة؟
حتى الآن، لم تصدر المحكمة الجنائية الدولية أي رد رسمي أو تحقيق معلن بشأن ترامب أو الهجوم على القارب الفنزويلي. لكن الكاتب يرى أن السوابق القانونية، والضغط الحقوقي، والعضوية الفنزويلية في المحكمة، كلها عوامل قد تدفع المحكمة إلى التحرك في المستقبل، خاصة بعد انتهاء ولاية ترامب الحالية.
ويختم مقاله بتحذير ضمني: 'إذا استمرت المحكمة في توسيع صلاحياتها خارج حدود الدول الأعضاء، فإنها قد تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع أقوى دولة في العالم، ما يهدد شرعيتها ومكانتها الدولية.'
وبين احتمالات قانونية معقدة، وضغوط سياسية متبادلة، تبقى المحكمة الجنائية الدولية في قلب جدل عالمي حول قدرتها على محاسبة الزعماء الكبار. وإذا ما قررت التحرك ضد ترامب، فإن ذلك سيشكل سابقة تاريخية قد تعيد تعريف حدود وممارسات العدالة الدولية.