اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
في خطوة تعكس تشددًا إسرائيليًا متزايدًا تجاه ترتيبات ما بعد الحرب في غزة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضه القاطع لمشاركة القوات التركية ضمن أي قوة دولية مكلفة بتأمين وقف إطلاق النار في القطاع.
تجدر الإشارة إلى أن هذه التصريحات أثارت جدلًا دبلوماسيًا واسعًا، خاصة في ظل جهود أمريكية ومصرية وتركية لتثبيت التهدئة وتشكيل آلية أمنية متعددة الأطراف، إذ عبر عنها نتنياهو لأول مرة خلال اجتماعه الأخير بنائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس.
ونقلت صحيفة 'جيروزاليم بوست' الإسرائيلية عن مصادر حكومية أن نتنياهو أبلغ الوفد الأمريكي بأن 'إسرائيل وحدها هي من يقرر من يمكنه المشاركة في القوة الدولية'، مضيفًا أن 'أي وجود لقوات لا تحظى بثقة إسرائيل سيكون مرفوضًا تمامًا'.
هذا الموقف يأتي في وقت تُكثف فيه واشنطن اتصالاتها مع حلفائها الإقليميين لتشكيل قوة مراقبة مشتركة، وسط تعقيدات ميدانية وسياسية متزايدة.
وفي وقت سابق من أكتوبر الجاري، عبر نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، الذي يقود جهود التنسيق الأمني في المنطقة، عن تفاؤله بشأن خطة وقف إطلاق النار، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ترى في تركيا 'شريكًا محتملًا'، لكنه شدد على أن واشنطن 'لن تفرض أي قوات على إسرائيل'، وفقًا لما أوردته صحيفة تورنتو ستار الكندية في تغطيتها للزيارة. هذا التوازن في التصريحات يعكس إدراك واشنطن لحساسية الموقف الإسرائيلي تجاه الدور التركي، خاصة في ظل التوترات السياسية بين البلدين منذ سنوات.
وأشار تقرير نشرته رويترز إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى لتشكيل قوة مراقبة تضم عناصر من دول حليفة مثل بريطانيا وفرنسا، إلى جانب دول إقليمية مثل مصر والأردن، لكنها تواجه تحديات في إقناع إسرائيل بقبول مشاركة تركيا، التي تُعد من أبرز أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولها خبرة ميدانية في عمليات حفظ السلام.
القاهرة وأنقرة تتقدمان ميدانيًا رغم التحفظ الإسرائيلي
في المقابل، أظهرت القاهرة وأنقرة تنسيقًا متزايدًا بشأن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، حيث أجرى وزيرا خارجية البلدين اتصالًا هاتفيًا لمتابعة نتائج قمة شرم الشيخ، التي أُعلن فيها عن خطة تهدئة شاملة بدعم أمريكي.
ونقل موقع سكاي نيوز عن مصادر دبلوماسية أن 'مصر وتركيا تعملان على تشكيل فريق ميداني مشترك لتأمين المعابر وضمان إيصال المساعدات الإنسانية'، رغم التحفظ الإسرائيلي على مشاركة أنقرة.
وكان البيان المصري التركي قد أكد على ضرورة 'تثبيت الهدوء، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية والطبية دون عوائق'، ما يعكس رغبة مشتركة في لعب دور ميداني فعال، رغم المعارضة الإسرائيلية.
ووصفت منصة 'ديف ديسكورس' الإخبارية هذا التنسيق بأنه 'محاولة إقليمية لفرض واقع جديد على الأرض، في ظل غياب توافق دولي واضح'.
رفض نتنياهو للدور التركي لا يرتبط فقط بالاعتبارات العسكرية، بل يتداخل مع الحسابات السياسية الداخلية والخارجية. فالعلاقات بين إسرائيل وتركيا شهدت توترًا متكررًا منذ عام 2010، خاصة بعد حادثة سفينة 'مافي مرمرة'، وتبادل الاتهامات بشأن دعم حركة حماس.
شبكة 'تي بي إس نيوز' الأمريكية نقلت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن 'نتنياهو يعتبر تركيا طرفًا غير محايد، ومشاركتها قد تُفسر داخليًا على أنها تنازل سياسي'، خاصة في ظل ضغط من اليمين الإسرائيلي.
كما أن إسرائيل تُفضل إشراك قوات من دول تعتبرها 'صديقة استراتيجيًا'، مثل الولايات المتحدة أو بعض الدول الأوروبية، بينما تتحفظ على مشاركة دول إقليمية لها علاقات متوترة معها.
تتضمن الخطة الأمريكية لما بعد الحرب في غزة تشكيل لجنة فلسطينية مدنية لإدارة القطاع، تحت إشراف دولي، مع نزع سلاح حركة حماس. لكن هذا التصور يواجه تحديات كبيرة، أبرزها رفض الحركة للتخلي عن سلاحها، وتردد بعض الدول العربية في إرسال قوات، خشية التورط في صراع طويل الأمد.
ونقلت صحيفة 'جيروزاليم بوست' عن مسؤولين في وزارة الدفاع الإسرائيلية أن 'التركيبة النهائية للقوة الدولية لم تُحدد بعد'، وأن 'إسرائيل ستُجري تقييمًا دقيقًا لكل دولة قبل الموافقة على مشاركتها'، في إشارة إلى أن القرار النهائي سيخضع لمعايير سياسية وأمنية صارمة.
وبين الرفض الإسرائيلي للدور التركي، والتنسيق المصري التركي، والضغوط الأمريكية لتثبيت التهدئة، يبدو أن وقف إطلاق النار في غزة لا يواجه فقط تحديات ميدانية، بل أيضًا معركة دبلوماسية حول من يملك الحق في وضع الشروط والمحددات، إذ تعكس تصريحات نتنياهو رغبة إسرائيل في السيطرة على تفاصيل ما بعد الحرب، بينما تسعى القوى الإقليمية والدولية إلى فرض نموذج أكثر تعددية.


































