اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا بين مؤيدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومعارضي داخل الولايات المتحدة وخارجها، أكد ترامب أنه منح وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) تفويضًا رسميًا لتنفيذ عمليات سرية داخل فنزويلا، مستهدفًا بذلك حكومة الرئيس نيكولاس مادورو التي تعتبرها واشنطن 'نظامًا غير شرعي' و'تهديدًا للأمن الإقليمي'. هذا التصريح العلني، الذي جاء خلال مقابلة صحفية في منتصف أكتوبر 2025، يُعد من الحالات النادرة التي يعترف فيها رئيس أمريكي بوجود عمليات استخباراتية نشطة في دولة أجنبية، خاصة في منطقة حساسة مثل أمريكا اللاتينية.
بحسب تقرير الشبكة الإخبارية الأمريكية، فإن ترامب لم يكتف بالإشارة إلى العمليات السرية، بل ألمح أيضًا إلى احتمال تنفيذ ضربات برية مستقبلية داخل الأراضي الفنزويلية، مؤكدًا أن 'البحر بات تحت السيطرة'، وأنه ينظر الآن إلى 'البر' كخيار مفتوح. هذه التصريحات جاءت بعد سلسلة من العمليات العسكرية التي نفذتها القوات الأمريكية ضد قوارب يُشتبه في استخدامها لتهريب المخدرات من فنزويلا، وأسفرت عن مقتل العشرات منذ سبتمبر الماضي.
ويأتي هذا التحرك الأمريكي في سياق استراتيجية أوسع تهدف إلى تقويض سلطة مادورو، حيث سبق أن عرضت واشنطن مكافآت مالية ضخمة تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقاله أو محاكمته بتهم تتعلق بالاتجار الدولي بالمخدرات. وقد أدرجت وزارة العدل الأمريكية مادورو ضمن قائمة المطلوبين، متهمة إياه بإدارة شبكة تهريب واسعة النطاق تمتد من أمريكا الجنوبية إلى الولايات المتحدة.
ما يثير القلق في هذا السياق هو أن التفويض الجديد الممنوح للاستخبارات المركزية الأمريكية لا يقتصر على جمع المعلومات الاستخباراتية، بل يشمل أيضًا تنفيذ عمليات 'قاتلة' داخل فنزويلا، وفقًا لما نقلته مصادر مطلعة على طبيعة المهام الموكلة للوكالة. هذا النوع من العمليات، الذي يُعرف باسم 'العمليات السوداء'، يتم عادةً في سرية تامة، ويشمل اغتيالات مستهدفة، وتخريب منشآت، ودعم مجموعات مسلحة محلية.
الجدير بالذكر أن فنزويلا كانت منذ سنوات ساحة مواجهة غير مباشرة بين واشنطن وموسكو، حيث تحظى حكومة مادورو بدعم سياسي واقتصادي من روسيا، بما في ذلك صفقات تسليح وتعاون استخباراتي. وبالتالي، فإن أي تصعيد أمريكي في هذا الملف قد يؤدي إلى توتر أكبر في العلاقات بين القوتين، خاصة إذا ما اعتُبر التدخل الأمريكي تهديدًا مباشرًا لمصالح روسيا في المنطقة.
من جهة أخرى، أثارت تصريحات ترامب انتقادات داخلية من بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي، الذين اعتبروا أن الإعلان العلني عن عمليات سرية يُعرض حياة عناصر الاستخبارات للخطر، ويقوض فعالية المهام الميدانية. كما تساءل بعضهم عن مدى قانونية هذا التفويض، وما إذا كان قد تم بموجب صلاحيات استثنائية أو دون إشراف تشريعي كافٍ.
في المقابل، يرى مؤيدو ترامب أن هذه الخطوة تعكس حزمًا في مواجهة الأنظمة التي تهدد الأمن القومي الأمريكي، خاصة في ظل تزايد تدفق المهاجرين غير النظاميين من فنزويلا، وارتفاع معدلات تهريب المخدرات عبر البحر الكاريبي. وقد برر ترامب قراره بأن فنزويلا 'فرغت سجونها ومؤسساتها العقلية وأرسلت الآلاف إلى الولايات المتحدة'، وهو ادعاء لم تؤكده أي جهة مستقلة، لكنه يُستخدم لتبرير التصعيد الأمني.
في ظل هذا التصعيد، تبقى العلاقات الأمريكية الفنزويلية على حافة الانفجار، وسط ترقب دولي لما إذا كانت واشنطن ستكتفي بالعمليات السرية، أم أنها تمهد لتدخل عسكري مباشر في المستقبل القريب. كما يطرح هذا التطور أسئلة أوسع حول حدود استخدام القوة في السياسة الخارجية الأمريكية بأوامر من إدارة ترامب، ودور الاستخبارات في رسم ملامح المواجهة مع الأنظمة المعادية أو التي تعتبرها واشنطن كذلك.