اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في لحظة سياسية غير مسبوقة منذ استقلال سوريا عام ١٩٤٦، استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره السوري الانتقالي أحمد الشرع في البيت الأبيض، في زيارة رسمية تحمل دلالات رمزية واستراتيجية عميقة.
هذه الخطوة، التي جاءت بعد شطب اسم الشرع من قائمة الإرهاب الأمريكية، تعكس تحولًا جذريًا في العلاقات السورية – الأمريكية، وتفتح الباب أمام ترتيبات إقليمية جديدة قد تشمل مفاوضات مباشرة بين دمشق وتل أبيب.
وقد وصفت صحيفة دويتشه فيله هذه الزيارة بأنها 'رمزية للغاية'، مشيرة إلى أنها تمثل 'نقلة نوعية في موقع سوريا الإقليمي والدولي'.
من الجولاني إلى الشرع
بحسب تقرير دويتشه فيله، فإن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع كان يُعرف سابقًا بلقب 'أبو محمد الجولاني'، وكان يتزعم هيئة تحرير الشام المنبثقة عن جبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة. وبعد إعلان فك ارتباط الهيئة بالتنظيم، شطبت واشنطن اسمها من قائمة المنظمات الإرهابية في يوليو الماضي، مما مهّد الطريق أمام الشرع لتولي السلطة بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر ٢٠٢٤.
وقد نقلت صحيفة 'وورلد نيوز' أن واشنطن اتخذت قرار الشطب بعد تقييم تعاون القيادة السورية الجديدة في ملفات أمنية حساسة، منها البحث عن أمريكيين مفقودين والتخلص من الأسلحة الكيميائية المتبقية في البلاد.
مدير برنامج الولايات المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، مايكل حنا، وصف زيارة الشرع للبيت الأبيض بأنها 'تحمل رمزية كبيرة'، مشيرًا إلى أن الزعيم السوري الجديد 'يأخذ خطوة مذهلة في تحوله من قائد متشدد إلى رجل دولة عالمي'.
لقاء الرياض: تمهيد دبلوماسي لتحول العلاقات
اللقاء الأول بين ترامب والشرع لم يكن في واشنطن، بل في العاصمة السعودية الرياض، خلال جولة إقليمية للرئيس الأمريكي في مايو ٢٠٢٥.
اعتُبر ذلك اللقاء تمهيدًا لتطبيع العلاقات، خاصة بعد أن أزالت وزارة الخارجية الأمريكية اسم الشرع من القائمة السوداء.
وقد أوردت شبكة 'أكسيوس' أن هذه الخطوة جاءت ضمن استراتيجية أمريكية جديدة لإعادة دمج سوريا في المنظومة الإقليمية، بالتوازي مع ترتيبات أمنية تشمل إسرائيل والسعودية.
قاعدة أمريكية قرب دمشق
بحسب وكالة 'فرانس برس'، نقلًا عن مصدر دبلوماسي في سوريا، فإن الولايات المتحدة تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من دمشق، بهدف 'تنسيق المساعدات الإنسانية ومراقبة التطورات بين سوريا وإسرائيل'.
هذه القاعدة، التي لم تُعلن رسميًا بعد، تُعد جزءًا من إعادة التموضع الأمريكي في المنطقة، وتُشير إلى تحول في الاستراتيجية من العزل إلى التنسيق المباشر.
تحالف ضد 'داعش' ومفاوضات مع صندوق النقد
في إطار إعادة تأهيل سوريا دوليًا، اجتمع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في واشنطن مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، لبحث سبل دعم سوريا اقتصاديًا بعد سنوات من الحرب.
كما أعلن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توم باراك، أن الشرع قد يوقّع اتفاقًا للانضمام إلى التحالف الدولي ضد تنظيم 'الدولة الإسلامية'، الذي تقوده واشنطن.
وفي الداخل السوري، أعلنت وزارة الداخلية تنفيذ ٦١ مداهمة واعتقال ٧١ شخصًا في حملة استباقية ضد خلايا نائمة لتنظيم 'داعش'، شملت مناطق واسعة من البلاد، بما في ذلك حلب وإدلب وحماه وحمص ودير الزور والرقة ودمشق، وفقًا لوكالة 'سانا' الرسمية.
خطاب في الأمم المتحدة ورفع العقوبات الأممية
زيارة الشرع إلى واشنطن جاءت بعد إلقائه خطابًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، ليكون أول رئيس سوري يفعل ذلك منذ عقود. وقد قادت واشنطن تصويتًا في مجلس الأمن الدولي أسفر عن رفع العقوبات الأممية المفروضة على سوريا، في خطوة تعكس دعمًا دوليًا متزايدًا للقيادة الجديدة. وقدّر البنك الدولي تكلفة إعادة إعمار سوريا بأكثر من ٢١٦ مليار دولار، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة 'فايننشال تايمز' البريطانية.
دلالات التحول
- زيارة الرئيس السوري الانتقالي إلى البيت الأبيض تمثل اعترافًا أمريكيًا بشرعية القيادة الجديدة في دمشق، وتفتح الباب أمام ترتيبات أمنية واقتصادية تشمل إسرائيل.
- التحول من قائد ميداني إلى رئيس دولة يعكس ديناميكية غير مسبوقة في السياسة السورية، ويطرح تحديات تتعلق بالشرعية الداخلية والقبول الدولي.
- تأسيس قاعدة أمريكية قرب دمشق، والانضمام المحتمل إلى التحالف ضد 'داعش'، يشيران إلى تحول في الاستراتيجية الأمريكية من العزل إلى الاحتواء والتنسيق، كما أن رفع العقوبات الأممية وخطاب الشرع في الأمم المتحدة يعكسان بداية مرحلة جديدة من إعادة دمج سوريا في النظام الدولي، بعد أكثر من عقد من العزلة والصراع.


































