اخبار مصر
موقع كل يوم -سي ان ان عربي
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الأول ٢٠٢٥
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تبدو 'مدن الموتى' في مصر كهياكل متكاملة، بقبور متراصة إلى جانب بعضها البعض، تتجاور مع الحقول الخضراء، ومساكن الأحياء.
في هذه السلسلة من الصور الجوية، يسلط مصور الدرون المصري أسامة شريف الضوء على 'مدن الموتى' هذه الواقعة بين محافظتي الجيزة والمنوفية في مصر.
وقال في مقابلة مع موقع CNN بالعربية إن 'الموت يشكل جزءا من المجتمع وثقافته، فكما نهتم بتوثيق الثقافة الشعبية والعادات اليومية، من المهم أيضا أن نولي اهتماما بثقافة الدفن وكيفية تعامل الأحياء مع موتاهم'.
أوضح شريف أنه في غالبية الدول العربية والإسلامية، يتم الدفن في حفرة متواضعة تحت الأرض، بحيث يوارى الجثمان الثرى.
أما في مصر، فتضم هذه المقابر مساكن صغيرة فوق الأرض، تُبنى لتستوعب عائلة بأكملها، وتُستخدم عبر أجيال متعاقبة.
في كثير من الأحيان، يعيش الأحياء بجوار مدن الموتى تلك أو داخلها في بعض الأحياء الفقيرة، ليتجاور عالمي الموت والحياة في تباين صارخ، ومشهد يعد فريدا من نوعه في المنطقة العربية، على حد تعبير مصور الدرون المصري.
ووثق شريف مشاهد لـ'مدن الموتى' هذه بقرية 'جريس' في محافظة المنوفية، حيث أضاف التوثيق من أعلى بعدا آخر للمشهد، وكشف عن مدى اتساع مدن الموتى، التي تبدو كأحياء سكنية مكتظة بمبان متراصة على مساحات شاسعة، وهو مشهد يصعب إدراكه من أي منظور آخر بعيدا عن السماء.
قال مصور الدرون المصري: 'التصوير من الأعلى أو منظور عين الطائر يمنحنا فرصة لرؤية ما اعتدنا عليه بشكل مختلف تماما، فمدن الموتى في مصر نجدها دائمًا بجوار الأحياء السكنية أو الطرقات العامة'.
وأضاف: 'لكن عند النظر من الأعلى، تتكشف لنا تفاصيل جديدة، إذ يظهر أمامنا ترابط المساحات واتساعها وتنوع أشكال المدافن وأنماطها الهندسية'.
ولفت شريف إلى أنه 'يمكن لمباني المقابر أن تكون مطلية بألوان مختلفة، ما يكشف عن طابعها الخاص، إذ تحرص كل عائلة على إضافة لمستها على لون القبر أو شكله'.
وأوضح: 'هذا الاهتمام بالتفاصيل يعكس امتدادا لإرث حضارتنا المصرية القديمة، فمثلما شيّد أجدادنا الفراعنة هياكل ضخمة مثل الأهرامات ليعبروا عن مكانة الموت وأهمية الدفن في معتقدهم، لا يزال المصريون حتى اليوم يحملون الروح ذاتها من خلال إعطاء هذه المقابر جمالية تجعلها مختلفه عن طرق الدفن في باقي أنحاء المنطقة العربية'.
وأشار مصور الدرون المصري إلى أنه 'كان لابد من مراعاة حرمة الأموات وخصوصية المقابر بحيث لا يكون التوثيق مجرد مشهد بصري، بل عملا يحافظ على قدسية الموضوع، ويطرحه بشكل مناسب'.
وقد لقيت السلسلة التي شاركها شريف عبر حسابه على 'إنستغرام' ردود أفعال متباينة، إذ حاول البعض تحليل السبب وراء هذا الشكل المميز للدفن، فمنهم من ربطه بتاريخ مصر القديمة وتأثير فيضان النيل قديمًا، ومنهم من أرجعه إلى طبيعة التربة، وارتفاع منسوب المياه الجوفيه فيها، ما جعل بناء مقابر مرتفعة فوق الارض وسيله لحماية الموتى أنفسهم.