اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
سلّط موقع ميدل إيست مونيتور اللندني الضوء على الموقف المصري الحاسم من أي مخطط يستهدف فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، مشيرًا إلى تأكيد وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطي أن القاهرة ترفض بشكل قاطع أي محاولة لتقسيم الأراضي الفلسطينية، وذلك خلال اتصال هاتفي جمعه بوزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر. وجاء الطرح المصري في لحظة إقليمية بالغة الحساسية، بينما تتزاحم المبادرات الدولية والإقليمية لإعادة تشكيل المشهد الأمني والإنساني في غزة.
كما أكد عبدالعاطي في الاتصال أن وحدة الأراضي الفلسطينية خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وأن أي تصور يتجاوز مبدأ الوحدة الجغرافية والسياسية بين غزة والضفة سيقود إلى تعميق الانقسام وزيادة هشاشة الوضع الإقليمي. وبحسب ما نقلته المنصة، شدد الوزير على أن مصر تنظر إلى أي محاولة للفصل أو إعادة الهندسة الديموغرافية على أنها تهديد مباشر للاستقرار الإقليمي، خصوصًا في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة منذ اندلاع الحرب الأخيرة.
وخلال النقاش بين الجانبين، شدد الطرفان على ضرورة تسريع تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة، المكلفة بتنفيذ مهام منصوص عليها في قرار مجلس الأمن الأخير، ضمن إطار عمليات حفظ السلام، وبما يضمن استمرار تدفق المساعدات الإنسانية للسكان الذين يواجهون وضعًا كارثيًا.
وترى القاهرة أن إنشاء هذه القوة يمثل خطوة أساسية لتثبيت وقف إطلاق النار المنبثق عن اتفاق شرم الشيخ، وإعادة بناء الحد الأدنى من الاستقرار الأمني الذي يمهّد لإعادة الإعمار واستعادة الخدمات الأساسية.
وفي هذا السياق، أعاد عبدالعاطي التأكيد على أن الجهود الدولية يجب ألا تظل حبيسة ردود الفعل، بل أن تتحرك بشكل منسق لضمان تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وعدم السماح بتحويل غزة إلى ساحة مفتوحة للفراغ الأمني أو لتصفية الحسابات الإقليمية.
وترى مصر أن أي تراخٍ في فرض التزامات الأطراف كافة سيؤدي إلى استمرار حالة الانهيار الإنساني، ويقوّض فرص الوصول إلى تسوية مستدامة.
كما عبّر وزير الخارجية عن تطلع القاهرة إلى مشاركة المملكة المتحدة في المؤتمر الدولي لإعادة الإعمار والإنعاش المبكر لقطاع غزة، والذي تعتزم مصر استضافته. وأوضح أن المشاركة الغربية الواسعة ستكون بمثابة رسالة دعم معنوي وسياسي للشعب الفلسطيني، إضافة إلى كونها خطوة ضرورية لحشد التمويل وضمان تنسيق دولي متسق لا يعيد إنتاج الأخطاء السابقة.
وترى القاهرة أن إعادة إعمار غزة لا يمكن أن تكون مجرد عملية فنية، بل هي جزء من معادلة سياسية أشمل تتعلق بإعادة بناء سلطة فلسطينية قادرة وقبول دولي بإنهاء دوامة الصراع المتكرر.
ويأتي هذا التحرك المصري بينما تتكشف تقارير ميدانية عن تدهور الوضع الإنساني في غزة بوتيرة أسرع من قدرة المنظمات الأممية على التدخل. وتحذّر القاهرة من أن استمرار هذا المسار قد يدفع إلى موجات نزوح قسري واسعة، وهو السيناريو الذي ترفضه مصر بشكل قاطع، مؤكدة أنه يتعارض مع قواعد القانون الدولي ويقوّض فرص الاستقرار على امتداد الحدود الشرقية لمصر.
في ظل حديث بعض الأطراف الدولية عن ترتيبات “اليوم التالي” في غزة، تسعى مصر إلى تثبيت معادلة واضحة: لا إعادة صياغة للخريطة الجغرافية، لا تقسيم، ولا حلول تتجاوز الشرعية الفلسطينية أو تقفز فوق حل الدولتين. وتؤكد القاهرة أن التعاطي مع غزة باعتبارها كيانًا منفصلًا يخدم فقط منطق الاحتلال، ويعطي المبرر لاستدامة الوضع الحالي وتوسيع دائرة الصراع في الإقليم.
وبالموازاة، تدفع مصر باتجاه إنعاش مسار سياسي واقعي يمكن البناء عليه، يقوم على وقف شامل لإطلاق النار، وتثبيت التهدئة، وتمكين الفلسطينيين من إدارة شؤونهم في إطار موحّد، إلى جانب ضمانات دولية تمنع تكرار سيناريوهات الانفجار العسكري. وترى الدبلوماسية المصرية أن أي مبادرة لا تبدأ من هذه النقطة ستظل ناقصة وعرضة للانهيار عند أول اختبار ميداني.
وبينما تتواصل الاتصالات المصرية مع القوى الدولية المؤثرة، تبرز السياسة المصرية بوصفها الأكثر ثباتًا في معادلة الأزمة: حماية وحدة الأرض الفلسطينية، منع التهجير بأي شكل، ورفض محاولات فرض واقع جديد بالقوة أو عبر ضغوط سياسية غير مباشرة. ومن هذا المنطلق، تسعى القاهرة إلى تحويل الجهود الدبلوماسية الجارية إلى مسار واضح يفضي إلى حل شامل، وليس إلى هدنة مؤقتة تترك جذور الأزمة كما هي.
وفي ضوء هذه المتغيرات، يتواصل التنسيق المصري – البريطاني ضمن جهود أوسع تشمل أطرافًا عربية وغربية ودولية، بما يعكس إدراكًا مشتركًا بأن إنقاذ غزة من الكارثة الإنسانية وتجنيب المنطقة موجة صراع جديدة يتطلبان حلًا سياسيًا متوازنًا، يضع مصلحة الشعب الفلسطيني في صدارة الأولويات.


































