اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ١ تموز ٢٠٢٥
مع كل عام هجري جديد وما أن يعلن الهلال قدوم شهر المحرم تتجدد بداخلنا ذكرى مؤثرة في القلوب والنفوس ألا وهي ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي عليهما السلام .
هذا الحدث الكبير الذي اهتزت له الدنيا بأسرها اهتزازا لا مثيل له في دنيا الناس ..
فتصدعت حوائط التاريخ وتشققت جدرانه بشقيه القديم والمعاصر أيما تصدع وتشقق من هول هذه الفجيعة الدامية .
كيف لا والإمام الحسين له المكانة المتفردة التي لا تضاهيها مكانة في سماء هذا الدين العظيم ...
فحاز الفخار والإكبار كابرا عن كابر فهو من النبي والنبي منه بنص حديث جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم:'الحسين مني وأنا من الحسين، أحب الله من أحب حسينا،،الحسين سبط من الأسباط' وفي قوله :'الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة' .
وكثير من النداءات المحمدية للأمة كلها كقول المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم'مثل آل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها فقد نجا ومن تركها فقد هلك'.
'الله الله في أهل بيتي،أوصيكم الله في أهل بيتي'.
'تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدأ كتاب الله وعترتي' .
فهو بذلك إمام للقوم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا '
سر قول ربنا سبحانه وتعالى:{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} .
وقد كان ظهر جده رسول الله مركبه وريقه الشريف مشربه وكانت حجراته مستراحه وملعبه .
ولقد لفت انتباهي هذا النص الخطير المكتوب فوق باب ضريحه الشريف من داخل مسجده الأنور بمصر المحروسة 'الشفاء في تربته،والدعاء مجاب تحت قبته،والأئمة من عترته' .
قبيل وفاة معاوية بن أبي سفيان أوصى للخلافة من بعده لابنه يزيد وحاول أن يأخذ البيعة له من الإمام الحسين ولكنه لم ينجح في ذلك .
وتوالت الأيام سريعة ومات معاوية وترك خلفه تركة مثخنة بالدماء وحاول يزيد والذي كان ذا لهو ومجون أن يرغم الإمام الحسين على البيعة له ولم يتسنى له ذلك الأمر هو الآخر .
فكيف لمن هو في مكانة الحسين علوا وعلما وفقها وتقوى وفكرا أن يبايع مثل يزيد ؟
توترت الأمور وازداد الأمر اشتعالا..
يزيد يضغط بكل الطرق والإمام يرفض بكل ما حمل بداخله من إرث النبوة الطاهر .
وبعد أن رفض الإمام الحسين وبكل قوة الخنوع والخضوع للظلم وأبى أن يبايع يزيد بن معاوية خليفة للمسلمين كانت رسائل أهل الكوفة والعراق أن يفد الإمام إليهم لنصرته والوقوف إلى جانبه .
وبالفعل شد الإمام رحاله عساه يجد ضالته باحثا عن الحق الذي ينشده وينشده الآخرين في شخصه لكونه أمل النبوة المتبقي بينهم .
وبعد أن أرسل أهل الكوفة للحسين يبايعونه كانت المفاجأة بأن اخلفوا وعودهم ونكثوا عهودهم وأيمانهم!
حتى قال الفرزدق حين قابل الإمام على مشارف الكوفة:'قلوب الناس معك وسيوفهم عليك'!
وبعد مشاورات هنا وهناك كان التغرير بالإمام وكانت معركة كربلاء ....
بات الإمام الحسين ليلة عاشوراء يجهز للمعركة وكان غريبا عن المكان وبه نزيلا .....
إنها ليلة لا تنسى في التاريخ يوم قال الإمام لأصحابه :ارجعوا سالمين إلى دياركم فإن القوم لا يطلبون سواي فصاحوا قائلين:وماذا نقول لقومنا إذا رجعنا إليهم؟
فسمع القوم ضجيجا وأنينا وبادروا متعجبين:
أنقول لهم رجعنا وتركنا ابن بنت رسول الله وحده يقابل السهام والسيوف!
وفي أرض المعركة ينزل علي بن الحسين وقد أعياه المرض تتعثر خطواته بين الصفوف محاولا قدر جهده الدفاع عن أبيه بعدما رأى السيوف قد أخذت طريقها إلى جسده الشريف في وقت صمتت فيه الألسنة ونطقت فيه السيوف على منابر الرقاب
يحمل الإمام ابنه العليل عليا زين العابدين ويسلمه إلى عقيلة بني هاشم عمته السيدة زينب رضي الله عنها،فما أصعب هذه اللحظات وأقساها على الإمام وآل بيته!
يا للفجيعة،فلا أجد تعبيرا يسعفني الآن عن هول الموقف!
لله درهم من قوم باعوا الأرواح في أسواق الموت والبطولة والفداء .
إن يزيد اللعين وابن زياد وكلاهما شر من الآخر اشتروا النفوس بالمال آه ثم آه ثم آه فللدنانير بريقها !
كان الإمام يخوض معركة الشرف بأرض كربلاء في يوم كان أثقل من الجبال!
كان جيشه اثنان وسبعون من آل بيته وأصحابه فيهم زينب بطلة كربلاء
وكان ابن زياد القائد العام لجيش يزيد اللعين على رأس جيش تعداده أربعة آلاف ذئب!
ولئن نسيت فلن أنسى ما حييت صراخ القاسم بن الحسين من لهيب العطش حين منع الأعداء الماء عن الإمام وأصحابه وآل بيته!
يا أبت لقد اشتد بي العطش!
ويرد عليه أبوه يا قاسم:
يا بني تحمل قليلا فبعد قليل سنشرب من حوض جدك رسول الله .
الحسين بن علي وآل بيته يموتون عطشى وانهار الفرات بجانبهم تترفرف أمواجا .....!
الحسين لا يجد الماء ليسقى ابنه ونهر الفرات تحن أمواجه إلى الشاطئ!
وأهل العراق يصنعون جدارا بشريا يحول بينه وبين الماء!
وارتفع أصحاب الإمام وأهل بيته إلى عنان السماء شهداء .
وبقى الإمام في المعركة وحده على فرس الجهاد يواجه الجموع في إنفة وشموخ وإباء!
وزينب تنظر الى اخيها وسهام وسيوف أربعة آلاف مقاتل تقدم نحوه غير هيابة من بشاعة الجرم ولا وجله .
وما هي غير لحظات والإمام يضرب بسيفة يمينا ويساراً مقاتلاً وهو يلبس جبة جده رسول الله صلى الله عليه وآل بيته الطاهرين .
أي شجاعة تلك ؟
إنه سبط النبي سيد الشجعاء
إنه ابن علي المقاتل بين يدي رسول الله بالسيفين والضارب بين يديه بالرمحين
إنه ابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين 'يغضب الحق حين تغضب ويفرح حين تفرح'
إنه أخو الحسن الشهيد المصلح بين جماعة المسلمين .
وفي أرض الكرب والبلاء يقتل الإمام بعدما هلهل جسده الشريف بالضربات من كل جانب .
ويفصل رأس الإمام من شمر بن ذي الجوشن!
رأس لطالما قبله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!
وصدر الأمر ليداس جسد الإمام بحوافر الخيول فأضحت عليه تغدو وتروح!
يا فجيعتي من هول المشهد فلله درك يا سيد الشهداء ولله درك يا جبل الصبر يا عقيلة بني هاشم !
ديس الجسد كما يداس عرين الأسود من أقدام الجبناء واللقطاء !
وانتهت المعركة بهذه النهاية المأساوية التي لم يعرف التاريخ مثلها في جرمها وبشاعتها وخسة هؤلاء المارقين وجرمهم فيما أقدموا عليه من قتل ونحر للحسين ورفاقه الطاهرين!
حمل الرأس الشريف إلى قصر يزيد في دار خلافته كما سيقت السيده زينب رضي الله عنها وما تبقى معها من أهل البيت مكبلين بالسلاسل كما يساق الأسرى حتى انتهى بهم المطاف بين يدي يزيد وهناك كانت المواجهه الشديده والقويه بين عقيله بني هاشم والطاغيه يزيد بن معاويه حيث خيم الصمت على المكان فيظهر اليزيد نظرة التشفى لتبادره العقيلة زينب خطيبة في مجلسه ممطرة إياه بوابل من الطلقات النارية التي هشمت بها عرشه الظالم إلى الأبد فقالت له:'فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا يرحض عنك عارها وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين' .
وبعد انتهاء المواجهة تعود العقيلة إلى المدينة المنورة فتزور جدها رسول وما أن تصل إلى حجرته الشريفة حتى تمسك بعضدي الحجره بصوت من البكاء مكلوم وموجوع وحزين وتقول السلام عليك يا جداه
يا جدي:
اني ناعية اليك ولدك الحسين!
ثم تختار المشيرة زينب المسير الى مصر وعلى أبواب بلبيس بالشرقيه كان استقبالها من والي مصر'مسلمة بن مخلد الأنصاري' والذي خرج حافي القدمين مستقبلاً إياها هو و أهل مصر في مظاهرة من الحب للسيدة زينب ووفدها الكريم .
فكانت دعوات السيدة زينب والتي جادت بها قريحتها لأهل مصر قائلة:
'آويتمونا يا أهل مصر آواكم الله ونصرتمونا نصركم الله جعل الله لكم من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجاً .