اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١ تشرين الأول ٢٠٢٥
في وقت يترقب فيه العالم مآلات الحرب الدامية في غزة، برزت خطة السلام الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتبارها أبرز محاولة دولية لرسم ملامح مرحلة ما بعد الحرب.
الخطة، التي تقوم على وقف شامل لإطلاق النار، إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، وتفكيك البنية العسكرية للحركة، أثارت نقاشًا واسعًا على الساحة الدولية والإقليمية.
ووفقًا لتقرير نشرته شبكة سي بي إس نيوز، فإن الإدارة الأمريكية عرضت تفاصيل دقيقة تشمل تشكيل لجنة انتقالية لإدارة غزة بإشراف دولي، وتوزيع المساعدات عبر الأمم المتحدة، إلى جانب نشر بعثة رقابية لضمان تنفيذ البنود.
لكن اللافت في سياق هذه الخطة هو أن المكاسب السياسية الأكبر قد تكون من نصيب مصر، نظرًا لموقعها المحوري في معادلة الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، وارتباطها التاريخي بملف غزة.
فمنذ اتفاقية كامب ديفيد، احتفظت القاهرة بدور الوسيط المركزي في معظم جولات التهدئة السابقة، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت محاولات لإشراك أطراف إقليمية أخرى مثل قطر وتركيا.
ومع عودة مصر لتتصدر المشهد عبر خطة ترامب، يرى الخبراء أن ذلك يعيد الاعتراف بمكانتها كضامن رئيسي لأي ترتيبات مستقبلية.
ووفقًا لما نقله موقع أكسيوس عن صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فإن قطر ومصر وتركيا دعت حركة حماس إلى القبول بالخطة الأمريكية، إلا أن اللهجة المصرية بدت أكثر تماهيًا مع مبدأ 'القبول المشروط'، إذ أكدت القاهرة على أهمية إدراج ملف إعادة الإعمار، وتأمين الحدود مع القطاع، وحماية المدنيين.
ويرى محللون أن هذه النقاط تمثل في الواقع استجابة لاعتبارات الأمن القومي المصري، الذي يتأثر مباشرة بتطورات غزة بحكم الجوار الجغرافي.
وكانت بي بي سي نيوز من بين المصادر الغربية التي أبرزت أيضًا أن القاهرة هي الطرف الأكثر قدرة على ضمان التوازن بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، والفصائل الفلسطينية من جهة أخرى.
فبينما شدد ترامب، وفقًا لـ سي بي إس نيوز، على أن خطته تستند إلى 'حماية إسرائيل وضمان أمنها أولًا'، جاءت المقاربة المصرية لتضيف بعدًا إنسانيًا، يركز على وقف الانهيار في غزة وفتح الممرات الإنسانية.
ويعلق أحد المحللين في ذا نيو أراب قائلًا: 'هذه أول مرة منذ سنوات يظهر فيها بوضوح أن واشنطن بحاجة إلى القاهرة أكثر مما تحتاج القاهرة إلى واشنطن في ملف غزة.'
والتاريخ يعزز هذا الطرح. فخلال كل جولة حرب في غزة، من 2008 مرورًا بـ 2014 وحتى 2021، كانت القاهرة هي التي ترعى وقف إطلاق النار، لكن نتائج تلك الوساطات لم تتجاوز غالبًا إطار التهدئة المؤقتة.
اليوم، مع خطة ترامب، يتصور بعض الخبراء أن هناك نافذة لإعادة صياغة دور مصر ليصبح أكثر رسوخًا، خاصة مع دخول الصين على خط الترحيب بالمبادرة، كما نشرت رويترز، وهو ما يضيف بعدًا دوليًا جديدًا يعزز دور القاهرة كجسر بين الشرق والغرب.
وفي الوقت ذاته، لا تخلو الخطة من تحديات، أبرزها تحفظات حماس التي ترى فيها محاولة لتقويض سلطتها وفرض وصاية دولية على القطاع، إضافة إلى رفض قوى فلسطينية أخرى لأي صيغة تأتي دون مشاورات وطنية داخلية.
غير أن الدور المصري هنا يظهر كعنصر مرجّح، إذ بإمكان القاهرة الضغط لدمج المطالب الفلسطينية ضمن صيغة دولية مقبولة، ما يمنحها قوة تفاوضية إضافية.
وبينما يصف ترامب خطته بأنها 'الأكثر جرأة منذ عقود'، ويعتبرها البعض محاولة لتغيير قواعد اللعبة، فإن القراءة المتأنية تشير إلى أن المستفيد الأبرز سياسيًا هو مصر.
فبينما تتقاطع مصالح واشنطن وتل أبيب في ضمان أمن إسرائيل، تبدو القاهرة في موقع يمكّنها من إعادة فرض نفسها كلاعب لا غنى عنه، لتتحول خطة ترامب – على حد تعبير ذا نيو أراب – إلى 'انتصار دبلوماسي لمصر قبل أن تكون تسوية سياسية في غزة.'