اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢ تموز ٢٠٢٥
تشير تقارير حديثة رصدها المجلس الأطلسي، في واشنطن، إلى أن إيران قامت بتحميل ألغام بحرية على سفن تابعة لها في الخليج العربي، مما أثار قلقًا دوليًا كبيرًا بشأن احتمالية استهداف مضيق هرمز، وهو أحد أهم الممرات المائية في العالم لنقل النفط والغاز.
ووفقًا لرويترز، استندت إلى مصادر في المخابرات الأمريكية، تم رصد هذه الاستعدادات عقب هجمات إسرائيلية استهدفت مواقع إيرانية في سوريا ولبنان.
هذه الهجمات، التي استهدفت منشآت عسكرية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، دفعت طهران إلى اتخاذ خطوات استعراضية لإظهار قوتها العسكرية.
لم يتم نشر الألغام في المضيق، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الألغام لا تزال على متن السفن أو تم نقلها إلى مخازن سرية على الساحل الإيراني.
تشير المصادر إلى أن هذه الخطوة قد تكون جزءًا من استراتيجية إيران للضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، خاصة بعد فشل المفاوضات النووية الأخيرة.
ومع ذلك، يرى محللون أن إيران قد تستخدم هذه الاستعدادات كورقة مساومة سياسية دون نية فعلية لإغلاق المضيق، بسبب التكاليف الاقتصادية والعسكرية الهائلة التي قد تترتب على ذلك.
الأهمية الاستراتيجية لمضيق هرمز
يعد مضيق هرمز، الذي يربط الخليج العربي بخليج عمان والبحر العربي، من أهم الممرات التجارية في العالم. يمر عبره حوالي عشرين مليون برميل من النفط يوميًا، أي ما يعادل خمس إجمالي شحنات النفط والغاز العالمية.
المضيق، الذي يبلغ عرضه ثلاثة وثلاثين كيلومترًا في أضيق نقطة مع ممرات ملاحية بعرض ثلاثة كيلومترات فقط، يعتبر ممرًا حيويًا.
وأشار المحللون إلى أن إغلاق المضيق قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار الطاقة العالمية، مما يؤثر على اقتصادات دول مثل الصين والهند واليابان، التي تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط من الخليج. ومع ذلك، فإن إغلاق المضيق سيضر أيضًا بإيران، التي تعتمد على هذا الممر لتصدير معظم نفطها، مما وصفه نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس بالانتحار الاقتصادي، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
تاريخيًا، استخدمت إيران تهديدات إغلاق المضيق كأداة للضغط السياسي، كما حدث خلال التوترات مع الولايات المتحدة في عامي 2011 و2019، مما يعزز من أهمية هذا الممر في الاستراتيجية الإيرانية.
الردود الدولية والتحليلات
أثارت هذه الاستعدادات قلقًا دوليًا واسعًا، حيث حذرت عدة دول من تداعيات إغلاق المضيق. دعا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الصين إلى التدخل لمنع إيران من اتخاذ هذه الخطوة، مشيرًا إلى اعتماد الصين الكبير على النفط الذي يمر عبر المضيق، وفقًا لتقرير نشرته سي بي إس نيوز.
وفي السياق الأوروبي، تناولت الصحافة الفرنسية، مثل قناة فرانس 24، والألمانية، مجلة دير شبيجل، تقارير مباشرة حول تحميل الألغام، وأكدت تقارير أمريكية أن الجيش الأمريكي يستعد لاحتمالية تلغيم المضيق، مع خطط لنشر سفن حربية إضافية وتطوير استراتيجيات لتأمين الممر.
يرى خبراء مثل جريجوري برو، بمجموعة يورآسيا وان، أن إيران قد تلجأ إلى مضايقة السفن التجارية من خلال عمليات تفتيش أو هجمات محدودة بدلًا من إغلاق كامل، لتجنب مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة، التي تمتلك حضورًا عسكريًا قويًا في المنطقة، بما في ذلك قاعدة الأسطول الخامس في البحرين.
كما أشار محللون إلى أن إيران قد تستغل التوترات الحالية مع إسرائيل لتعزيز نفوذها الإقليمي دون الدخول في نزاع مفتوح.
مخاطر في السياق العسكري
تمتلك إيران ترسانة كبيرة من الألغام البحرية، تقدر بحوالي خمسة آلاف إلى ستة آلاف لغم، يمكن نشرها بسرعة باستخدام قوارب سريعة وغواصات صغيرة تابعة للحرس الثوري والجيش الإيراني.
هذه الألغام، التي تتراوح بين أنواع بدائية وأخرى متطورة، يمكن أن تكون كافية لتعطيل حركة الملاحة في المضيق لفترات طويلة.
عملية إزالة الألغام معقدة وخطرة، وقد تستغرق أسابيع أو حتى أشهر، خاصة إذا رافقتها هجمات بصواريخ مضادة للسفن أو طائرات بدون طيار، وهي قدرات أثبتت إيران فعاليتها في هجمات سابقة على ناقلات نفط في الخليج العربي عام 2019.
وفقًا لتقرير صادر عن أتلانتيك كاونسل، فإن إغلاق المضيق قد يتطلب استجابة عسكرية دولية منسقة، مما يزيد من مخاطر التصعيد الإقليمي. إضافة إلى ذلك، تمتلك إيران أسطولًا من القوارب السريعة المجهزة بصواريخ قصيرة المدى، مما يجعلها قادرة على تنفيذ هجمات خاطفة ضد السفن التجارية أو العسكرية.
وهذه الاستراتيجية، التي تُعرف باسم الحرب غير المتكافئة، تهدف إلى استنزاف خصوم إيران دون الحاجة إلى مواجهة مباشرة مع قوى عسكرية متفوقة مثل الولايات المتحدة.
الآثار الاقتصادية والسياسية
تجدر الإشارة إلى أن إغلاق مضيق هرمز، حتى لو كان مؤقتًا، سيؤدي إلى اضطرابات كبيرة في أسواق الطاقة العالمية. ارتفاع أسعار النفط قد يتجاوز مئة دولار للبرميل، مما يؤثر على الاقتصادات العالمية، خاصة الدول الآسيوية التي تعتمد على الخليج العربي لتلبية احتياجاتها من الطاقة.
على سبيل المثال، تستورد الصين حوالي نصف نفطها من الخليج، بينما تعتمد اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير على هذا الممر.
من ناحية أخرى، فإن إيران نفسها ستتضرر اقتصاديًا من إغلاق المضيق، حيث يمر عبره حوالي تسعين بالمئة من صادراتها النفطية، مما يجعل هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لطهران.
سياسيًا، قد تستخدم إيران هذه التهديدات لتعزيز موقفها في المفاوضات الدولية، خاصة فيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها أو الاتفاق النووي.
ومع ذلك، فإن أي خطأ في الحسابات قد يؤدي إلى تصعيد عسكري واسع النطاق، خاصة مع وجود قوات أمريكية وبريطانية ودولية أخرى في المنطقة.