اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
على الرغم من الاحتفاء الإثيوبي بافتتاح المرحلة الجديدة من سد النهضة في سبتمبر 2025، واعتباره أكبر مشروع كهرومائي في القارة الإفريقية بميزانية تجاوزت خمسة مليارات دولار، فإنّ الحلم الوطني الذي تبشّر به أديس أبابا ما زال يواجه تحديات بنيوية تهدد بتحويله إلى رمز للانقسام أكثر منه للوحدة، وفق تحليل موقع «كونفرسيشن أفريكا».
انقسامات عرقية وسياسية تهدد الوحدة الوطنية
تُظهر المعطيات أن الانقسامات العرقية والدينية والسياسية التي تعصف بإثيوبيا منذ سنوات ما زالت تقوّض أي فرصة لبناء هوية وطنية جامعة. فالنزاعات في إقليم تيجراي، والتوترات في أمهرا وأوروميا، كشفت هشاشة المشروع الوطني، بينما فشلت الحكومة في معالجة القضايا التاريخية المرتبطة بالإقصاء وتوزيع الموارد.
ويرى خبراء أن المشروعات القومية الكبرى، مثل سد النهضة، تُستغل سياسيًا لتجميل صورة الدولة دون معالجة الجذور العميقة للانقسام، ما يجعل الحديث عن الوحدة الوطنية أقرب إلى الشعار منه إلى الواقع.
مكاسب اقتصادية لا تكفي لبناء هوية جامعة
اقتصاديًا، يُتوقع أن يضيف السد نحو خمسة مليارات دولار للناتج المحلي، وأن يقلّص اعتماد البلاد على الوقود الأحفوري، ويعزز صادرات الكهرباء إلى دول الجوار. لكن الخبراء يؤكدون أن التنمية الاقتصادية وحدها لا تكفي لبناء هوية وطنية، إذا لم ترافقها سياسات فعالة للعدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية وتوزيع عادل للعائدات بين الأقاليم.
تحديات سياسية في ظل تعدد الأعراق واللغات
سياسيًا، يظل السد رمزًا للسيادة الوطنية في الخطاب الرسمي، لكنه يعكس في العمق واقع الانقسام الإثيوبي. فالبلاد تضم أكثر من 80 مجموعة لغوية وعرقية، أبرزها الأورومو والأمهرا والتيجراي، وهو تنوع يحتاج إلى حوار وطني صادق يعالج إرث التمييز ويؤسس لمفهوم جامع للمواطنة، بدلًا من المزايدات الخطابية حول “المشروع القومي”.
مخاوف إقليمية وبيئية متصاعدة
إقليميًا، يمتد تأثير السد إلى دولتي المصب مصر والسودان اللتين تعتمدان على مياه النيل، ما يجعل فشل المفاوضات حول قواعد التشغيل والتخزين تهديدًا محتملًا للاستقرار الإقليمي. أما بيئيًا، فتحذر الدراسات من أن تخزين كميات ضخمة من المياه قد يؤثر في التنوع البيولوجي والمجتمعات الزراعية المحلية، مما يعمّق الشعور بالتهميش لدى سكان المناطق المحيطة.
سياسات رمزية تزيد هشاشة الداخل
ويرى المراقبون أن حكومة آبي أحمد ركزت على الرمزية السياسية والاحتفالات الوطنية أكثر من معالجات جوهرية للانقسامات العرقية، إذ بقي الحوار الوطني شكليًا وغير شامل، فيما ظلت النزاعات في الأقاليم دون حلول دائمة.
كما أن غياب العدالة والمساءلة واستمرار التهميش جعلا الهوية الوطنية عرضة للتآكل، وأبقيا الوحدة الإثيوبية في حالة هشاشة مستمرة.