اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٧ تموز ٢٠٢٥
تشهد الساحة الدولية مخاوف متزايدة من أن فقدان الثقة في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يسهم في دفع العديد من الدول نحو السعي لامتلاك أسلحة نووية، بهدف تعزيز أمنها القومي في ظل ما يُنظر إليه كفراغ استراتيجي ناتج عن سياسات أمريكية غير متسقة.
وقد أثرت قرارات ترامب الخارجية، مثل الانسحاب من اتفاقيات دولية رئيسية والخطاب العدائي تجاه الحلفاء التقليديين، على استقرار النظام الأمني العالمي، مما أثار تساؤلات حول مدى التزام الولايات المتحدة بدورها التاريخي كضامن للأمن العالمي.
هذه التطورات أدت إلى نقاشات جادة حول احتمال عودة سباق تسلح نووي، يشبه إلى حد ما ما شهدته فترة الحرب الباردة، حيث تسعى دول مختلفة إلى تعزيز قدراتها الرادعة في مواجهة عدم اليقين السياسي، وفقا للمجلس الأطلسي.
تأثير انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقيات الدولية
تاريخيًا، لعبت الولايات المتحدة دورًا محوريًا في الحد من انتشار الأسلحة النووية من خلال دعم معاهدات مثل معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) والتزاماتها الأمنية مع الحلفاء. ومع ذلك، أدت قرارات إدارة ترامب، مثل الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني (JCPOA) ومعاهدة القوات النووية متوسطة المدى مع روسيا، إلى إضعاف هذا النظام. على سبيل المثال، بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم بنسب أعلى، مما أثار مخاوف دولية من احتمال عودتها إلى برنامج نووي عسكري. تقارير استخباراتية، كما نقلتها شبكة بي بي سي الإخبارية، تشير إلى أن الضربات الأمريكية على منشآت نووية إيرانية، مثل نطنز وفوردو، لم تدمر بالكامل مخزون اليورانيوم المخصب أو أجهزة الطرد المركزي، مما يعزز الشكوك حول فعالية هذه السياسات. في الوقت نفسه، وأثارت تصريحات ترامب حول تدمير البرنامج النووي الإيراني جدلًا، حيث شككت تقارير صينية وغربية في صحة هذه الادعاءات، مما زاد من انعدام الثقة في الرواية الأمريكية.
تأثير السياسات على الحلفاء التقليديين
لم تقتصر تداعيات سياسات ترامب على الدول المعادية، بل امتدت إلى الحلفاء التقليديين، مثل الدول الأوروبية وكوريا الجنوبية واليابان. تصريحات ترامب حول تقليص التزامات الولايات المتحدة في حلف الناتو أثارت قلقًا بين الأعضاء الأوروبيين، الذين بدأوا يفكرون في تعزيز قدراتهم العسكرية المستقلة. محاولات أوروبا لإنشاء آليات لتجاوز العقوبات الأمريكية على إيران باءت بالفشل، مما يعكس اعتمادها الاقتصادي على الولايات المتحدة وصعوبة تحقيق استقلال استراتيجي.
وفي شرق آسيا، أثارت التهديدات المتزايدة من كوريا الشمالية وصعود الصين كقوة عظمى تساؤلات حول مدى التزام الولايات المتحدة بحماية حلفاء مثل اليابان وكوريا الجنوبية. على الرغم من عدم وجود أدلة مباشرة على أن هذه الدول تسعى لامتلاك أسلحة نووية، فإن الفراغ الاستراتيجي الناتج عن سياسات ترامب قد يدفعها إلى إعادة تقييم سياساتها الأمنية، خاصة في ظل استمرار كوريا الشمالية في تطوير ترسانتها النووية رغم العقوبات الأمريكية.
مخاوف من سباق تسلح نووي جديد
تُضيف هذه التطورات طبقة من التعقيد إلى المشهد الدولي، حيث حذر خبراء، كما نقلت الأمم المتحدة، من أن قصف المنشآت النووية الإيرانية يمثل 'منعطفًا خطيرًا' قد يؤدي إلى دوامة من الانتقام المتبادل. مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أكد أن نظام منع الانتشار النووي يواجه تحديات غير مسبوقة، مشددًا على ضرورة تكثيف الجهود الدبلوماسية لتعزيز الالتزام بالمعاهدات الدولية. في المنطقة العربية، ألمحت دول مثل المملكة العربية السعودية إلى إمكانية السعي لامتلاك قدرات نووية إذا شعرت بتهديد متزايد من إيران، خاصة مع تراجع الثقة في الضمانات الأمريكية.
هذه التطورات، إلى جانب استمرار كوريا الشمالية في تطوير أسلحتها النووية، تثير مخاوف من عودة سباق تسلح نووي، يزيد من مخاطر الصراعات العسكرية سواء عن قصد أو نتيجة سوء تقدير استراتيجي.
تحديات أمام الدبلوماسية الدولية
تواجه الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية تحديات هائلة في ظل تراجع الدعم الأمريكي للجهود الدبلوماسية متعددة الأطراف. سياسات ترامب، التي تركز غالبًا على المصالح الأمريكية الضيقة، خلقت فراغًا استراتيجيًا يحاول لاعبون دوليون ملأه بوسائل قد تزيد من عدم الاستقرار. على سبيل المثال، فشل المفاوضات مع إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي يعكس صعوبة استعادة الثقة في الحوار الدبلوماسي.
وتشير تقارير فرانس 24 إلى أن العقوبات الأحادية والعمليات العسكرية، مثل الضربات على المنشآت الإيرانية، لم تحقق أهدافها بالكامل، مما يعزز الحاجة إلى نهج دبلوماسي أكثر شمولية. في الوقت نفسه، يحذر المحللون من أن استمرار الخطاب العدائي وغياب التعاون الدولي قد يدفع المزيد من الدول إلى البحث عن بدائل نووية لضمان أمنها.
وقالت وكالة بلومبرج إن التطورات الأخيرة تكشف بما لا يدع مجالا للشك أن فقدان الثقة في إدارة ترامب، الناتج عن سياسات خارجية غير متسقة وانسحاب من اتفاقيات دولية، قد ساهم في زعزعة استقرار النظام الأمني العالمي. هذا الوضع دفع دولًا مثل إيران إلى تسريع برامجها النووية، وأثار تساؤلات بين الحلفاء حول موثوقية الضمانات الأمريكية، مما قد يشجع بعض الدول على استكشاف خيارات نووية. على الرغم من أن الأدلة على سباق تسلح نووي واسع النطاق لا تزال محدودة، فإن المخاطر الناتجة عن هذا الفراغ الاستراتيجي تتطلب جهودًا دبلوماسية مكثفة لإعادة بناء الثقة وتعزيز الالتزام بمعاهدات منع الانتشار. إن استمرار التوترات الجيوسياسية في ظل غياب قيادة أمريكية موثوقة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الأمن العالمي.