اخبار اليمن
موقع كل يوم -سما نيوز
نشر بتاريخ: ١٦ أيار ٢٠٢٥
شهدت عدن اليوم، وكذلك قبل عدة أيام، فعالية نسوية جديدة خرجت فيها نساء الجنوب بكرامتهن المعهودة، مطالبات بأبسط الحقوق :
كهرباء، ماء، رواتب، وخدمات تحفظ لهن الحياة بحدها الأدنى، جاءت هذه الخطوة الجريئة للمرة الثانية خلال فترة قصيرة لتعبر عن شجاعة ومسؤولية غير مسبوقة في وقت تراجعت فيه أصوات كثير من القوى التي تدعي تمثيل الناس .
وفي المقابل، لم يكن رد فعل المجلس الانتقالي الجنوبي على مستوى الحدث، بل بدا متأخراً ومرتبطاً بالتعليق والتبرير، وكأن دوره السياسي لا يتعدى التعامل مع ما يحدث بعد وقوعه، لا في صناعته أو التأثير فيه، وهنا يكمن الخلل الكبير :
لماذا لا يزال المجلس يمارس السياسة بعقلية رد الفعل رغم امتلاكه قاعدة جماهيرية وحضور سياسي وعسكري ؟ ولماذا لا يتقدم الصفوف في القضايا التي تمس الناس مباشرة، ويكتفي بمواقف باهتة حين لا يجد مجالاً للمناورة ؟
يبدو أن غياب الرؤية السياسية الواضحة والانشغال بصراعات الهوية والخصومة جعلا من المجلس كياناً عالقاً بين دور المعارض وشهوة السلطة، عاجزاً عن أن يكون طرفاً مبادراً في معالجة الأزمات المعيشية، والأدهى أن أدواته في الإدارة اليومية ضعيفة أو غائبة رغم كل الشعارات المرفوعة باسم التمكين والسيادة .
لقد فعلت النساء في عدن ما عجز عنه كثير من الرجال، وتحملن مسؤولية أخلاقية عن مجتمع بأكمله، وقدمّن مشهداً حضارياً يليق بتاريخ الجنوب ونضاله، وما ننتظره اليوم ليس فعالية جديدة، بل فعلاً سياسياً يرتقي إلى مستوى التضحيات، انتظار الناس طال، ولم تعد البيانات والتبريرات تقنع أحداً .
الجماهير التي منحتكم شرعيتكم لا تنتظر منكم خطابات تشرح الألم، بل قرارات تضع حداً له، لم تصوّت لكم لتكونوا شهوداً على معاناتها، بل قادة يحملون همها ويدافعون عن حقوقها، وإذا لم تكونوا أنتم في الصف الأول، فلن تتأخر الجماهير عن البحث عمن يستحق أن يمثلها فعلاً لا قولاً، الجنوب يستحق منكم أكثر، والوقت يضيق، والناس تتألم .
وإذا كان صبر الناس قد منحكم وقتاً كافياً لتثبتوا جدارتكم، فإن استمرار هذا الصبر ليس مضموناً، خصوصاً حين يرون أن من يدّعي تمثيلهم لا يبادر، ولا يدافع، ولا يضع معاناتهم في مقدمة أولوياته، إن الفعل السياسي الذي لا ينبثق من وجع الناس ولا يترجم احتياجاتهم، هو فعل معزول مهما علت نبرته أو كثرت منشوراته .
ما يجري اليوم ليس مجرد أزمة خدمات أو مطالب معيشية، بل هو امتحان حقيقي لشرعية القوى التي تتصدر المشهد، المطلوب منكم ليس تضامناً موسميًا، ولا مواقف متأخرة بعد أن تشتعل الشوارع، بل شجاعة اتخاذ القرار، وتحمل مسؤولية القيادة، والوقوف بجرأة في مواجهة كل من يتسبب في معاناة هذا الشعب .
الماجدات الجنوبيات وجهن إليكم نداءً من الميدان، بصوتهن وإصرارهن، وعلى القيادات أن تلتقط هذه الرسالة جيداً، لأن القادم سيكون أكثر إيلاماً إذا استمرت سياسة التجاهل والتبرير والمراوغة، إن التاريخ لا يُحابي أحداً، ولا يحتفظ إلا بمن وقف في صف الناس حين اشتدت العواصف .