اخبار اليمن
موقع كل يوم -المهرية نت
نشر بتاريخ: ١٤ حزيران ٢٠٢٥
كشفت دراسة مطولة، صادرة عن 'مركز سقطرى للدراسات الإنسانية والاستراتيجية' أن ظاهرة جرف الأمواج مجموعة من الدلافين على شواطئ قلنسية غرب جزيرة سقطرى يوم 3 يونيو الجاري، والتي أثارت حالة من القلق العلمي والبيئي، ترتبط ارتباطاً عضوياً بالتغيرات البيئية الموسمية الحادة، لاسيما خلال فترتي مايو-يونيو وسبتمبر-أكتوبر، حيث تتقاطع التيارات البحرية المتضاربة مع الخصائص الطبوغرافية الفريدة للجزيرة.
وأوضحت الدراسة أن الدلافين قارورية الأنف والمخططة – وهي أنواع اجتماعية تعيش في قطعان متماسكة – تدفعها التقلبات المناخية المفاجئة خلال الرياح الموسمية إلى المياه الضحلة، حيث تُربك المنحدرات الساحلية اللطيفة أنظمتها التوجيهية المعتمدة على تحديد المواقع بالصدى.
كما حذر الباحثون من تفاقم الظاهرة بسبب تداخل عوامل متعددة؛ فإلى جانب ظاهرة 'الصعود البحري' التي تغير درجات حرارة المياه بسرعة، ثمة تأثيرات لتغير المناخ العالمي الذي يغيّر مسارات هجرة الفرائس كالأسماك والحبار، فضلاً عن الضوضاء تحت المائية الناتجة عن أنشطة الصيد والسياحة المحدودة، والتي تشوّش على اتصالات هذه الثدييات الذكية.
وفي رد فعل عاجل، قدم المركز توصيات متدرجة تركز على إنشاء نظام إنذار مبكر يعتمد على تدريب الصيادين المحليين للإبلاغ الفوري عن الحوادث، وتجهيز ثلاث فرق إنقاذ متنقلة مجهزة بأحواض نقل وإسعافات أولية، مع تطوير بروتوكولات موحدة للتعامل مع حالات الجنوح خلال العامين القادمين.
أما على المدى المتوسط (2-5 سنوات)، فتشمل الخطة إنشاء مركز أبحاث متخصص لدراسة سلوك الثدييات البحرية، وشبكة مراقبة بيئية مزودة بأجهزة استشعار حديثة، وبرنامج لتتبع الدلافين عبر الأقمار الصناعية.
وتتطلع التوصيات طويلة الأجل (5-10 سنوات) إلى إقامة محمية بحرية مخصصة للثدييات البحرية، وشبكة مراقبة إقليمية بالشراكة مع الدول المطلة على المحيط الهندي، إلى جانب برنامج توعوي يشمل المدارس والمجتمعات الساحلية.
وشدّد الدكتور عمر السقطري، مدير الأبحاث البيئية بالمركز، في تصريح خاص على أن 'جنوح الدلافين ليس مجرد حادثة عابرة، بل جرس إنذار حيوي لاختلال التوازن في أحد أغنى النظم البيئية البحرية بالعالم'، مذكراً بأن مياه سقطرى – التي تؤوي 730 نوعاً من الأسماك و352 نوعاً من المرجان – تواجه تهديدات متصاعدة بسبب تغير المناخ، ما يستدعي حماية عاجلة لهذا الموقع الفريد الذي يُعد حاضنة للحياة البحرية في المحيط الهندي.
يذكر أن معدل نجاة الدلافين في حوادث جنوح سقطرى يصل إلى 60% بفضل الاستجابة المحلية السريعة، إلا أن الخبراء يحذرون من أن استمرار العوامل المسببة دون تدخل قد يحوّل هذه الظاهرة من حالات فردية إلى كوارث جماعية تهدد التنوع البيولوجي، الذي تعتمد عليه الجزيرة اقتصادياً وبيئياً.