اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد اليمني
نشر بتاريخ: ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
أعلن فريق بحثي فرنسي عن فتح جديد في مجال استكشاف الكواكب، بعد أن تمكن من رصد ما يُعتقد بأنه برق على سطح المريخ لأول مرة، مستنداً في ذلك إلى بيانات صوتية التقطها مسبار 'بيرسيفيرنس' التابع لوكالة 'ناسا'.
وجاء هذا الاكتشاف المفصلي نتيجة تحليل دقيق لـ 28 ساعة من التسجيلات الصوتية التي جمعها المسبار على مدى سنتين مريخيتين، حيث رصد العلماء 4 حالات لطقطقة ناتجة عن تفريغات كهربائية، أطلقوا عليها اسم 'برق صغير'. وأفاد الباحثون بأن معظم هذه الحالات وقعت أثناء فترات هبوب العواصف الترابية والزوابع النشطة على الكوكب.
وأوضح بابتيست شيديه، المؤلف الرئيسي للدراسة من معهد أبحاث الفيزياء الفلكية والكواكب في تولوز، أن البحث عن نشاط كهربائي وبرق في الغلاف الجوي للمريخ كان مستمراً منذ خمسين عاماً. وعلّق على الاكتشاف قائلاً: 'يشبه الأمر إيجاد قطعة ناقصة من أحجية'، مشيراً إلى أن هذا الإنجاز 'يفتح مجالاً جديداً تماماً من البحث في علوم المريخ'، لا سيما فيما يتعلق بالتأثيرات الكيميائية المحتملة لهذه التفريغات.
من جهته، سلط دانيال ميتشاريد من جامعة كارديف، الذي لم يشارك في الدراسة، الضوء على الطبيعة غير المتوقعة لهذا الكشف، موضحاً في مقال مرافق نشرته مجلة 'ناتشر' أن الميكروفون المستخدم في الرصد لم يُصمم أساساً لرصد البرق، بل كان جزءاً من نظام مخصص لفحص الصخور عبر الكاميرات والليزر. وأكد ميتشاريد أن التفريغات الكهربائية 'سُمِعت ولم تُرصد بصرياً'، واصفاً الأمر بأنه 'اكتشاف بالصدفة، حيث التُقطت أصوات لشيء آخر يجري في الجوار، وكل الدلائل تشير إلى أنه برق مريخي'.
وبتحليل خصائص هذه الظاهرة، تبين أن قطر التفريغات الكهربائية لا يتعدى بضعة سنتيمترات، وأنها وقعت على مسافة تقل عن مترين من الميكروفون المثبت أعلى سارية المسبار. وقد تميزت التفريغات الناتجة عن الزوابع الترابية بسرعتها، حيث لم تتجاوز مدتها بضع ثوانٍ، بينما استمرت تلك المرتبطة بالعواصف الترابية الأوسع نطاقاً لمدة تصل إلى نصف ساعة.
وأشار شيديه إلى أن هذه الظاهرة 'تشبه عاصفة رعدية على الأرض، لكنها بالكاد تُرى بالعين المجردة، وتتميز بكثير من الشرارات الخافتة'، مردفاً أن الغلاف الجوي المريخي الرقيق والغني بثاني أكسيد الكربون يمتص قدراً كبيراً من الأصوات، مما يجعل بعض الشرارات بالكاد مسموعة. كما لفت إلى أن طبيعة الغلاف الجوي للمريخ تجعله أكثر عرضة من نظيره الأرضي لحدوث التفريغ الكهربائي والشرر الناتج عن احتكاك حبيبات الغبار والرمال.
وفيما يتعلق بآثار هذا الاكتشاف على المهام المستقبلية، كتب ميتشاريد: 'تشير الأدلة الحالية إلى أنه من المستبعد جداً أن يتعرض أول إنسان يخطو على سطح المريخ لصاعقة برق أثناء غرس العلم'. غير أنه استدرك محذراً من أن 'التفريغات الكهربائية الصغيرة والمتكررة المشابهة للكهرباء الساكنة قد تشكل مشكلة للمعدات الحساسة'.
يُذكر أن هذا ليس أول بث صوتي من الكوكب الأحمر، فقد سبق لمسبار 'بيرسيفيرنس' أن نقل إلى الأرض أصواتاً لعجلاته وهي تتحرك على التربة المريخية، وصوت مروحيته المرافقة 'إنجينيويتي' أثناء طيرانها. ويواصل المسبار عملياته في استكشاف دلتا نهر جاف منذ عام 2021، حيث يجمع عينات صخرية بحثاً عن أدلة محتملة على وجود حياة ميكروبية قديمة، في مهمة تخطط 'ناسا' لإكمالها بإعادة هذه العينات إلى الأرض، وهي الخطة التي تواجه حالياً تأجيلاً غير محدد المدة بينما تبحث الوكالة عن بدائل أقل تكلفة.
مع تأكيد وجود تفريغات كهربائية على الكوكب الأحمر، تظل الحاجة قائمة إلى تطوير أجهزة متخصصة مستقبلية لتأكيد طبيعة هذه الظاهرة ومدى انتشارها، مما يضع أساساً لفصل جديد في فهم ديناميكيات الغلاف الجوي للمريخ وتحديات استكشاف البشر له.













































