اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
أثار إعلان محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد مليشات الدعم السريع، عن هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر في السودان جدلًا واسعًا داخل البلاد وخارجها.
فقد جاء الإعلان في وقت تتواصل فيه المعارك العنيفة بين الجيش السوداني وقواته، ما جعل كثيرين يشككون في جدية الالتزام بالهدنة. صحيفة الإندبندنت البريطانية وصفت هذه الخطوة بأنها 'إعلان يفتقر إلى المصداقية'، مشيرة إلى أن الهدنة لم تصمد سوى ساعات قبل أن تُستأنف الهجمات على مدن سودانية عدة.
خلفية الهدنة
منذ اندلاع الحرب في أبريل ٢٠٢٣، شهد السودان محاولات متكررة لوقف إطلاق النار، لكن معظمها انهار سريعًا بسبب استمرار القتال على الأرض.
إعلان حميدتي الأخير جاء في سياق ضغوط دولية متزايدة، خاصة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، اللذين طالبا بفتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات إلى ملايين المدنيين المحاصرين.
غير أن تقارير رويترز أكدت أن قوات الدعم السريع استغلت بعض الهدن السابقة لإعادة التموضع العسكري ونقل الإمدادات، ما جعل الحكومة السودانية تعتبر الإعلان الجديد مجرد مناورة سياسية.
ردود الحكومة السودانية
الحكومة في الخرطوم رفضت إعلان حميدتي واعتبرته محاولة لتجميل صورته أمام المجتمع الدولي.
وزير الإعلام السوداني خالد الإعيسر قال إن 'قوات الدعم السريع لا يمكن أن تكون طرفًا موثوقًا في أي هدنة، لأنها تستغلها لإطالة أمد الحرب'.
صحيفة فاينانشال تايمز نقلت عن مسؤولين سودانيين أن الدعم السريع ارتكب انتهاكات جسيمة في الفاشر ومدن أخرى، بما في ذلك حصار المدنيين وقصفهم بالطائرات المسيّرة، وهو ما يتناقض مع أي حديث عن هدنة إنسانية.
التداعيات السياسية
يرى مراقبون أن إعلان حميدتي ليس سوى محاولة لإعادة تقديم نفسه كقوة مسؤولة أمام المجتمع الدولي، بعد أن تزايدت الاتهامات ضده بارتكاب جرائم حرب.
صحيفة الجارديان أشارت إلى أن الدعم السريع يسعى من خلال هذه الهدنة إلى كسب الوقت وإعادة ترتيب صفوفه، في حين يصر الجيش السوداني على أن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يكون جزءًا من خارطة طريق واضحة تشمل انسحاب الميليشيات من المدن.
الموقف الدولي
المجتمع الدولي تعامل بحذر مع إعلان حميدتي. الأمم المتحدة رحبت مبدئيًا بأي خطوة لوقف القتال، لكنها شددت على ضرورة أن تكون الهدنة قابلة للتحقق ومصحوبة بآليات مراقبة مستقلة. الاتحاد الأفريقي من جانبه دعا إلى مفاوضات شاملة تشمل جميع الأطراف، محذرًا من أن أي هدنة أحادية الجانب قد تتحول إلى وسيلة لإعادة التموضع العسكري.
تقارير بي بي سي أوضحت أن القوى الغربية تنظر إلى إعلان حميدتي بعين الريبة، خاصة بعد فشل الهدن السابقة في تحقيق أي نتائج ملموسة على الأرض.
البعد الإنساني
الوضع الإنساني في السودان يزداد سوءًا يومًا بعد يوم. أكثر من عشرة ملايين شخص بحاجة إلى مساعدات عاجلة، وفق تقديرات الأمم المتحدة. استمرار القتال يجعل من الصعب إيصال الغذاء والدواء إلى المناطق المحاصرة، بينما تتعرض المستشفيات للقصف والانهيار.
صحيفة الإندبندنت البريطانية شددت على أن المدنيين هم الضحايا الحقيقيون لهذه الحرب، وأن أي هدنة لا تُترجم إلى وقف فعلي لإطلاق النار لن يكون لها أثر يُذكر على حياة الناس.
ويعكس إعلان 'هدنة حميدتي' صراع الروايات بين الدعم السريع والحكومة السودانية: الأولى تحاول تقديم نفسها كقوة مسؤولة تسعى لحماية المدنيين، بينما الثانية ترى أن هذه الهدنة مجرد أداة سياسية لإطالة أمد الحرب.
وفي ظل استمرار القتال على الأرض، تبدو فرص نجاح أي هدنة ضعيفة ما لم تُبنى على اتفاق شامل وملزم لجميع الأطراف، مع وجود آليات مراقبة دولية تضمن التنفيذ.


































