اخبار اليمن
موقع كل يوم -سما نيوز
نشر بتاريخ: ٢٣ أيلول ٢٠٢٥
منذ تشكيله، اعتمد المجلس الانتقالي الجنوبي سياسة إعلامية مثيرة للجدل، وُصفت بأنها مبتذلة وغير مهنية، وتشبه إلى حد كبير خطاب الحزب الاشتراكي السابق. الفرق الجوهري هنا يكمن في أن الحزب الاشتراكي كان يستند في خطابه إلى واقع سيطرته على الأرض وإدارته، بينما خطاب المجلس الانتقالي اليوم يبدو وكأنه يرتكز على الأوهام، الأكاذيب، والتضليل الإعلامي، بعيدًا عن واقع الشراكة السياسية الذي يعيشه.
إن استمرار المجلس الانتقالي في تبني هذا النهج الإعلامي يضعه في مواقف محرجة، خصوصًا في ظل التحولات السياسية الراهنة، حيث أصبح شريكًا أساسيًا في منظومة الشرعية. المطلوب الآن هو تبني خطاب سياسي واقعي، يسمي الأشياء بمسمياتها، ويعكس المرحلة الجديدة التي يمر بها.
#### قناة عدن المستقلة: من الإقصاء إلى الشمولية
مثال واضح على هذا النهج هو قناة 'عدن المستقلة'. بدلاً من أن تكون منبرًا يمثل كل الأطراف الجنوبية ويعكس تنوع الآراء والاختلافات، نجدها تمارس سياسة إقصائية، وتغلق أبوابها أمام الآراء المخالفة، في تجاهل واضح لأدبيات الميثاق الوطني.
إن الممارسة السياسية المرنة إلى درجة 'الانبطاح القرفصائي'، مع ممارسة التطرف الإعلامي الذي يصل إلى حد التزوير، **يضعان وسائل المجلس الانتقالي الإعلامية في زاوية التفاهة الإعلامية.** ما حدث في تغطية زيارة رئيس المجلس الانتقالي إلى الولايات المتحدة الأمريكية خير دليل على ذلك. فقد تم تصوير الزيارة كإنجاز فردي عظيم، في محاولة لإيهام الجمهور بأن الزبيدي ذهب لمقابلة الرئيس الأمريكي وإلقاء خطاب الجنوب في الأمم المتحدة. لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا؛ فقد كانت الزيارة ضمن وفد رسمي يترأسه الدكتور رشاد العليمي بصفته رئيسًا لمجلس القيادة الرئاسي، وكان الزبيدي مرافقًا ضمن الوفد.
هذا التضليل الإعلامي أثار انتقادات واسعة من النخب والمثقفين، وكشف عن حالة من 'الشذوذ' في التعاطي الإعلامي غير المهني. فمن يقود السياسة الإعلامية للمجلس الانتقالي اليوم يبدو وكأنه لا يتابع ردود أفعال النخب والمثقفين، ولا يدرك حجم الضرر الذي يلحقه بسمعة المجلس ومواقفه.
—
### نحو سياسة إعلامية عقلانية ومنسجمة مع الواقع
إن المرحلة الحالية تتطلب سياسة إعلامية أكثر عقلانية، تنسجم مع وعي الناس وتطلعاتهم. صحيح أن هناك ثوابت لا يمكن التنازل عنها، لكن حتى هذه الثوابت يجب أن تُطرح في خطاب عقلاني، يركز على المشتركات بدلاً من الاختلافات.
من الأجدى أن يركز الإعلام التابع للمجلس الانتقالي على **القضايا العامة التي تهم المواطن، مثل محاربة الفساد، وتحسين الخدمات، بدلاً من الانغماس في سياسات التلميع والتضليل.** يجب أيضاً **تسليط الضوء على القضايا الساخنة كقضية الفقر** الذي يعصف بالمجتمع، والعمل على رفع الوعي بهذه القضايا ومناقشة الحلول الممكنة لها.
كما يجب أن يكون الإعلام الجنوبي، ممثلاً بقناة عدن المستقلة، **منبراً لإحياء الموروث الثقافي والفني الجنوبي**، الذي يشكل جزءاً هاماً من هوية الجنوب. من المعيب أن تظل هذه القناة في وضع متأخر عن قنوات حديثة لم يمضِ على تأسيسها سوى عامين. **فالتركيز على الفن، والموسيقى، والأدب، والتراث الشعبي** من شأنه أن يمنح القناة عمقاً وجاذبية أكبر، ويساهم في بناء وعي جمعي يستند إلى تاريخ وثقافة عريقة.
إن تبني خطاب إعلامي واقعي ومهني، بعيداً عن الأكاذيب والتطبيل، هو السبيل الوحيد لكسب ثقة الجمهور والنخب، والخروج من الزاوية الحرجة التي وضع فيها المجلس الانتقالي نفسه.