اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
نشرت صحيفة “قايننشال تايمز” تقريرا لمراسلتها نجمة بوزجمهر قالت فيه إن إيران تشهد تنافسا بين المتشددين والإصلاحيين في مرحلة ما بعد الضربة الإسرائيلية. وقالت إن المتشددين الإيرانيين أشعلوا من جديد صراعهم المر على السلطة مع الساسة الإصلاحيين بعد حرب الـ 13 يوما مع إسرائيل، والتي أثارت تنافسا حادا حول مستقبل الجمهورية الإسلامية.
وتقول الصحيفة إن انتكاسات إيران على يد إسرائيل والولايات المتحدة، ومقتل كبار القادة العسكريين وتدمير منشآت البلاد النووية إلى حد كبير، أدت إلى تأجيج الاتهامات المتبادلة والنقاش الحاد داخل الجمهورية الإسلامية في الأيام الأخيرة. فقد هاجم المتشددون الأيديولوجيون، الذين يدعون إلى عداوة دائمة مع الغرب، إمكانية إعادة التواصل مع الولايات المتحدة وهاجموا الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان، الذي أشار هذا الأسبوع إلى أنه لا يزال منفتحا على المفاوضات مع واشنطن.
وكتب بزشكيان على منصة إكس يوم الإثنين قائلا: “”ما زلنا نعتقد أن نافذة الدبلوماسية مفتوحة وسنسعى بجدية إلى هذا المسار السلمي”. ويجادل الإصلاحيون بأن الجمهورية الإسلامية لا يمكنها البقاء إلا من خلال مضاعفة الجهود الدبلوماسية وتخفيف قيودها الأيديولوجية وفتح اقتصادها. وقد أثار الرئيس غضبا بين النواب المتشددين بعدما حاول التخفيف من شعار “الموت لأمريكا” بعد مقابلة مع الشخصية الإعلامية المحافظة تاكر كارلسون. وزعم بزشكيان أن الشعار الذي يعتبر رمزا للجمهورية الإسلامية منذ عام 1979 يجب ألا يفهم حرفيا. وكتب إليه عدد من النواب في البرلمان، بعد المقابلة وعبروا عن انتقادهم له، حيث حذر النائب أمير حسين سابيتي من “تحول في نهج البرلمان” لو لم تغير الحكومة من مسارها، وهو ما فسره بعض المراقبين بأنه أسلوب نحو محاكمة البرلمان للرئيس.
ونقلت الصحافة المحلية عن أحد النواب المتشددين وهو أبو الفضل زهرفند قوله: “كنت قلقا” من تعليقات بزشكيان. وقال إن “الرئيس يفتقد الحد الأدنى من المؤهلات لهذا المنصب، وبيَّض الولايات المتحدة. وقد استنتجنا أن المهمة الرئيسية للحكومة هي وضع نهاية للثورة الإسلامية”.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الإيرانية دخلت في عدة جولات من المحادثات قبل أن تشن إسرائيل هجماتها ضد إيران ودخول الولايات المتحدة إلى جانبها في 24 حزيران/يونيو.
ويقول المسؤولون الإيرانيون إن الهجوم أدى لمقتل أكثر من ألف شخص، معظمهم من المدنيين، ولكنه أدى إلى إيقاظ النزعة الوطنية. إلا أن المتشددين، الذين التزموا الصمت إلى حد كبير خلال الصراع حرصا على الوحدة الوطنية، جادلوا منذ ذلك الحين بأن الحرب بررت معارضتهم للمحادثات، وأظهرت أن المزيد من الدبلوماسية لن يمنع الهجمات الأمريكية أو الإسرائيلية المستقبلية. وقال حميد رضا تراغي، وهو سياسي متشدد: “الآن، أكثر من أي وقت مضى، عززت هذه المواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل خطابنا القائل بأن هذا العداء، المتجذر في ديننا، يجب أن يكون مقياسا للصواب والخطأ. لقد فقد الإصلاحيون مصداقيتهم في حججهم ودعمهم للمحادثات مع الولايات المتحدة”.
ومن جانبهم يخشى الإصلاحيون أن تقود المواجهة مع المتشددين إلى عدوان خارجي جديد، حيث استخدم أحد رجال الدين على التلفزيون التابع للدولة فتوى لإطلاق حملة لجمع التبرعات وعرض مكافأة مالية على رأس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويقول المحلل الإصلاحي سعيد ليلاز: “المتشددون لا يقدمون أي نهج للمضي قدما ويفتقرون إلى الدعم الشعبي”. و “قلقهم الرئيسي ليس الأيديولوجيا، بل استبعادهم من أي اتفاق أمريكي مستقبلي”. ويصر الدبلوماسيون الإيرانيون، كما فعلوا قبل الحرب، على أن طهران لن تتنازل عن مطلبها بمواصلة تخصيب اليورانيوم محليا كجزء من أي اتفاق جديد، وهو أحد المواقف الرئيسية للولايات المتحدة. وتقول إيران إن برنامجها النووي سلمي. ولكن من المتوقع أن يتخذ المرشد الأعلى للبلاد، آية الله علي خامنئي، البالغ من العمر 86 عاما، أي قرارات نهائية بشأن استراتيجية إيران لما بعد الحرب، على الرغم من أنه انسحب إلى حد كبير من المشهد العام منذ الصراع.
ومع ذلك، لم يسعَ الإصلاحيون إلى التأثير على العلاقات الخارجية فحسب، بل سعوا أيضا إلى إحداث تغييرات جذرية في الداخل. وفي الأسبوع الماضي، أصدر نحو 200 من خبراء الاقتصاد والمسؤولين الإصلاحيين السابقين بيانا يدعو إلى “تغيير في نموذج الحكم”، وحثوا إدارة بيزيشكيان على مواصلة الدبلوماسية مع الولايات المتحدة وأوروبا، ومراجعة السياسات المالية، ومكافحة الفساد لاستعادة ثقة الجمهور.
كما دعا مير حسين موسوي، رئيس الوزراء السابق الذي يخضع للإقامة الجبرية منذ عام 2011، إلى إجراء استفتاء وطني لإنشاء برلمان دستوري وبدء عملية انتقال سياسي. ولكن لا يوجد ما يشير إلى أن مراكز القوة في إيران، وبخاصة الحرس الثوري الإسلامي الذي يعد أقوى مؤسسة في البلاد، ستسمح له بدور في تشكيل المستقبل.
وصدرت أحكام جديدة مفاجئة الأسبوع الماضي على مصطفى تاج زاده، وهو سجين سياسي بارز آخر، ستبقيه في السجن حتى عام 2032. وقال كريم، وهو تاجر أغذية في طهران، اختار عدم تقديم اسمه الكامل: “يبدو أن الناس ينتظرون ليروا ما سيحدث في هذا الصراع الداخلي على السلطة”، و “لكن السياسيين قد لا يدركون أن الوقت ينفد وأنهم بحاجة إلى اتخاذ قراراتهم بسرعة كبيرة”.