اخبار اليمن
موقع كل يوم -سما نيوز
نشر بتاريخ: ٣٠ تموز ٢٠٢٥
حضرموت اليوم ليست بخير، ليس فقط لأن الكهرباء تنقطع لأكثر من عشرين ساعة يوميًا، ولا لأن أسعار المشتقات ارتفعت إلى مستويات صادمة، بل لأن الشارع الحضرمي أصبح مهيأً للانفجار في أي لحظة، وسط حالة غير مسبوقة من الاحتقان، وانعدام الثقة، وتآكل الأمل .
الأزمة في حضرموت لم تعد محصورة في بُعد خدمي أو اقتصادي فحسب، بل تحولت إلى أزمة إدارة وغياب رؤية، حيث فقدت السلطة المحلية أدوات السيطرة والضبط، وتحولت الدولة المركزية إلى متفرج، فيما تتنازع المكونات الحزبية والقبلية على النفوذ دون قدرة على تقديم أي حلول حقيقية، بل وحتى دون التفاهم على الحد الأدنى من التهدئة السياسية .
المظاهرات التي انطلقت من المكلا ثم امتدت إلى غيل باوزير والشحر وسيئون وتريم، والتصعيد الحاد في الخطاب الشعبي، ليست سوى مؤشرات على حالة غليان أعمق، الشارع الذي خرج محتجًا على تردي الخدمات، أصبح أكثر جرأة في التعبير عن مشاعره، وأكثر رفضًا للمماطلة والعبث، وهو ما يضع الجميع أمام اختبار سياسي وأمني خطير .
لم تعد الحلول الترقيعية كافية، ولم يعد الخطاب العاطفي يجدي نفعًا، بل إن الصمت الرسمي تجاه المطالب، والتعامل الأمني العنيف مع المتظاهرين، سيقود إلى نتائج عكسية، ويفتح الباب لمزيد من التصعيد وربما الانزلاق نحو الفوضى .
وفي ظل هذا التآكل التدريجي للثقة بين المواطنين والقوى المسيطرة على المشهد، وتفاقم حالة العجز لدى السلطة المحلية، وغياب الحكومة عن دورها في توفير الحد الأدنى من الخدمات والاستقرار، وركون مجلس القيادة الرئاسي إلى مربع المتابعة الصامتة، تتصاعد حالة الاحتقان الشعبي .
فالمكونات السياسية، سواء الحزبية منها أو القبلية، تواصل الانكفاء أو التنافس على حساب المصلحة العامة، ما يزيد من تفاقم الأزمة ويُضعف فرص التوافق، ويُعزز من مخاطر انزلاق المحافظة نحو الفوضى .
مع غياب دولة فاعلة، وضيق هامش التحرك أمام هذه المكونات التي تتصارع على النفوذ دون مشروع وطني جامع، يبقى الشارع هو المتضرر الأكبر، وتبقى السؤال الأهم :
هل تتجه حضرموت إلى الفوضى ؟
سؤال لم يعد ترفًا بل ضرورة ملحّة، ينبغي مواجهتها بحزم قبل أن تتجاوز التحديات قدرة الجميع على السيطرة .