اخبار اليمن
موقع كل يوم -الثورة نت
نشر بتاريخ: ٣٠ أيلول ٢٠٢٥
الثورة نت /..
على رصيف مهجور وسط قطاع غزة، ينام 'عماد حسونة' وأطفاله تحت السماء بلا خيمة ولا جدران، بعدما قصف العدو الإسرائيلي مأواه المؤقت وحوّل اثنين من أحفاده إلى أشلاء. لم يجد الرجل سوى سيارته القديمة وبعض الفُرش البالية للاحتماء بها، ليصبح واحداً من عشرات آلاف العائلات التي شردها العدوان من مدينة غزة إلى وسط وجنوب القطاع. هناك، حيث يتكدس النازحون فوق بعضهم البعض، تتجسد مأساة النزوح القسري المتكرر الذي يطارد الغزيين في كل خطوة، تاركاً وراءه وجعاً لا ينتهي.
'استغرقنا ثلاثة أيام نبحث عن مكان شرقا وغربا، نستجدي قطعة أرض صغيرة لنؤوي الأطفال والنساء وحفيدي الجريح، لكننا فشلنا'، يقول حسونة (50 عاماً) بحسرة لـ (فلسطين أون لاين)، وهو يتكئ على سيارته القديمة التي حملت ما تبقى من فراش وبعض الأدوات.
عائلة حسونة، المكونة من 13 فرداً معظمهم نساء وأطفال، تعيش منذ أيام على قارعة الطريق، تضطر لممارسة تفاصيل حياتها اليومية من إعداد الخبز إلى الوضوء والصلاة في العراء. 'حتى مكب نفايات ننظفه لنقيم فيه لم نعثر عليه'، يضيف الرجل الذي فقد اثنين من أحفاده قبل أيام بعدما قصفت طائرة 'إسرائيلية' مسيّرة خيمة العائلة وسط مدينة غزة.
يمسك دموعه وهو يستعيد تلك اللحظة: 'تحولت خيمتنا الصغيرة إلى أشلاء. أمسكت بيدي دماغ أحد أحفادي. والآخر ما زال يتلقى العلاج في مستشفى ميداني'.
رحلة النزوح القاسية ليست الأولى بالنسبة للعائلة. فمنذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر 2023، دمر العدو الإسرائيلي منزلهم في حي التفاح، وكذلك شقة ابنته في شارع صلاح الدين، ولم يترك لهم سوى الخيام التي بدورها صارت هدفاً للقصف. ومع كل موجة اجتياح أو تصعيد، يجد حسونة نفسه مضطراً لحمل ما تبقى من أمتعته والبحث مجدداً عن مكان آمن لا وجود له.
يدحض حسونة مزاعم العدو الإسرائيلي عن وجود مناطق إنسانية وآمنة وسط وجنوب القطاع: 'الوضع صعب في كل مكان. لا توجد منطقة آمنة. العدو يوهم الناس بدفعهم إلى الجنوب، لكن هل يمكن لهذه المساحة الضيقة أن تستوعب أكثر من مليوني إنسان؟'.
حتى المياه، التي يدّعي العدو الإسرائيلي توفيرها، لا تصل العائلات النازحة. 'نستخدم مياه البحر للغسيل والوضوء، ونناضل من أجل جالون واحد للشرب، وغالباً لا نحصل عليه'، يقول حسونة.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي، فإن أكثر من 900 ألف ما زالوا صامدين داخل مدينة غزة، فيما بلغ عدد من نزحوا نحو الجنوب 335 ألفاً، وسط ظروف قاسية وأوضاع معيشية تزداد تعقيداً.
وبينما تتكدس العائلات على أرصفة الطرقات وتحت أشعة الشمس اللاهبة، لا يملك الغزيون سوى التمسك بحقهم في البقاء على أرضهم، مهما اشتد الحصار الصهيوني وتكرر النزوح. ورغم فقدان البيوت والأبناء، يظل الأمل بالعودة أقوى من ركام الحرب، يردده عماد حسونة وغيره من آلاف النازحين بصرخة واحدة: لن نغادر، سنبقى هنا، مهما كان الثمن.