اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٢٨ أيلول ٢٠٢٥
تساءلت صحيفة “فايننشال تايمز” عن السبب الذي جعل قسا معمدانيا عيّنه الرئيس دونالد ترامب سفيرا، لأن يكون من أشد المدافعين عن سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وفي تقرير أعدته أبيغيل هويلونر وجون شوتر قالا إن مايك هاكابي، دعم أجندة اليمين المتطرف الإسرائيلي وسياسات نتنياهو الداخلية.
وقالت الصحيفة إن نتنياهو اعتمد على هاكابي وهو قس معمداني وحاكم سابق لولاية أركنساس لشرح قضية إسرائيل أمام العالم والدفاع عنها، وسط عزلتها وانزلاقها نحو وضع الدولة المنبوذة والشجب العالمي لها بسب الحرب في غزة. وقال نتنياهو بعد الغارات الجوية على قطر لاستهداف قادة حماس، حيث كان يقف إلى جانبه السفير الأمريكي: لو كان لدينا خمسة أو ستة أمثال مايك هاكابي، لما واجهت إسرائيل مشكلة “هاسبارا” في إشارة للكلمة العبرية التي تعني العلاقات العامة.
وبعد ما يقرب من ستة أشهر على توليه منصبه، أصبح هاكابي، السياسي المخضرم البالغ من العمر 70 عاما، يجسد كيف أن دونالد ترامب -الذي يصف نفسه بأنه “الرئيس الأكثر تأييدًا لإسرائيل” على الإطلاق- قد خالف سنوات من السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة أكبر فترة اضطرابات منذ عقد. كما أن صعود هاكابي، الذي وصف منصبه بأنه “مهمة” دينية، وهو أول إنجيلي يشغل منصب السفير الأمريكي في إسرائيل، أكد أيضا على القوة المتنامية للحركة المسيحية في كلا البلدين.
وقدم ترامب دعما شبه غير مشروط لنتنياهو وإسرائيل، في الوقت الذي تسبب فيه هجومها المستمر منذ 23 شهرا على حماس في كارثة إنسانية بغزة، وشاهد وزراء اليمين المتطرف يدفعون بأكبر توسع منذ سنوات للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة، والتي تعتبرها معظم الدول غير قانونية.
ويرفض هاكابي الذي يقول دبلوماسيون إنه مقرب من نتنياهو ودعمه في محاكمته بتهم الفساد، يرفض بشدة أي تلميح إلى أن إسرائيل مسؤولة عما وصفه مسؤولون دوليون بالمجاعة “من صنع الإنسان” في غزة، وانتقد الدول التي تجادل بخلاف ذلك. وقال هاكابي لـ”فايننشال تايمز”: “إذا كان هناك حرمان ومجاعة، فذلك لأن حماس سرقت الطعام ونهبته وخزنته وباعته للأشخاص الذين كان من المفترض أن يحصلوا عليه مجانا”، وأضاف: “لقد كان الأمر محبطًا للغاية بالنسبة لمعظمنا في هيكل السياسة الخارجية الأمريكية أن نستمع إلى الأوروبيين وهم يلقون محاضرات على إسرائيل”.
ولا تختلف مواقف هاكابي عن الضفة الغربية عن مواقفه بشأن غزة، حيث رفض اعتبار الوجود العسكري والاستيطاني بأنه احتلال، وأصر على استخدام “يهودا والسامرة” بدلا من الضفة الغربية. كما يرفض فكرة الهوية الفلسطينية وسكب ماء باردا على فكرة حل الدولتين التي كانت حتى وقت طويل حجر الأساس في السياسة الأمريكية بالمنطقة.
وبدا ترامب نفسه، منخرطا الأسبوع الماضي بمظاهر قلق الدول العربية من خطط الحكومة المتطرفة في إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية أو كلها، حيث تعهد بأنه سيمنع الضم وقدم خطة لإنهاء الحرب في غزة. وفي الوقت نفسه، سخر هاكابي من الفلسطينيين وحلفاء الولايات المتحدة الذين يدعمونهم، حيث كتب على منصة إكس: “المشكلة في الشرق الأوسط ليست أن الفلسطينيين يريدون دولة، بل يريدون التأكد من عدم وجود دولة لإسرائيل”.
وكان دفاع هاكابي القوي عن الإجراءات الإسرائيلية وقناعته التوراتية بأن الأرض “لنا لأن الله أعطانا إياها”، على حد تعبير مورتون كلاين، صديقه القديم ورئيس المنظمة الصهيونية الأمريكية، بمثابة نعمة لليمين الإسرائيلي. وقال عميخاي شيكلي، وزير شؤون الشتات الإسرائيلي: “لا يمكنك فهم مايك هكابي بدون إيمان. أعتقد أنه أروع سفير حظينا به من الولايات المتحدة منذ قيام دولة إسرائيل”. وبالنسبة لقادة المستوطنين الإسرائيليين، كان تعيينه تحولا رحبوا به ومختلفا عن إدارة بايدن، التي عارضت مثل الإدارات الأمريكية السابقة توسيع المستوطنات، وعاملت نتنياهو بشك.
وقال إسرائيل غانتز، رئيس مجلس “يشع” الذي يمثل المستوطنين، إن سفير بايدن، جاك لو، رفض اللقاء به. لكن، على النقيض من ذلك، يمكن الوصول إلى هاكابي بسهولة. وأضاف: “هذا تغيير كبير”.
وقال دون سويتينغ، وهو زعيم إنجيلي أمريكي يعرف هاكابي منذ سنوات: “إنه لا يخشى الدفاع عن الشعب اليهودي، ولا يخشى توبيخ أي قائد عام، سواء كان رئيس فرنسا أو وزير الداخلية، إذا اعتقد أنهم يتلاعبون”.
ومع ذلك، أثارت مواقف هاكابي استياء بين الديمقراطيين واليهود الليبراليين في أمريكا. وحذر الديمقراطي جيري نادلر، وهو عضو يهودي في الكونغرس، زملاءه في وقت سابق من هذا العام من أن هاكابي “محرض تتجاوز آراؤه الإجماع الدولي بكثير، وتتعارض مع المبادئ الأساسية للدبلوماسية الأمريكية المشتركة بين الحزبين”. وقال نادلر: “التصويت لهاكابي هو تصويت لتعزيز رؤية قومية مسيحية للسياسة الخارجية الأمريكية”.
وفي إسرائيل، يشكو سياسيو المعارضة من أن هاكابي قد انحاز تماما إلى نتنياهو. وبعد ثلاثة أشهر من توليه منصبه، اتخذ هاكابي خطوة غير عادية بالمثول أمام محاكمة نتنياهو الطويلة بتهم الفساد، والطعن في نزاهة القضاة الذين ينظرون في القضية. وقال أحد مسؤولي المعارضة: “سيخسر نتنياهو الانتخابات [المقبلة]، وسيتعين على هاكابي بعد ذلك التعامل مع حكومة أخرى بعد أن ربط نفسه بمصير الحكومة السابقة”.
إلا أن هاكابي برر ظهوره في المحاكمة بأنه يعكس موقف ترامب، الذي انتقد الإجراءات علنا، ونفى انحيازه لأي طرف. وقال: “أنا هنا لأمثل الولايات المتحدة أمام أي حكومة كانت. إذا اختار الشعب الإسرائيلي حكومة مختلفة، فسأكون ممثل الولايات المتحدة أمام أي حكومة يختارونها”.
لكن في الوقت الذي يشكك فيه عدد متزايد من الجمهوريين في قاعدة ترامب المؤيدة “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” أو (ماغا) في الدعم الأمريكي لإسرائيل، يقول هاكابي إن سعيه هو أيضا “شرح أهمية شراكتنا مع إسرائيل للولايات المتحدة”. ويقول مؤيدوه اليهود إن كون هاكابي إنجيليا مثل كثيرين غيره في قاعدة ترامب يجعله أكثر فعالية كرسول. وقال كلاين: “يتمتع بمصداقية أكبر عندما يدلي بتصريحات قوية تدعم إسرائيل”.
ويعد هاكابي واحدا من العديد من اللاعبين البارزين في فلك سياسة ترامب تجاه الشرق الأوسط، بمن فيهم المبعوث الخاص ستيف ويتكوف، المقربان منذ فترة طويلة من ترامب، وتوم براك، الذي يعمل أيضًا سفيرا لدى تركيا ومبعوثا خاصا لسوريا، وكلاهما يتحدث بانتظام مع ترامب.
وفي المقابل، قال هاكابي إنه لا يحب “أن يكون الشخص الذي يقرع جرس الباب كثيرا”. لكنه لطالما كان له تأثير كبير على ترامب بشأن السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل. في عام 2016، قال هاكابي إنه شرح للمرشح الرئاسي آنذاك أهمية إسرائيل لمن قد ينتخبونه. وتذكر هاكابي أنه قال لترامب: “هناك أمران لا تفاوض عليهما بالنسبة للمجتمع الإنجيلي: المعارضة المطلقة للإجهاض، والدعم المطلق لإسرائيل”. وأضاف: “لقد فهم مسألة قدسية الحياة. لكن عندما قلت إن إسرائيل أمر لا تفاوض عليه بالنسبة للمؤمنين المسيحيين الإنجيليين في الولايات المتحدة، أعتقد أنه فوجئ بشكل عام”. وقال ترامب لاحقا إن قراره بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والذي قلب عقودا من السياسة الأمريكية رأسًا على عقب، كان “من أجل الإنجيليين”.
وعلى الرغم من جميع انتماءاتهم السياسية، يقول المحللون إن العلاقة بين اليمين المتطرف الإسرائيلي والإنجيليين الأمريكيين قد تكون غير مريحة. ويعتقد بعض الإنجيليين أن الله أراد لليهود أن يكونوا حماة الأرض المقدسة حتى مجيء المسيح الثاني، وبعد ذلك سيضطر غير المسيحيين إلى اعتناق الإيمان أو النزول إلى الجحيم. وستصبح القدس عاصمةً لعالم مسيحي خالص.
وقال يوناتان فريمان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس: “على كلا الجانبين أن يغض الطرف عن المعتقدات الجوهرية للطرف الآخر، أو ألا يركز عليها، لإنجاح هذا [التحالف]”.
وقال هاكابي إن ربط دعم إسرائيل بنهاية العالم ليس موقفا إنجيليا “سائدا”، وأنه لا يُؤيده. وأضاف: “هذا لاهوتٌ إما أنه يتجاوزني، أو لا أتفق معه”. ولكن كانت هناك لحظات توتر. عندما أبطأ المسؤولون الإسرائيليون منح التأشيرات للمنظمات الإنجيلية في وقت سابق من هذا العام، اكتشفوا أن هاكابي لديه خط أحمر واحد على الأقل.
وحذر السفير في رسالة غاضبة إلى وزير الداخلية الإسرائيلي من أنه في حال عدم معالجة هذه المشكلة، فقد تضطر الولايات المتحدة إلى “الإعلان علنا أن دولة إسرائيل لم تعد ترحب بالمنظمات المسيحية وممثليها”. وأضاف أنه قد يضطر أيضًا إلى نصح المسيحيين بعدم التبرع للقضايا الصهيونية. وفي غضون أيام، بدأت الوزارة بإصدار التأشيرات.