اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٥ تموز ٢٠٢٥
قال موقع “ميديابارت” الاستقصائي الفرنسي، إن السلطة التنفيذية الفرنسية لم تحسم بعد ما إذا كانت ستصوّت، اليوم الثلاثاء في بروكسل، لصالح تعليق الاتفاق الذي يربط الاتحاد الأوروبي بإسرائيل، حيث سيكون هذا الموضوع في صلب نقاشات وزراء الخارجية السبعة والعشرين المجتمعين في بروكسل، في آخر لقاء لهم قبل العطلة الصيفية.
وأوضح “ميديابارت” أن مسألة مصير اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل تعدّ من أكثر المواضيع حساسية. فمن الناحية القانونية، تبدو الأمور واضحة: تنص المادة الثانية من الاتفاق، الذي دخل حيّز التنفيذ عام 2000، على التزام الطرفين بـ“احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية”. وفي تقرير صدر في 20 يونيو/ حزيران، وثّق جهاز العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي وبيّن للدول الأعضاء ما كان معلوماً مسبقاً: إسرائيل خرقت، أو ما تزال تخرق، نحو ثلاثين التزاماً ناتجاً عن المادة الثانية.
لكن الصعوبة اليوم هي سياسية. فتعليق الاتفاق، وهو أحد الخيارات التي اقترحتها الإدارة الأوروبية، يحتاج إلى إجماع الدول الأعضاء. وهذا يبدو وهماً، نظراً لعدد الدول التي ستعارض القرار، بما في ذلك إيطاليا والنمسا ورومانيا والمجر. أما في ألمانيا، فقد أغلقت الحكومة ذات الأغلبية المسيحية الديمقراطية الباب في وجه مطالب خجولة من حلفائها الاجتماعيين الديمقراطيين. كما لخّص النائب ألكسندر هوفمان في يونيو قائلاً: “يمكننا انتقاد الأصدقاء، ولكن لا يمكننا فرض عقوبات عليهم”.
أما فرنسا، يتابع “ميديابارت”، فمن الصعب في هذه المرحلة معرفة الموقف الذي ستدافع عنه في بروكسل. “لم يُحسم القرار بعد”، وفق ما صرّح به مصدر حكومي نهاية الأسبوع. وتقول البرلمانية البيئية صابرينا سباعي، نائبة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية، الجواب ذاته الذي يردده عدد من زملائها: “لا نفهم جيداً ما الذي تريده فرنسا. يبدو أن موقفها متقلب للغاية”.
فالسلطة التنفيذية ممزقة بين أولويات يصعب التوفيق بينها. من جهة، يريد رئيس الجمهورية الوفاء بوعوده الأخيرة. ففي 19 مايو، تعهّد مع رؤساء حكومتي كندا وبريطانيا بـ“عدم الوقوف مكتوفي الأيدي بينما تواصل حكومة نتنياهو أعمالها الفظيعة”، وهدد باتخاذ “إجراءات ملموسة” إذا لم تستجب إسرائيل للانتقادات الغربية. مر شهران ولم يتغير شيء في غزة. فهل حان وقت “عدم الوقوف مكتوفي الأيدي”؟، يتساءل “ميديابارت”.
وثمة عامل آخر قد يُبطئ اندفاع فرنسا: تمسّك إيمانويل ماكرون بمؤتمر “حل الدولتين” الذي يشاركه في رئاسته مع ولي عهد السعودية محمد بن سلمان. وقد تم تأجيل هذا المؤتمر، ومن المحتمل إعادة جدولته لنهاية الشهر الجاري. لكن هذه المبادرة مهددة من قبل الولايات المتحدة التي لم تتخلَّ عن فكرة إفشالها. وبالتالي، فإن فرض عقوبات على إسرائيل يعني إثارة غضب إدارة ترامب، وهو ما تحاول الدبلوماسية الفرنسية تجنبه. إنها لعبة شطرنج دبلوماسية بثلاثة أطراف، يوضح “ميديابارت”.
ويضاف إلى تردّد السلطة التنفيذية الانقسامات الداخلية في فرنسا. فبعكس الإجماع النسبي حول دعم أوكرانيا، تثير مسألة إسرائيل خلافاً عميقاً بين التشكيلات السياسية.
ومضى “ميديابارت” موضحا أنه بالنظر إلى القواعد الأوروبية التي تشترط الإجماع، فإن تعليق الاتفاق يبدو هدفاً غير قابل للتحقيق. لكن ثمة خيارات أخرى مطروحة: عقوبات محددة على مسؤولين مدنيين أو عسكريين إسرائيليين، عقوبات تجارية، أو تعليق أشكال أخرى من التعاون (علمي، عسكري…). كما اقترحت المنظمات غير الحكومية على الأقل رفع مستوى الخطاب والمواقف المُعلنة.
في نهاية يونيو/ حزيران، يُذكِّر “ميديابارت”، قدم جهاز الخدمة الخارجية للاتحاد الأوروبي مذكرة إلى الدول الأعضاء بشأن الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل في مجال حقوق الإنسان:
بدأ جهاز العمل الخارجي الأوروبي باستعراض مراحل الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، من القصف المكثف للمناطق المكتظة بالسكان، إلى عسكرة المساعدات الإنسانية، مرورًا بـ“أحد عشر أسبوعًا من الحصار الكامل” للقطاع، تبعها عمليات تهجير جماعي وتدمير للبنية التحتية المدنية “الضرورية للبقاء”، يُشير “ميديابارت”.
ذكر التقرير كذلك أنه “منذ 7 أكتوبر 2023، تفاقمت الاتجاهات السلبية المتمثلة في التمييز والقمع والعنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية”، حيث أُشير إلى عمليات مصادرة أراضٍ، وتوسيع دائم للمستوطنات، وتوغلات عسكرية تمخضت عن اعتقالات، وتدمير للطرق، ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى الخدمات الأساسية، يتابع “ميديابارت”.
قالت مفوضية الاتحاد الأوروبي إن “الحصار المفروض على غزة من قبل إسرائيل يُعد عقابًا جماعيًا محظورًا بموجب القانون الإنساني الدولي، ويمكن أن يشكّل استخدامًا للتجويع كسلاح حرب”. كما اعتبر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن القيود الشديدة على دخول وتوزيع السلع والخدمات الأساسية تشكل انتهاكًا لحقوق الفلسطينيين في الغذاء والماء والصحة. وتوقف النشاط الاقتصادي وتدمير البنى التحتية حرم غالبية السكان من فرص العمل، ما يمثل انتهاكًا للحق في العمل.
وفقًا لمصادر أممية ومحكمة العدل الدولية، لاحظت المفوضية الأوروبية أن “توزيع الضحايا في هذه الحرب، من حيث الأعمار والجنس، لا يعكس توزيع المقاتلين المعروف، بل يتطابق مع التركيبة السكانية العامة لغزة”، ما يدل على أن الهجمات كانت عشوائية.
لاحظ التقرير وجود نمط في استهداف المستشفيات من قبل إسرائيل، بما في ذلك غارات جوية، وقصف، وحصار، واقتحامات، وإطلاق نار على المدنيين، واعتقال الطواقم الطبية والمرضى، والنازحين، وإجبار من تبقى على الإخلاء. وأضاف أن هذه الممارسات تنتهك الحق في الصحة، والماء، والغذاء، وأخيرًا الحياة. حتى إن زعمت إسرائيل أن المستشفى يستخدم من قبل حماس، فهي لا تزال ملزمة باحترام مبادئ الحذر والتناسب.
وتم تهجير 90% من سكان غزة، وكثيرون منهم أكثر من مرة، ويثير طول أمد التهجير، وظروفه السيئة، وتدمير المناطق الأصلية، والهجمات المتكررة على المناطق المصنفة “إنسانية”، مخاوف جدية بشأن قانونية هذه الإخلاءات. أشارت المفوضية إلى أن القانون الدولي يُحمّل الدول مسؤولية التحقيق في الانتهاكات ومعاقبة مرتكبيها، وإن لم تفعل، فيحق للآليات الدولية التدخل. وأضافت أن هناك تقصيرًا عامًا في جميع الأطراف، وخاصة من الجانب الإسرائيلي، حيث لم يُسمح لأي لجنة تحقيق دولية بالدخول إلى غزة، يُشير “ميديابارت” دائما.
أعاد التقرير أيضا التذكير بتصعيد الاستيطان بعد 7 أكتوبر، مشيرًا إلى أن محكمة العدل الدولية في يوليو 2024 صنّفت 6 انتهاكات متعلقة بالاستيطان، منها: نقل السكان الإسرائيليين إلى الأراضي المحتلة، مصادرة الأراضي، استغلال الموارد الطبيعية، تطبيق القوانين الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، التهجير القسري، وعنف المستوطنين. وأكدت المحكمة أن السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية تُمثّل تمييزًا ممنهجًا قائمًا على العرق والدين والأصل، وأنها تخالف حظر الفصل العنصري وتنتقص من حق الفلسطينيين في تقرير المصير.
كما تناولت المذكرة حالات الاعتقال التعسفي والعنف وسوء المعاملة في الضفة، والتي تُعد انتهاكًا للقانون الدولي. وأشارت إلى أن إسرائيل ترفض كشف مصير المعتقلين أو تسليم جثث المتوفين، وهو ما يُعتبر انتهاكًا إضافيًا، بل وقد يشكل عقابًا جماعيًا وتعذيبًا، يتابع “ميديابارت”.