اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٢١ حزيران ٢٠٢٥
قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إنه يُقال إن الإسرائيليين، قبل أن يطلقوا هجومهم الأسبوع الماضي على إيران، قد زوّدوا الأمريكيين بمعلومات جديدة مفادها أن إيران أجرت مؤخرًا تجارب تهدف إلى تطوير جهاز تفجير لقنبلة نووية، معتبرين أن تصنيع مثل هذا السلاح قد لا يستغرق سوى بضعة أسابيع.
ووفقًا لمسؤولين نقلت عنهم وسائل إعلام أمريكية، فإن أجهزة الاستخبارات الأمريكية كانت أكثر تحفظًا، إذ رأت أن الخطر حقيقي، لكنه ليس وشيكًا، كما يصوّره الحليف الإسرائيلي.
وأضافت الصحيفة القول إن الولايات المتحدة ترى أن إيران قد تحتاج إلى أسبوع أو أسبوعين لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم العالي التخصيب لصنع سلاح نووي، وإن الإيرانيين قد يتمكنون من صنع قنبلة نووية بدائية في غضون بضعة أشهر. ولكن، وبحسب التقييم الأمريكي، فإن القرار بصنع سلاح نووي لم يُتخذ بعد.
هذا الموقف- تتابع “لوفيغارو”- كانت قد عبّرت عنه مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي غابارد، التي تنسق عمل 18 وكالة استخبارات أمريكية. فخلال جلسة الاستماع السنوية أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، في 25 مارس/ آذار الماضي، شددت على التهديد الإقليمي الذي تمثله إيران، لكنها أكدت، في الوقت نفسه، أن وكالاتها تقدّر أن طهران لا تسعى حاليًا لامتلاك سلاح نووي.
وقالت: “تواصل أجهزة الاستخبارات اعتبار أن إيران لا تقوم ببناء سلاح نووي، وأن المرشد الأعلى، علي خامنئي، لم يوافق على برنامج الأسلحة النووية الذي جمده في عام 2003. كما تواصل أجهزة الاستخبارات مراقبة ما إذا كانت طهران تسعى إلى إعادة تفعيل برنامجها النووي العسكري”.
وأضافت غابارد: “خلال العام الماضي، شهدنا تآكلًا في أحد المحرمات القديمة في إيران، والمتمثل في الحديث العلني عن الأسلحة النووية، وهو ما يشير على الأرجح إلى وجود مؤيدين لتطويرها داخل دوائر صنع القرار الإيرانية”. لكنها أوضحت أن ذلك لا يعني بالضرورة أن هناك أعمالًا جارية لبناء قنبلة نووية، رغم وصول مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب إلى مستويات غير مسبوقة بالنسبة لدولة لا تمتلك سلاحًا نوويًا.
وقد عيّن ترامب غابارد في منصبها، رغم معارضة قوية من الجمهوريين في الكونغرس.
وغابارد، النائبة الديمقراطية السابقة، تنتقد بشكل متكرر السياسة الخارجية الأمريكية والتدخلات العسكرية. وميولها لترديد رسائل الدعاية الروسية، واعتناق نظريات المؤامرة جعلتها مثيرة للريبة لدى أنصار النهج الاستخباراتي التقليدي. لكن هذا الجانب كان من الأسباب التي دفعت ترامب إلى تعيينها. فالرئيس لا يثق كثيرًا في وكالات الاستخبارات الأمريكية، ويشك بشكل خاص في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، التي يعتبرها جزءًا من “الدولة العميقة” التي تتبع سياسة خاصة بها، حتى ضد قرارات السلطة التنفيذية، توضح “لوفيغارو”.
مع ذلك، لم تنجح غابارد في الدخول إلى الدائرة الضيقة لترامب، تلك التي تحظى بثقته المباشرة. ولم تحضر الاجتماع الذي عُقد في 8 يونيو/ حزيران في كامب ديفيد لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط. وقد قيل إن غيابها كان بسبب استدعائها لأداء الخدمة الاحتياطية في الحرس الوطني. غير أن مصادر أخرى ذكرت أن ترامب غضب من مقطع فيديو نشرته غابارد على حسابها في منصة X، حذرت فيه من خطر اندلاع حرب نووية. وقالت في الفيديو المصور خلال زيارتها الأخيرة لهيروشيما في اليابان، والذي تضمن لقطات تُظهر تدمير جسر غولدن غيت في سان فرانسيسكو بهجوم نووي مُحاكى: “بينما نقترب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، من حافة الهاوية النووية، يشعل دعاة الحرب في النخبة السياسية الخوف والتوتر بين القوى النووية دون أدنى مسؤولية”.
ورغم أن ترامب استخدم حججًا مماثلة ضد جو بايدن خلال حملته الانتخابية- تواصل “لوفيغارو”- إلا أنه لم يتقبل هذه الانتقادات الصادرة من داخل إدارته. وعندما سُئل، في بداية الأسبوع، عن تحليلات مديرته الاستخباراتية المخالفة لموقفه بشأن تقدم البرنامج النووي الإيراني، أجاب قائلًا: “لا يهمني ما تعتقده، أنا أعتقد أنهم قريبون جدًا” من الحصول على القنبلة.
ومنذ ذلك الحين، حاولت غابارد التخفيف من حدة هذه الخلافات، متهمة وسائل الإعلام بتحريف أقوالها.
وقال مسؤول من مكتب مديرة الاستخبارات الوطنية: “كون إيران لا تبني سلاحًا نوويًا في الوقت الراهن لا يعني أنها ليست قريبة جدًا من القيام بذلك، كما قال الرئيس ترامب على متن طائرة الرئاسة”. وأضاف: “تصريحات الرئيس ومديرة الاستخبارات الوطنية غابارد متوافقة”.
وقد حضرت غابارد اجتماع يوم الثلاثاء في غرفة العمليات بالبيت الأبيض.
وعبّر نائب الرئيس، جي دي فانس، الذي يشاطرها نقد التدخلات العسكرية الأمريكية، عن دعمه لها، قائلاً، في بيان لقناة فوكس نيوز يوم الأربعاء: “لقد خدمتْ في الجيش، وهي وطنية ومخلصة للرئيس ترامب، وعضو أساسي في التحالف الذي شكله في 2024. نحن نقدر عملها الدؤوب لحماية أمريكا من التهديدات الخارجية”.
من جهته- تضيف “لوفيغارو”- تبنّى جون راتكليف، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، موقفًا أقرب إلى ترامب ونتنياهو. فرغم عدم نفيه استنتاجات الاستخبارات الأمريكية، فقد استخدم تشبيهًا من رياضة كرة القدم الأمريكية، معتبرًا أن الإيرانيين يشبهون فريقًا وصل إلى خط النهاية، لكنه لم يسجل بعد.
أما الجنرال كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، فقد صرّح بدوره، الأسبوع الماضي، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ أن إيران “على بعد خطوات قليلة” من تخصيب اليورانيوم بنسبة 90%، وهي النسبة المطلوبة لصناعة سلاح نووي. وأضاف: “إذا قررت إيران بناء قنبلة، فبإمكانها إنتاج 25 كيلوغرامًا من المواد الانشطارية في غضون أسبوع تقريبًا، والحصول على ما يكفي لصنع ما يصل إلى عشر قنابل نووية خلال ثلاثة أسابيع”.
وتبدو الخلافات الرئيسية بين الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية متمحورة حول كلمة “إذا”. فإسرائيل لا تستطيع المخاطرة بانتظار اتخاذ إيران للقرار، أما دونالد ترامب، فيبدو أنه يرى أنه ما زال بالإمكان الانتظار قليلاً قبل اتخاذ أي إجراء.