اخبار اليمن
موقع كل يوم -سبأ نت
نشر بتاريخ: ١٧ أيلول ٢٠٢٥
صنعاء – سبأ:
بعد أيام من أكثر هجمات العدو الإسرائيلي تصعيدا مستمرا في تدمير الأبراج والمباني السكنية وتشريد كثير من النازحين بموازاة جريمة الإبادة وحرب التجويع على امتداد القطاع المستمرة منذ عامين، بدء العدو ،الثلاثاء، شن عملياته العسكرية الأكثر وحشية، في سياق مخطط يستهدف تفريغ أحياء المدينة من سكانها واحتلالها بالكامل، وارتكاب جريمة كبرى، ممثلة في دفع سكانها للنزوح القسري لمناطق الوسط والجنوب؛ وهي الجريمة التي يترتب عليها وضعًا أكثر سوءًا تتضحم معه الكارثة الإنسانية، التي تعيشها المدينة والقطاع في ظل تواطؤ دولي وتخاذل عربي وإسلامي.
وتعبيرًا عن المأزق النفسي الإسرائيلي إزاء هذا العدوان الهمجي؛ قال وزير جيش العدو ، يسرائيل كاتس، في منشور على منصة إكس ،الثلاثاء، «غزة تحترق»، فيما قال مسؤول عسكري إسرائيلي لوكالة رويترز إن القوات البرية تتوغل بشكل أكبر في المدينة، باتجاه مركزها، وإن عدد الجنود سيزيد في الأيام المقبلة لمواجهة مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)؛ حيث يعتقد جيش العدو الاسرائيلي أنهم هناك.
وأعلنت وزارة الصحة، في وقت سابق من الثلاثاء عن استقبال مستشفيات القطاع خلال الـ 24 ساعة الماضية، 59 شهيدًا، و386 إصابة جديدة، لترتفع حصيلة حرب الإبادة الاسرائيلية إلى 64,964 شهيدًا و165,312 إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وسبق وأعلنت عن تسجيل 3 حالات وفاة نتيجة المجاعة وسوء التغذية بينهم طفل، خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع إجمالي وفيات سوء التغذية إلى 428 شهيدًا، من بينهم 146 طفلاً.
دخل جيش العدو الإسرائيلي مرحلة جديدة من عملياته العسكرية في مدينة غزة، عبر ما وصفه بالتوغل التدريجي، في خطوة وُصفت بأنها فصل جديد من جريمة الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين، وسط تصاعد التحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة.
غزة تحت النار
يواجه سكان غزة، المنهكون أصلاً من سنوات الحصار والفقر، الموت المحقق، في ظل صمت دولي مستمر ومعايير مزدوجة؛ وهم يتشبثون بأرضهم ويتحدون قصف العدو، في ثنائية استثنائية بقدر ما تؤكد جسارتهم تضاعف من مأساتهم؛ لأنهم ، في سياقها، يدركون أن الوضع بات حصارا إسرائيليا بكل أشكال القتل.
وبينما تواصل طائرات العدو قصفها الوحشي على أحياء غزة، يلقي جيش الكيان منشورات على المدينة تطالب السكان بالإخلاء فوراً، كجزء من حملة تهجير قسري تفرض الرعب والخوف على المدنيين
آلاف العائلات تجد نفسها مجبرة على مغادرة منازلها تحت تهديد القصف، تاركة خلفها حياتها وممتلكاتها، وسط صعوبة الوصول إلى مأوى آمن، في حين إن هذه المنشورات لم تكن مجرد تحذير، بل رسالة واضحة لسكان غزة بأن استمرار البقاء قد يكون أفظع من الرحيل.
تطهير عرقي وتدمير ممنهج
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، السبت، إن العدو الإسرائيلي ارتكب جرائم تدمير واسعة النطاق، شملت أكثر من 1,600 برج وبناية سكنية مدنية متعددة الطوابق دمرها تدميرًا كاملًا وأكثر من 2,000 برج وبناية سكنية دمرها تدميرًا بليغًا، إلى جانب تدميره أكثر من 13,000 خيمة تؤوي النازحين.
ووفق المكتب الإعلامي ، في بيان آخر، فإن 'هذا المشهد يعكس بوضوح تعمد العدو الإسرائيلي ارتكاب جرائم حرب من خلال سياسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية الممنهجة'.
لم يتورع العدو الإسرائيلي عن استهداف كل شيء؛ وتدمير كل شيء؛ بما فيها معالم المكان ورموز الذاكرة الجمعية للقطاع والمدينة، في جرائم لم يسبقه إليها مجرم من خلال طغيان ووحشية محتل غير مسبوقة.
وهنا؛ أوضح المرصد الأورومتوسطي في بيان، الأحد، 'أنّ العدوان الإسرائيلي لا يقتصر على قتل آلاف المدنيين وتدمير منازلهم، بل يتعمّد أيضًا استهداف المواقع التاريخية والأثرية والدينية والثقافية في القطاع، ولا سيما في مدينة غزة، في إطار إستراتيجية استيطانية ممتدة تسعى إلى محو الرموز المادية والروحية للشعب الفلسطيني، وإحداث خسارة غير قابلة للتعويض لذاكرة جماعية متجذّرة تشكّل هوية المجتمع الفلسطيني المتراكمة عبر مئات السنين.
واعتبر ذلك 'اعتداءً صارخا على الممتلكات الثقافية المحميّة بموجب القانون الدولي الإنساني واتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية لعام 1954، ويستدعي تدخّلًا عاجلًا من اليونسكو والدول الأطراف لوقف هذا التدمير وتوثيق أضراره وتأمين الترميم وضمان المساءلة ومنع تحويل غزة إلى أرض بلا ذاكرة أو هوية'.
ويشهد القطاع استمرارًا للتدمير المنهجي الذي تمارسه قوات العدو الإسرائيلي بحق المدنيين والبنية التحتية للقطاع، حيث لم تقتصر الهجمات على الأبراج والمنازل السكنية، بل شملت بشكل واسع المرافق الحيوية التي تعتمد عليها الحياة اليومية للفلسطينيين.
ويشمل هذا التدمير المستشفيات التي فقدت القدرة على تقديم الخدمات الطبية الأساسية، والمخابز التي توقف عملها، والمدارس التي باتت أماكن غير صالحة للتعليم، بالإضافة إلى شبكات المياه والمرافق العامة، التي أصيبت بأضرار كبيرة، ما أدى إلى تفاقم أزمة العيش وارتفاع مخاطر انتشار الأمراض.
حياة شبه مستحيلة
وتؤكد منظمات حقوق الإنسان أن هذا النهج لا يستهدف المدنيين فحسب، بل يسعى إلى جعل الحياة في القطاع شبه مستحيلة، في سياق حملة ممنهجة لفرض ظروف قسرية وتهجير السكان، بما يشكل انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية المعنية بحماية المدنيين.
في الموازاة؛ أجبر القصف المكثف نحو 190 ألف مواطن على النزوح القسري من منازلهم، فيما يسعى الاحتلال إلى حشر أكثر من 1.7 مليون فلسطيني في بقعة لا تتجاوز 12% من مساحة القطاع، وُصفت من قبل منظمات حقوقية بأنها 'معسكرات تركيز'.
وفي صورة بشعة من صور الأيام الأسوأ التي تعشيها مدينة غزة، يقول المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الثلاثاء، إنّ جيش العدو الإسرائيلي يُهجّر المدنيين الفلسطينيين قسرًا من منازلهم وأماكن لجوئهم، ثم يعمد إلى استهدافهم بشكل مباشر أثناء النزوح، 'في ممارسة تكشف نمطًا وحشيًا وقرارًا سياسيًا يقوم على تنفيذ إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، عبر الجمع بين القتل واسع النطاق والتهجير القسري وفرض ظروف معيشية لا يمكن البقاء فيها'.
وأوضح أنّ فريقه الميداني وثّق استهداف الطائرات الإسرائيلية لأسرة فلسطينية مدنية كانت تستقل مركبة خاصة في طريقها للنزوح نحو الجنوب، بناءً على أوامر التهجير القسري الإسرائيلية، حيث تعرّضت للقصف المتتابع ثلاث مرات متعمدة، مشيرا إلى أنّ الكيان يمارس أكبر عملية تضليل أمام العالم.
'وفي الوقت الذي يدّعي فيه العدو أنّه يطالب سكان غزة بالنزوح ويوفّر لهم 'مسارات آمنة'، يواصل شنّ غارات مروّعة على هذه المسارات نفسها وفي مناطق اللجوء، ما يحوّلها إلى مصائد موت بدلًا من أن تكون ممرات حماية، وذلك يكشف عن أنّ الهدف الحقيقي ليس حماية المدنيين، بل استدراجهم واستهدافهم بصورة متعمّدة وقتلهم أينما وُجدوا'.
وفي هذا السياق، يؤكد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أن أكثر من مليون فلسطيني ما زالوا متجذرين في مدينة غزة وشمالها، متمسكين بأرضهم وبيوتهم، رافضين بشكل قاطع النزوح نحو الجنوب، موضحًا أن عدد سكان مدينة غزة وشمالها يبلغ أكثر من 1.3 مليون نسمة، بينهم نحو 398 ألفاً من سكان محافظة شمال غزة، ونزح غالبيتهم قسراً إلى غرب المحافظة، إضافة إلى ما يزيد عن 914 ألفاً من سكان محافظة غزة، بينهم ما يقارب 350 ألفاً اضطروا للنزوح من الأحياء الشرقية للمدينة باتجاه وسطها وغربها.
وردا على ادعاءات العدو الإسرائيلي باستخدام الأبراج السكنية في غزة لأغراض عسكرية رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، اليوم الثلاثاء، تلك الادعاءات ووصفتها بأنها 'أكاذيب مكشوفة' تهدف لتبرير التدمير الممنهج ودفع السكان للنزوح القسري.
تصاعد الموقف الدولي
إزاء بدء استباحة مدينة غزة من قبل العدو الإسرائيلي، تواترت ردود الفعل الدولية، رافضة ومدينة لذلك،
وأدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش،' التدمير المنهجي في غزة'، محذرًا من المجاعة والنزوح، وأعلن أنه سيخطر المحكمة الجنائية الدولية، داعيًا الولايات المتحدة لممارسة الضغط على 'إسرائيل' لوقف إطلاق النار.
فيما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، إن العملية البرية التي أطلقتها القوات 'الإسرائيلية' اليوم الثلاثاء، لاحتلال مدينة غزة تضع المدنيين أمام مخاطر جسيمة، مؤكدة أن الجرائم والانتهاكات التي شهدها القطاع خلال العامين الماضيين ما زالت تتكرر.
ودعت، في تدوينه على منصة 'اكس'، المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل بوقف إمدادات السلاح إلى 'إسرائيل'، وفرض عقوبات على المسؤولين 'الإسرائيليين' المتورطين في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي
بدوره، قال برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، إن عمليات الإجلاء الجبرية من مدينة غزة تؤدي إلى استنزاف موارد العائلات، محذراً من أن غياب الوصول الآمن والمستدام للمساعدات يزيد من مخاطر تفاقم الجوع، خاصة بين الأطفال، وفقا لتدوينه على منصة 'إكس'.
من جهتها، أوضحت المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، في مؤتمر صحفي عقدته في جنيف، أن 'إسرائيل' تسعى لجعل غزة غير صالحة للسكن عبر هجومها، مؤكدة أن العديد من الدول تتجاهل معاناة المدنيين، محذرة ، في الوقت ذاته، من أن استمرار تجارة الأسلحة والانخراط الدبلوماسي مع 'إسرائيل' دون توقف يعد أمرًا غير قانوني وغير أخلاقي، داعية إلى محاسبة المسؤولين عن هذه القرارات.
ومن جانبها، أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، اليوم الثلاثاء، أن المدنيين في مدينة غزة يواصلون النزوح قسراً، وذلك نتيجة العملية العسكرية 'الإسرائيلية' المكثفة، مضيفة إن النازحين يصلون إلى مبانٍ تعليمية تابعة لها وأصبحت الآن ملاذاً مؤقتاً لهم، بعد أن فقدوا أماكن آمنة أخرى.
وقالت في تدوينة، إن المزيد والمزيد من الناس في غزة يضطرون إلى ترك منازلهم، والمضي نحو المجهول بلا وجهة.
إلى ذلك، أعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين، عن بالغ القلق إزاء تصاعد القصف العسكري 'الإسرائيلي'، محذرا من أن القصف المستمر على المباني السكنية يؤدي إلى تدمير آخر عناصر البنية التحتية المدنية في المدينة، مما يزيد من المخاطر على حياة المدنيين ويقلص أي احتمال لبقائهم على قيد الحياة.
بدورها، قالت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كالاس، إن 'الهجوم البري الإسرائيلي على غزة سيجعل الوضع اليائس أصلاً أسوأ بكثير' وما يعني المزيد من القتل، المزيد من الدمار، والمزيد من التهجير'.
وفي تصريح نقلته قناة 'الجزيرة'، حذرت وزيرة الخارجية السويدية، ماريا مالمر ستينرجارد، من أن العمليات العسكرية الجارية في غزة تتسبب في نزوح قسري واسع للسكان المدنيين، وهو ما يشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، مؤكدة أن ما يجري يبرز أهمية ممارسة ضغط دولي حقيقي على سلطات العدو الإسرائيلي.
بدوره استهجن رئيس الوزراء الأيرلندي، مايكل مارتن، تصريحات وزير الحرب في حكومة الكيان الإسرائيلي، المجرم يسرائيل كاتس، التي توعد فيها بحرق مدينة غزة.
وقال مارتن: 'أعلن كاتس أن مدينة غزة تحترق فأي عقلية تحرك سلوك الحكومة الإسرائيلية؟'.
إكــس