اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٢ تموز ٢٠٢٥
فرضت واشنطن، الأربعاء الماضي، عقوبات على المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي، وبرّر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في منشور له على موقع إكس، العقوبات على ألبانيزي «لجهودها غير الشرعية والمخزية لحث المحكمة الجنائية الدولية على التحرك ضد مسؤولين وشركات ومدراء تنفيذيين أمريكيين وإسرائيليين»، معتبرا ما تقوم به ألبانيزي «حربا سياسية واقتصادية على الولايات المتحدة وإسرائيل».
تعتبر هذه العقوبات الأولى من نوعها بين الدولة الأمريكية والأمم المتحدة، وجاءت بعد تقرير ألقته ألبانيزي أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قالت فيه إن دولا تساند إسرائيل في مشروعها للهيمنة وتهجير الفلسطينيين، وأن شركات أسلحة عالمية وفرت لتل أبيب 35 ألف طن من المتفجرات ألقتها على القطاع، وهو ما يعادل 6 أضعاف القوة التدميرية للقنبلة النووية التي ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية.
عززت ألبانيزي تقريرها الخطير بأكثر من 200 تقرير وبلاغ من دول وأكاديميين ومنظمات حقوقية توثق حقيقة أن أكثر من 60 شركة عالمية كبرى متورطة في دعم ما وصفته بـ«اقتصاد الإبادة الجماعية» ضد الشعب الفلسطيني. شملت القائمة التي ذكرتها ألبانيزي عمالقة التكنولوجيا مثل غوغل ومايكروسوفت اللتين تشاركان في عمليات التجسس وتزويد إسرائيل بالبرمجيات اللازمة للمراقبة، إضافة إلى شركات الأسلحة، مثل لوكهيد التي تقدم القنابل والقاذفات، وشركات الآليات الثقيلة مثل كاتربيلر وهيونداي التي توفر الجرافات المستخدمة في تدمير البنى الفلسطينية.
بتوجيهه الضوء على دور شركات التقنية العملاقة في «اقتصاد الإبادة» أظهر تقرير ألبانيزي جانبا جديدا على صعيد تاريخ الحروب في العالم، والذي تمثل بارتفاع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنيات الذكاء الصناعي المقدمة من شركات مثل مايكروسوفت و«أوبن إيه آي) إلى قرابة 200 ضعف بعد شن حركة «حماس» عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين أول/ أكتوبر 2023، وهذا مكّن جيش الاحتلال، من جهة، من تحديد الأهداف بسرعة غير مسبوقة، وأدى، من جهة أخرى، إلى تصاعد كبير في عمليات القتل التي تتم بدون توجيه مباشر.
فضحت ألبانيزي أيضا تورّط شركات القطاع المصرفي لبنوك مثل باركليز البريطاني وبي إن بي الفرنسي، قامت بتمويل العمليات الإسرائيلية، وكذلك قطاع التأمين حيث قامت شركات مثل أليانز بدعم المنظومة الاقتصادية للاحتلال.
وجدت هذه الشبكة العنكبوتية الهائلة من الشركات، في الإبادة الجماعية الجارية ضد الفلسطينيين، فرصة ناهزة لتحالف يقوم على خصخصة متزايدة للحرب، وعلى التجريب المنفلت من أي وازع أخلاقي أو قانوني لتشغيل هذه الشبكة الجامعة بين منظومات السلاح والتمويل والمراقبة والتجسس كآلة متعاضدة للقتل، وكانت مؤسسة «غزة الإنسانية»، إحدى «إنجازات» هذه الخصخصة التي تتقلّص فيها القدرة على التمييز بين آليات القتل داخل الجيوش الرسمية وضمن الشركات الخاصة.
من الواضح أن ألبانيزي، قد مسّت العصب الأكثر حساسية، والذي يمثّله هذا التحالف الجديد بين جيش الإبادة الإسرائيلي مع الشركات العالمية الكبرى، وهو ما استدعى ردة الفعل الأمريكية الخارجة عن الأعراف والمنطق ضدها، وحوّلها، في الوقت نفسه، إلى أيقونة إنسانية عالمية.