اخبار اليمن
موقع كل يوم -سبتمبر نت
نشر بتاريخ: ٦ أيار ٢٠٢٥
سبتمبر نت/ تقرير- توفيق الحاج
في حادثة مأساوية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة تبرز المعاناة المستمرة للمهاجرين الأفارقة في اليمن، إذ لقي مطلع الاسبوع نحو 70 شخصاً حتفهم وأصيب 65 آخرون جراء غارات جوية شنها الطيران الأمريكي على محافظة صعدة، الهجوم استهدف كما قيل مركزاً للإيواء يضم 115مهاجرا غير نظامي من جنسيات أفريقية، وقد أثار هذا الحادث تفاعلات واسعة، حيث عبّر الحقوقيون والمنظمات الدولية عن قلقها البالغ إزاء هذه الواقعة الإنسانية، وفي الوقت الذي بقيت الردود الرسمية من الأطراف المعنية ضبابية أكد وسائل إعلام أن 30 شخصاً لا يزالون في عداد المفقودين، ويُعتقد أنهم تحت الأنقاض.
من جانبها، لم تصدر القيادة المركزية الأمريكية أي تعليق رسمي على الحادث، فيما عبرت المنظمة الدولية للهجرة عن حزنها العميق إزاء مقتل المهاجرين في صعدة، ونفت المنظمة ما تناقلته المليشيا من أنها تشرف على المركز مؤكدة إنها لم تكن تشرف على هذا المركز الذي وصفه الحوثيون بمركز الإيواء، مشيرة إلى أنها تلتزم بمراقبة الوضع الراهن عن كثب.
مئات المحتجزين
وفي خضم تناقل وسائل الاعلام خبر استهداف اللاجئين الأفارقة افادت مصادر خاصة إن عدد اللاجئين المحتجزين في المركز يتجاوز 280 شخصا، تم استهدافهم خلال الغارة الجوية، وذكرت المصادر أن جميعهم قتلوا واصيبوا ونجا منهم عدد قليل.
وأشارت المصادر إلى أن هؤلاء اللاجئين كانوا تحت الاحتجاز المؤقت من قبل مليشيا الحوثي، حيث يتم احتجازهم في المركز واستغلالهم أو تجنيدهم أو أخذ منهم مقابل ثم توجيههم نحو السعودية عبر طرق غير شرعية.
دروع بشرية
وتشير التقارير إلى أن مليشيا الحوثي تتخذ المهاجرين دروعا بشرية وتضعهم في أماكن أسلحة ومعسكرات ذات اهمية استراتيجية حيث اتهم محافظ محافظة صعدة، اللواء هادي طرشان الوائلي، مليشيا الحوثي الإرهابية بارتكاب جريمة بشعة جديدة، تمثلت في استحداث سجن احتياطي داخل منشأة معسكر الأمن المركزي غرب مدينة صعدة، مما عرض حياة السجناء والمدنيين للخطر، خاصة أن المنشأة تعد هدفًا محتملاً للقصف.
وأكد طرشان، في تصريح خاص لوسائل إعلامية، أن هذه الجريمة ليست الأولى من نوعها، إذ سبق للمليشيا إنشاء سجون مماثلة داخل منشآت عسكرية أو مواقع حساسة، بهدف استخدام المدنيين دروعًا بشرية.
وأضاف المحافظ أن مليشيا الحوثي، وإن حاولت التنصل من المسؤولية عبر الادعاء بأن السجن تعرض لقصف خارجي، إلا أنها تبقى الجهة المسؤولة أولاً وأخيرًا عن الكوارث والدمار الذي حل بالمحافظة واليمن عمومًا، نتيجة انقلابها المسلح واستمرارها في إشعال الحرب.
وشدد طرشان على أن أحدًا لا يمكن أن يبرر أو يدعم استهداف المدنيين تحت أي ذريعة، إلا أن مليشيا الحوثي تتحمل المسؤولية الكاملة عن كل أذى يلحق بالمدنيين، كونها الطرف الذي جرّ الدمار والمآسي إلى اليمن واليمنيين.
وفيما يتعلق بالضحايا من المهاجرين الأفارقة الذين كانوا ضمن السجناء، أوضح المحافظ أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرضون فيها لانتهاكات فظيعة على يد مليشيا الحوثي.
وذكّر بما وصفه بـ»محرقة صنعاء» التي راح ضحيتها العشرات من المهاجرين الأفارقة في حادثة مروعة وقعت قبل أعوام.
المليشيا هي السبب
وفي تصريح لوكيل وزارة حقوق الإنسان، نبيل عبد الحفيظ، قال فيه: إن موضوع اللاجئين الأفارقة في اليمن منذ تسعينيات القرن الماضي، وحتى الآن، هي عملية متدفقة ومستمرة، ولم تتوقف، ولم يحدث في تاريخ اليمن، أن تم احتجاز هؤلاء وكان أقصى ما يتم أن يكون هناك مخيمات لهم تحت إشراف الحكومة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة.
وأضاف: هذا هو النمط السائد للعمل على حماية هؤلاء وإبعادهم عن أي خطر، بحسب مصادقة اليمن للاتفاقية الدولية لقضايا اللاجئين.
وتابع: هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها مليشيا الحوثي بأعمال تستهدف اللاجئين، فقد قاموا سابقا بضرب الهنجر التابع للجوازات في صنعاء، وبداخله أعداد كبيرة، من اللاجئين، وحدثت كارثة، أدت إلى احتراق المكان وهم فيه، وكانت كارثة كبيرة.
وأردف: مليشيا الحوثي قامت أيضا بأخذ أعداد كبيرة من اللاجئين، وزجت بهم في أتون الحرب، كما وضعت أعداد من اللاجئين في مناطق حدودية واستخدمتهم كدروع بشرية، واليوم استخدامهم في هذا المكان في صعدة، هو جزء أيضا من ذات المخطط، لاستخدامهم كدروع بشرية.
وزاد: نحن هنا لا نبرئ أي استهداف للمدنيين، من قبل الولايات المتحدة أو من غيرها، بل نحن نجرم استهداف المدنيين والأعيان المدنية، هذا شيء مؤكد، وأنه من الضروري أن يكون هناك التزام بقواعد الاشتباك الدولية، وإبعاد المدنيين عن أي استهداف، لكن نقول هنا أيضا بأن هناك وضوحا شديدا في استخدام الحوثيين للمدنيين كدروع بشرية، سواء كانوا يمنيين أو غير يمنيين، وما حدث هو نموذج بهذا الأمر.
وقال: مليشيا أعلنت عبر وزارة داخليتها، إن مركز الاحتجاز تشرف عليه منظمة الهجرة الدولية، ومنظمة الصليب الأحمر، لكن منظمة الهجرة الدولية نفت ذلك، وقالت، إنها لم تكن تعمل في هذا المرفق، وهذا النفي يؤكد أن مليشيا الحوثي تحاول التخلص من جريمة واضحة تماما في استخدام هؤلاء المهاجرين كدروع بشرية.
إدانة أممية
وفي تقرير سابق عن المستجدات الإنسانية ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن أن الحوثيين في صنعاء ومحافظة صعدة، قاموا بترحيل آلاف من المهاجرين الأفارقة نحو عدن.
وأكد المكتب أن المهاجرين يتعرضون للاحتجاز وصنوف الانتهاكات لحقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، قبل إجبارهم على الرحيل باتجاه مناطق سيطرة الحكومة.
وخلال الفترة الأخيرة، وفق المكتب الأممي، زاد عدد المهاجرين الأفارقة الذين يتم ترحيلهم بالقوة من مناطق سيطرة الحوثيين إلى عدن، وهي المناطق التي يوجد فيها نحو 5 آلاف مهاجر تقطعت بهم السبل.
وأشار التقرير إلى أن عدد المهاجرين الأفارقة العالقين في اليمن زاد مؤخراً، إذ يوجد أكثر من 14 ألف شخص في 3 محافظات تقع تحت سيطرة الحكومة، منهم 5 آلاف في عدن، و4.500 في مأرب، ومثلهم في محافظة شبوة. وقال إن هؤلاء بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، وينتظرون رحلات عودة آمنة إلى بلدانهم.
اليمن ممراً للوصول
على الرغم من الإجراءات الأمنية التي تتخذها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، الا أن العام 2025م بدأ أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.
ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام الماضي، فإن مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية ينشر باستمرار وصول السواحل اليمنية مئات المهاجرين غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي.
تجنيد المهاجرين
وفي تقارير سابقة لجهات حقوقية، كشفت، إن مليشيا الحوثي الإرهابية دفعت بأكثر من 300 مهاجر أفريقي، للالتحاق بدورات عسكرية سرية أُقيمت في مناطق عدة في صنعاء وريفها تحت اسم دورات «طوفان الأقصى».
ووفقاً للمصادر، فإن مئات المهاجرين الأفارقة المستهدفين بعملية التجنيد الأخيرة هُم ممن جرى القبض عليهم قبل فترة، ونقلهم على دفعات من محافظة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة إلى معسكرات تدريب تعبوية وعسكرية أُنشئت بعيداً عن متابعة المنظمات الدولية ورقابتها.
وذكر المصادر الحقوقية أن جماعة الحوثي تقوم بمساومة المهاجرين بين الالتحاق بصفوفها للقتال أو ترحيلهم قسراً إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية. وذكرت أن ذلك الاستهداف يُعد ترجمة لتوجيهات كان أصدرها زعيم الجماعة الحوثية، تحضّ على إنشاء معسكرات تعبئة المهاجرين، تبعها شنّ حملات تعقب ومطاردة للمهاجرين الأفارقة في محافظة صعدة أسفرت خلال شهر واحد عن اعتقال 1694 شخصاً من مناطق عدة بالمحافظة، واقتيادهم إلى مراكز احتجاز، بعضها يتبع ما تُسمّى مصلحة الهجرة، وفق ما بثّه مركز الإعلام الأمني الحوثي.
خيارات صعبة
كل هذه المعلومات تشير إلى أن مليشيا الحوثي تستغل المهاجرين الأفارقة في اليمن، وأنها تساومهم بين خيارين قاسيين: إما الانخراط في صفوفها كجنود في صفوف المليشيا، أو الاحتجاز في معسكرات ومراكز غير قانونية تعرضهم للاستهداف والقصف، هذه السياسة الوحشية لم تكن محض صدفة، بل جزءاً من استراتيجيتها لاستغلال المهاجرين كوقود للحرب، أو تصفيتهم وتعقيد المشهد الدولي وجذب التعاطف العالمي، كما هو حاصل الآن في قضية تسويقها لقصف معسكر احتجاز الأفارقة في صعدة والتي كانت السبب وراءها، وكذلك قضية مركز الاحتجاز في صنعاء، إذ تعرض المهاجرون الأفارقة لظروف قاسية وغير إنسانية، حيث تم احتجازهم في مكان ضيق ومكتظ، ثم تم أُحرق العشرات منهم في مركز الاحتجاز، وذلك بحجة حدوث ماس كهربائي، وهذه الحجة كانت مجرد ذريعة لتصفية المهاجرين الذين رفضوا الالتحاق بدورات التجنيد القسرية التي فرضتها المليشيا.
إن هذا التوجه الصارم من مليشيا الحوثي تجاه المهاجرين الأفارقة، سواء في صعدة أو في مناطق أخرى مثل صنعاء، يبرز بوضوح أن ما حدث كان نتيجة مباشرة لرفض المهاجرين الانخراط في دوائر التجنيد الإجباري، وأن حياتهم لم تساوِ شيئًا بالنسبة للمليشيا التي لا تتوانى عن التخلص منهم بأي وسيلة ممكنة.