اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١١ أيلول ٢٠٢٥
وداد نبي*
-1-
تكبرين بعيدًا عنا،
تشيخ مُدنكِ التي عرفتنا أطفالًا،
تتصدّع جدرانكِ التي احتضنت هشاشتنا حين جُرحنا،
يبيض شعركِ مثل أم بعيدة،
تتساقط أسنانكِ في عتم المسافات،
تملأين بيوتنا في المنافي باسمكِ،
وحين تغضبين،
نعود أطفالًا،
نمسك أطراف ثوبكِ كي لا تضيعي منا
-2-
كل صباح،
نضعُ اسمكِ في محرك البحث غوغل – سورية،
نحزن كأطفال بلا نسبٍ في فراغ الجغرافيا،
ونمسح الدموع عن وجهكِ البعيد
-3-
لم تكوني بلادًا،
كنتِ كابوسًا طويلًا،
مجزرة مستمرة،
جُرحًا مفتوحًا،
لكننا لا نزال نراكِ أرجوحة طفولتنا
-4-
طردتنا إلى المنافي،
وأنتِ تعلمين،
روح المرء تنكمش كحبة عنب تحت شمس المنفى،
ينكسر قلبه،
يرق جلده،
تصبح دمعته قريبة،
يغدو بيته عُشًا للكوابيس،
لكنكِ، يا سورية، تخليتِ عنا،
وها نحن ننمو وننمو في المنافي،
ونصبح أطول من جراحنا،
أطول من خريطتكِ القاتلة
-5-
نقيمُ داخل ألبوم الصور
لنحمي ذكرياتنا عنكِ من النسيان
نختبئ داخل النسيان
لنحمي أنفسنا من ذكرياتكِ
-6-
أحيانًا يكون البيت مكانًا،
فكرة،
جسدًا،
شخصًا،
وأحيانًا يكون البيت عناقًا،
وأحيانًا يكون البيت شريطًا حدوديًا
طالما انتظرنا عبوره.
-7-
كلانا يعرف،
لن أعود إليكِ بعد أن غرستِ سكينكِ في جرحي،
وأنتِ لن تكفّي عن المطالبة بأبنائك الضالين،
لكن قبل الموت بقليل،
سأدفن ذكرياتي عنكِ في ركبة المنفى الجريحة
ولن أتذكر سوى زهوركِ البرية،
دروبكِ الأليفة،
ومدنكِ قبل ان تُغمر بالقنابل والأحقاد الصغيرة!
*شاعرة سورية